رغم العقوبات الأمريكية على إيران، وإعلان العراق التزامه بهذه العقوبات، لا تزال البضائع الإيرانية تُسيطر على السوق العراقية، لتُعلن طهران بعد ذلك ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 10 مليارات دولار.

العقوبات الأمريكية على إيران دخلت حيز التنفيذ في 7 أغسطس الماضي وطالت جملة من قطاعات الاقتصاد الإيراني الحيوية، وقّيدت تعامل الشركات الأجنبية معها تمهيداً لحظر نفطها، في حين أعلن العراق التزامه بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران لحماية مصالحه.

عدد من المزارعين والتجار العراقيين اشتكوا من غزو البضائع الإيرانية للسوق العراقية، من بينها الفواكه والخضار وخصوصاً الطماطم رغم منع استيرادها من قبل وزارة الزراعة العراقية، وكذلك السجاد.

وقال المزارع جاسم حسين، نيابة عن عشرات المزارعين الغاضبين من استمرار دخول البضائع الإيرانية إلى العراق: إن “المزارعين في العراق يتعرضون سنوياً لخسائر فادحة بسبب رفد الأسواق بالفواكه والخضار الإيرانية، وخصوصاً الطماطم التي ليس لها طعم ولا لون مقارنة بالطماطم العراقية، مع بداية كل موسم حصاد لمحصول الطماطم”.

ولفت في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى أن “الطماطم الزبيرية التي تلقّب بالنفط الأحمر،  لكونها مورداً اقتصادياً مهماً لآلاف المزارعين، أصبحت لا تساوي شيئاً أمام الطماطم الإيرانية التي تباع في الأسواق بأسعار زهيدة جداً”.

وأضاف: إن “إغراق السوق العراقية بالفواكه والخضار في وقت حصادها سياسة مقصودة لكسر ظهر الاقتصاد العراقي وتدمير ما بقي من الزراعة العراقية”.

ومن جهته، قال عبد الله المرسومي، صاحب وكالات لاستيراد السجاد (المفروشات) في العراق: إن “تجارة السجاد في العراق لا سيما في موسم الشتاء تُعد تجارة رابحة لأصحابها؛ لكنها في هذا العام تأثرت بشكل كبير بسبب سيطرة السجاد الإيراني على الماركات الأخرى في الأسواق العراقية”.

وأوضح المرسومي في حديث لمراسل”الخليج أونلاين”: “بعد العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران تحولت بوصلة تجارة السجاد من إيران إلى تركيا، ومعظم التجار أقبلوا على التجارة بالسجاد التركي بديلاً عن الإيراني خوفاً من تعرض أموالهم للخطر”.

وأشار إلى أن “السجاد التركي رغم جودته وجمال ألوانه الزاهية فإنه تأثر بشكل كبير بسبب غزو السجاد الإيراني بشكل أكبر ممَّا كان عليه قبل العقوبات الأمريكية، ما تسبب بخسائر كبيرة لأصحاب متاجر بيع السجاد للماركات العالمية الأخرى”.

وفي هذا السياق قال مصدر أمني يعمل في إحدى نقاط المنافذ الحدودية مع إيران في حديث لمراسل “الخليج أونلاين”: إن “التبادل التجاري بين العراق وإيران عاد كما كان قبل العقوبات الأمريكية التي فُرضت على إيران”، متهماً “جهات سياسية وحزبية عراقية بتحدي وكسر الإرادة الأمريكية في العراق”.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: إن “سيطرة الأحزاب وبعض المليشيات على الحدود والمنافذ العراقية الإيرانية حوّلت منافذ العراق إلى أبواب مشرعة أمام المنتجات الإيرانية”، مؤكداً أنه “لا يوجد حظر على أي منتج إيراني من دخول العراق”.

وبينما يستشيط العراقيون غضباً من غزو البضائع الإيرانية للأسواق العراقية، التي تمتاز برداءة صُنعها ورخص ثمنها وانتهاء صلاحياتها، وأثرت بشكل مباشر على مجالي الصناعة والزارعة في العراق، أعلنت حكومة البصرة المحلية رغبتها في توسيع العمل التجاري والاقتصادي بين العراق وإيران وجعل الحدود المشتركة مناطق حرة.

وقال محافظ البصرة أسعد العيداني، خلال مؤتمر في غرفة التجارة المشتركة بين محافظة البصرة وإيران في 16 ديسمبر الماضي: إن “الحكومة والتجار والصناعيين البصريين يسعون إلى جعل المحافظة الطريق إلى التكامل الاقتصادي والتجاري وصولاً إلى تفاهمات تفضي إلى فتح الحدود المشتركة ما بين البلدين”.

وفي المقابل أكد السفير الإيراني أيرج مسجدي الذي أثار الجدل بانسحابه من جلسة الاحتفال لحظة الوقوف حداداً على أرواح الشهداء العراقيين، وجود حجم كبير من التبادل التجاري بين العراق وإيران.

وقال مسجدي: إن “هناك فسحة كبيرة في حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران تبلغ نحو 10 مليارات دولار”، معبراً عن “فخره بتصدير بلاده الغاز والكهرباء للعراق باتفاقات مشتركة مع العراق”.

وأشار المسؤول الإيراني إلى أن “حوالي 6 ملايين زائر بين البلدين يزورن العتبات المقدسة”، معتبراً أن ذلك “إسهام في تنمية الاقتصاد وانتعاشه”.

وكان وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري توجَّه إلى العراق مطلع ديسمبر الماضي، وتحدث إلى كبار المسؤولين في بغداد حول العقوبات الأمريكية ضد إيران، داعياً بغداد إلى خفض اعتمادها على واردات الطاقة والغاز والكهرباء من إيران.

ويزاحم الملف الإيراني الشواغل العربية هذه الأيام، عقب تصاعد التوتر في منطقة الخليج العربي على خلفية عقوبات واشنطن على طهران، واتهامات للأخيرة بمحاولة زعزعة أمن المنطقة.