أثارت الأنباء عن دعم التركي لقوات حكومة الوفاق بالسلاح، في مقابل الأنباء عن دعم بعض دول الإقليم وفرنسا لقوات “حفتر”، تساؤلات حول دلالات هذا الدعم، وتأثيراته على مستقبل الصراع في ليبيا.
وحذر مراقبون من “تدفق الأسلحة لطرفي الصراع الليبي، وسط غياب تام أو تواطؤ من قبل مجلس الأمن الذي فرض حظرا على التسليح في ليبيا منذ 2011، لكن بعضهم اعتبر دعم “أنقرة” لحكومة معترف بها دوليا ليس انتهاكا للقرار الدولي، لكن دعم تمرد “حفتر” هو ما سبب الأزمات المتتالية”.
وحذر تقرير لوكالة “فرانس برس” من أن هجوم “حفتر” على طرابلس يوشك أن يتحول “حربا بالوكالة” بين القوى الإقليمية.
وأشار التقرير إلى أن “حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، مدعوم من دولة الإمارات ومصر، في حين أن دولتي تركيا وقطر تساندان قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، واصفا الوضع الحالي بأنه في حالة “جمود” عسكري وسياسي”، وفق التقرير.
“مدرعات تركية ودبابات أردنية”
وذكرت وكالة “رويترز” أن “عشرات المركبات المدرعة من طراز (بي إم.سي كيربي) تركية الصنع وصلت إلى ميناء “طرابلس” لحكومة الوفاق، كما تداول ناشطون مقاطع “فيديو” لمدرعات جديدة تصل إلى القوات في “طرابلس”، وسط تكبيرات من قبل المستلمين، كما نشرت كتيبة “لواء لصمود” (حكومة)، بقيادة صلاح بادي صورا للمدرعات التركية الجديدة”، فيما لم تعلن تركيا رسميا عن تقديم هذا الدعم.
في المقابل، نشرت صفحات مؤيدة لقوات “حفتر”، وبعضها تابع له مباشرة، صورا لدبابات “أردنية” قالوا إنها وصلت حديثا لدعم “الجيش” في حربه على الإرهاب في العاصمة”، حسب زعمهم.
وأدت الأنباء عن “الدعم التركي” التخوف لدى مؤيدي “حفتر” من تغير قواعد اللعبة لصالح حكومة الوفاق.
حصار “حفتر” وهزيمته
من جهته، قال عضو المكتب الإعلامي لقوات المنطقة الوسطى (حكومة)، محمد الشامي، إن “الدعم الذي تحصلت عليه حكومة الوفاق من دولة تركيا تم عبر اتفاقات شرعية ورسمية، وإن هذه المدرعات لا يشملها قانون حظر الأسلحة على ليبيا، وعسكريا ستغير هذه الخطوة من شأن المعركة”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “ما تستعمله قوات الوفاق هي أسلحة قديمة ومتهالكة، ورغم ذلك صمدت 50 يوما من الدفاع عن العاصمة، في حين تملك قوات “حفتر” مدرعات ودبابات متطورة بعضها صنع في 2019، وكلها مقدمة من قبل الإمارات ومصر”، وفق معلوماته.
وتابع: “بعد الدعم التركي لقواتنا تصبح المعادلة الآن شبه متكافئة، وستنتقل المعركة من مرحلة دفاع عن ضواحي العاصمة إلى مرحلة هجوم، وأتوقع أن قوات الحكومة ستحاصر مراكز القيادة لقوات “حفتر”، وأن هذا الأمر لن يتجاوز عيد الفطر”، كما قال.
دعم “قطري وتركي مستمر”
عضو البرلمان الليبي والمؤيد لعملية “حفتر” في طرابلس، جبريل أوحيدة، قال من جانبه إن “دعم قطر وتركيا لـ”مليشيات” الغرب الليبي لم يتوقف، وما حدث هو إظهار هذا الدعم للعلن فقط، ولا أعتقد أنه سيغير شيئا في مجريات الأحداث”.
وأضاف في تصريح لـ”عربي21″ أن “الجيش (قوات حفتر) ومعه أغلب الليبيين يقومون بالمعركة بهدف استرجاع سيادة وهيبة الدولة، وإنهاء هيمنة “المليشيات” بكافة أجنداتها على القرار السياسي والاقتصادي، ولا خيار في ذلك، وفي المقابل سيقاتل قادة المليشيات للدفاع عن مكاسبهم وأوهامهم”، حسب وصفه.
وأوضح: “لذلك الخيارات محدودة، وقد يحدث وقف غير مشروط لإطلاق النار إذا أراد المجتمع الدولي ذلك، تعقبه خارطة طريق سياسية وأمنية، وإلا ستستمر الحرب إلى أن تنتصر إرادة أغلب الليبيين، أسوة بما حدث في بنغازي ودرنة والموانئ والجنوب الغربي”، كما قال.
“انقلاب” حتى النهاية
لكن أستاذ القانون الدولي بجامعة “طرابلس” الليبية، محمد بارة، أكد أن “الدعم التركي لحكومة الوفاق هو دعم للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا ضد الانقلاب على السلطة من قبل “حفتر”، والعالم كله تأكد الآن أن “حفتر” يريد الاستيلاء على السلطة في ليبيا وحده”.
وبخصوص تأثير هذا الدعم على إجبار “حفتر” على التراجع والتفاوض، قال بارة: “حفتر يريد السلطة في ليبيا كاملة، ولن يرضى بأقل من ذلك، وسيقاتل حتى النهاية من أجل تحقيق هذا الهدف، ولن تكون هناك عودة للحوار ما لم يخسر الحرب”، وفق تقديراته.
“ضغط إيجابي”
بدوره، قال الكاتب والأكاديمي من الشرق الليبي، جبريل العبيدي: “كنا نأمل أن يكون الموقف التركي غير منحاز لطرف في الصراع باعتبار تركيا طرفا إقليميا مهما في المنطقة وشريكا لليبيا في مشاريع اقتصادية كثيرة، ويمكن أن يكون طرفا فاعلا في الحل إذا مارس الضغط الإيجابي على القريبين منه “إيديولوجيا”.
واستدرك قائلا: “لكن، بهذا الدعم العسكري والمجاهرة به جعل من الصعب أن تصبح “تركيا” وسيطا مقبولا بسهولة في أي تسوية سياسية ليبية مقبلة، رغم أني أرى أن فرصة “أنقرة” لا تزال قائمة، وبخصوص ليبيا، فليكف قتلا لليبيين بدم بارد أو بحروب بالوكالة”، وفق كلامه لـ”عربي21″.
اضف تعليقا