منذ فرض الحصار على دولة قطر من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر، قبل نحو عامين، لم تتمكن هذه الدول من تجاهل سيادة دولة قطر وأميرها، بل اضطرت للتغاضي عن شروطها الـ13، لتختزلها إلى مبادئ ستة، ما لبثت أن بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً.

فقد وجهت الدعوات الرسمية من أعلى رأس في السعودية، ممثلة بالملك سلمان بن عبد العزيز، لحضور جميع القمم، آخرها القمة الخليجية في مكة. كما شاركت قطر بجميع المناورات العسكرية الخليجية والإقليمية، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه وسائل الإعلام التابعة لدول الحصار حرباً إعلامية ضد قطر التي تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة على المستوى المحلي والخليجي والعربي والعالمي.

انقسام بـ “دول الحصار”

ترى أوساط إعلامية قطرية أن ما يحصل مع قطر من قبل الدول التي تحاصرها يفتح العديد من التساؤلات حول السبب الرئيسي للحصار، بل والشروط الـ 13 التي طُلب من الدوحة الالتزام بها كلازمة لإعادة العلاقات معها ووقف المقاطعة والحصار.

ومن بين ما يتم تناقله من قبل الإعلاميين القطريين على مواقع التواصل الاجتماعي أن الحالة التي تعاني منها دول الحصار مع قطر يمكن تصنيفها بأنها حالة انفصام، قد تصل إلى حد الخلاف بين الدول المحاصرة وطريقة إدارة هذا الملف، لافتين إلى بعض الخلافات التي تظهر بين حين وآخر بشأن فرض الحصار على قطر.

ويرى الإعلاميون القطريون أن بلادهم دُعيت لمختلف المناسبات الخليجية والعربية والعالمية الرسمية، ولم تجرؤ دول الحصار على تجاهل الدوحة، بل اضطرت للتعامل مع شرط قطر الرئيس والمُعلن منذ اليوم الأول والمتمثل بعدم المس بسيادة الدولة، وهو ما يتم فعلياً.

الجبير ورسالة الملك

وقبل التذكير بشروط دول حصار قطر؛ لا بد من الإشارة إلى التصريح الأحدث لوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير عندما قال إن قطر دولة من مجلس التعاون الخليجي.

واتهم الجبير، في مؤتمر صحفي بمقر وزارة الخارجية السعودية، مؤخراً، قطر بـ”دعم التطرف والإرهاب والتدخل في شؤوننا الداخلية”، على حد تعبيره.

وللإشارة؛ فإن تصريح الجبير جاء قبل رسالة العاهل السعودي الملك سلمان لأمير دولة قطر يدعوه فيها لحضور القمة الخليجية الطارئة في مكة المكرمة بأسبوع فقط.

هل تذكر الشروط الـ 13؟

ومنذ فرض الحصار في الخامس من يونيو من عام 2017 سعت الدول المحاصرة لقطر إلى فرض الوصاية عليها والتدخل في شؤونها السيادية عبر سيل من المزاعم والادعاءات، والتي أكدت الدوحة أنها مرفوضة شكلاً ومضموناً. لكن من الجيد التذكير بها لمقارنتها بسياسة دول حصار قطر الحالية.

كما تضمنت الشروط إغلاق وسائل إعلامية، منها قناة “الجزيرة”، بالإضافة إلى المطالبة بإغلاق القاعدة العسكرية التركية.

وجاء في مقدمة المطالب الجماعية للدول المقاطعة: “إعلان قطر رسمياً عن خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات، ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الإيراني من الأراضي القطرية، والاقتصار على التعاون التجاري مع إيران، بما لا يخل بالعقوبات المفروضة دولياً وأمريكياً عليها، وبما لا يخل بأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع إيران”، بحسب ادّعاءاتها.

دعوة قطر تنسف الشروط

اللافت في الأمر أن هذه التهم والمطالب الموجهة لقطر تنسفها الدعوة الموجهة من قبل الملك سلمان، لحضور قمة خليجية وعربية وإسلامية طارئة في مكة المكرمة، بسبب التهديدات الإيرانية والتصعيد المتواصل من قبل جماعة الحوثيين بقصف أهداف داخل الأراضي السعودية والإماراتية.

وورد في الشروط تكرار للمزاعم نفسها بأن قطر تدعم التنظيمات الإرهابية، حيث طالبت بـ”إعلان قطر قطع علاقاتها مع كافة التنظيمات الإرهابية والإيديولوجية (…) وإدراجهم ككيانات إرهابية، وضمهم إلى قوائم الإرهاب المعلن عنها من الدول الأربع، وإقرارها بتلك القوائم والقوائم المستقبلية التي سيعلن عنها”.

على النحو ذاته، حمل البند الرابع مزاعم مماثلة، وجاء فيه: “إيقاف كافة أشكال التمويل القطري لأي فرد أو كيانات أو منظمات إرهابية أو متطرفة، وكذا المدرجين ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربع، وكذا القوائم الأمريكية والدولية المعلن عنها”.

في شرط آخر، طالب البيان بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وهو أمر لطالما نفته قطر، حيث جاء فيه “وقف التدخل في شؤون الدول الداخلية ومصالحها الخارجية”.

وتأتي الدعوة الأخيرة في ظل استمرار الأزمة الخليجية، بعد أن قطعت دول السعودية والبحرين والإمارات علاقاتها مع قطر في 5 يونيو 2017.

ومنذ ذلك الحين دعا مجلس التعاون الخليجي، قطر، مرتين إلى المشاركة في قممه، فكان آخر حضور للشيخ تميم بن حمد آل ثاني بدورتها الـ38، التي استضافتها الكويت في ديسمبر 2017.

يذكر أن زعماء الدول الخليجية الثلاث التي حاصرت قطر، امتنعت عن حضور قمة الكويت، واكتفت السعودية والإمارات والبحرين بإرسال ممثلين بمناصب وزارية.

وفي القمة الخليجية الـ39 التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2018، غاب أمير قطر، وترأس وزير الدولة للشؤون الخارجية بقطر، سلطان المريخي، وفد بلاده.

ويبقى السؤال برسم الإجابة؛ كيف تكون سياسة الدولة في واد ووسائل إعلامها في واد آخر، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بسياسة خارجية متعلقة بدولة خليجية جارة؟