قال ناثان ليفين، زميل العلاقات الأمريكية الصينية في معهد سياسة مجتمع آسيا، إنّ القرن الصيني سيبدأ متى ما بدأت الحرب الأمريكية الإيرانية، معتبراً أن الصين ستكون الرابح الأكبر من هذه الحرب.

وأضاف في مقال له بصيحفة ناشينال إنترست، أن الولايات المتحدة محاصرة بمواجهة مكثفة مع الصين، والعلاقات مستمرة في التدهور السريع؛ ففي الأسابيع القليلة الماضية انهارت المحادثات التجارية، وقام الرئيس دونالد ترامب برفع التعريفات الجمركية على البضائع الصينية، ووقع على أمر بإدراج شركة هواوي الصينية في القائمة السوداء.

ويجري ذلك في وقت تغمر فيه وسائل الإعلام الصينية الخطاب القومي الذي يعد الشعب الصيني “للحرب المطولة” على التجارة.

وأردف ليفين: “هذه التوترات هي توابع لتحول في النهج الأمريكي تجاه الصين؛ حيث تنتقل إدارة ترامب من أربعة عقود من “المشاركة” الاستراتيجية مع بكين إلى حقبة جديدة من “المنافسة الاستراتيجية”.

مقاربة ترامب الصارمة تجاه الصين هي المجال الوحيد الذي يتمتع فيه بدعم واسع من الحزبين، حتى في واشنطن المنقسمة بشكل سيئ هناك اعتراف متزايد بأن الصين ستكون أكثر المنافسين الجيواستراتيجيين الذين واجهتهم الولايات المتحدة على الإطلاق.

ومع ذلك، قال الكاتب إنه في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة أكبر تحدٍّ استراتيجي لها منذ الحرب الباردة، إن لم يكن على الإطلاق، يبدو البعض في الإدارة مشتتاً تماماً على وقع طبول الحرب؛ بسبب تهديد أقل أهمية تماماً هو إيران.

ويعتقد الكاتب أن الأزمة الحالية مع إيران هي نتيجة استخبارات خاطئة، ورغم ذلك فإنّ البلاد تتجه نحو الحرب بسبب الهوس غير العقلاني طويل الأمد مع إيران الذي يهيمن على أذهان بعض مستشاري ترامب الأقرب، وتحديداً مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو.

وأوضح الكاتب أن مثل هذه الحرب قد تفيد بعض حلفاء أمريكا المزعومين في الشرق الأوسط؛ مثل المملكة العربية السعودية، إلا أنها لن تحقق شيئاً للموقف العالمي للولايات المتحدة على المدى الطويل.

وأشار إلى أنّه عندما غزت الولايات المتحدة العراق، في عام 2003، بدأت قيادة الصين تتحدث ببهجة عن “فترة الفرص الاستراتيجية” المدهشة التي استمرت عقدين، حسّنت فيها الصين من قوتها النسبية بينما الولايات المتحدة الدول أهدرت قوتها، والآن، ربما تكون أمريكا على وشك ارتكاب نفس الخطأ مرة أخرى، ولكن على نطاق أوسع.

ومع الأخذ بعين الاعتبار أن إيران يبلغ حجمها وعدد سكانها ثلاثة أضعاف العراق، وأن قواتها العسكرية هائلة للغاية، فليس من الممكن ببساطة أن تكون الحرب مجرد نزهة، فحتى لو كان الصراع قصيراً فإن كارثة القوة الناعمة ستُلحق الضرر بالمكانة الدولية للولايات المتحدة، ومن المرجح أن يصبح الصراع مستنقعاً جديداً يجعل المعارك العسكرية في العراق وأفغانستان تبدو بسيطة بالمقارنة.

ومما يزيد الطين بلة أن الصين وروسيا يمكنهما بسهولة تقديم دعم مادي لإيران في أي نزاع مع منافسهما الأمريكي، ومن ذلك عبر شبكة سهلة الاستخدام من روابط البنية التحتية التي تبنيها الصين عبر آسيا الوسطى كجزء من حزامها وطريقها.

وبيّن الكاتب: “إذا تركنا جانباً جميع الأسباب الأخرى فإن مثل هذا الصراع من شأنه أن يُضعف الموقف الجيوسياسي الأمريكي تجاه الصين في أسوأ وقت ممكن، ما يؤدي إلى إنقاص وتقليل القوة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة أمام الصين التي تنمو بسرعة”.

ولفت إلى أن “استراتيجية الدفاع” الأمريكية خلصت إلى أن “المنافسات الاستراتيجية طويلة الأجل مع الصين وروسيا هي الأولويات الرئيسية” للدفاع القومي الأمريكي، مبيناً صراحة أن “المنافسة الاستراتيجية بين الدول، وليس الإرهاب، هي الآن الشاغل الرئيسي في الأمن القومي للولايات المتحدة”.