المدعي العام طالب بإعدام قريريص رغم عدم تورطه في قتل أحد زاعماً أنه اشترك في نشر الفتنة التي هي أشد من القتل
نشرت شبكة “سي إن إن” الجمعة 07 يونيو/حزيران الجاري تقريراً حول نية السلطات السعودية بمعاقبة المعتقل الشيعي مرتجى قريريص صاحب الـ 18 عاماً بالإعدام “تعزيراً” بعد اعتقال دام نحو 5 سنوات، حيث اعتقل وهو في سن الـ 13 في 2014 بعد مرور ثلاث سنوات على اشتراكه في مسيرة احتجاجية بالدراجات الهوائية، وهي الجريمة الرئيسية التي اعتقل بسببها.
خلفية
في عام 2011، ومع انطلاقة ثورات الربيع العربي في المنطقة، شارك الطفل مرتجى قريريص (والذي كان وقتها يبلغ من العمر 10 أعوام) مع 30 طفلاً آخرين في مسيرة احتجاجية بالدراجات الهوائية بالمنطقة الشرقية بالسعودية، مطالبين النظام باحترام حقوق الإنسان وتطبيق قواعدها في معاملتهم.
بعد مرور 3 أعوام على تلك المسيرة قامت السلطات السعودية باعتقال مرتجى، ابن الـ 13 آنذاك، أثناء مروره بجسر الملك فهد متوجهاً إلى مملكة البحرين برفقة عائلته، وكان وقتها أصغر سجين سياسي في المملكة.
“الفتنة أشد من القتل”
قال التقرير أن السعودية مصنفة من أكثر الدول تنفيذاً لعقوبة الإعدام في العالم، وهو ما يجعلها دائماً عرضة لانتقادات الجماعات والمنظمات الحقوقية على مستوى العالم، خاصة كونها تُنفذ العقوبة في أشخاص كانوا قُصر وقت ارتكاب الجرائم المتهمين بها، مشيراً إلى عملية الإعدام الجماعي التي نفذت بحق 37 شخصاً في أبريل/نيسان الماضي، معظمهم ينتمون للأقلية الشيعية بالمملكة بحسب منظمة “ريبريف”.
وأوضح التقرير أن قريريص كان في العاشرة من عمره عند ارتكابه التهم الموجهة إليه بحسب أوراق القضية، وكان أبرزها مرافقة شقيقه الناشط “علي قريريص” أثناء ركوبه دراجة نارية بالقرب من مركز شرطة في مدينة العوامية بشرق المملكة وقيامه “علي” بإلقاء زجاجة مولتوف على المركز- بحسب إدعاء السلطات.
ولفت التقرير أن “علي قريريص” قُتل برصاص قوات الأمن السعودي أثناء مشاركته في مسيرة احتجاجية في أواخر 2011، وكان وقتها مرتجى قد بلغ الـ 11.
وأضاف التقرير أن المملكة العربية السعودية كانت قد أبلغت الأمم المتحدة أنها لا تفرض عقوبة الإعدام على السجناء المدانين بارتكاب جرائم قبل سن المسؤولية الجنائية، إلا أن سن المسؤولية الجنائية في السعودية غير واضحاً، على الرغم من قيام المملكة بإخبار لجنة حقوق الطفل أنها رفعته إلى سن الـ 12 بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، ومع ذلك فقد تم توجيه اتهامات لقريريص في وقائع تمت قبل بلوغ السن القانوني للمسؤولية الجنائية.
قريريص الآن يحاكم على خلفية بارتكاب تهم متعلقة بالإرهاب، حيث اتهمه الادعاء بالانتماء إلى “جماعة إرهابية متطرفة”، كما اتهم بالقيام بأعمال عنف وشغب أثناء مشاركته في الاحتجاجات المُشار إليها، واستخدام المولوتوف، وإطلاق النار على قوات الأمن، والمشاركة في جنازة شقيقه الذي قتل برصاص قوات الأمن، وجميعها تهم قام قريريص بنفيها مؤكداً أن الاعترافات -التي اعتمد الادعاء عليها- انتزعت منه تحت الضغط والتعذيب.
وذكر التقرير أن الادعاء والذي اعتمد بصورة كبيرة على اعترافات قال قريريص انه أُكره على الإدلاء بها، لم يُحمل قريريص مسؤولية وقوع أي خسائر في الأرواح، ومع ذلك يطالب الجهات القضائية الآن بتوقيع أقصى العقوبات على قريريص، كالصلب أو إقامة حد الحرابة، كونه ارتكب جريمة أكثر فظاعة من القتل، ألا وهي نشر الفتنة، وبحسب الشريعة الإسلامية فإن “الفتنة أشد من القتل”- على حد زعم الادعاء.
يُذكر أن الادعاء تقدم بطلب إعدام قريريص لهيئة المحكمة قبل أشهر من بلوغه الـ 18.
وبحسب التقرير فإن الـ CNN طلبت من السلطات السعودية التعليق على قضية قريريص وعلى أقواله وشرح حيثياتها إلا أنها لم تستجب لذلك الطلب.
انتزاع اعترافات تحت التعذيب
التقرير أشار إلى حالة قاصر سعودي معتقل تم مناقشتها من قِبل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة في الدورة السابعة والسبعين للفريق في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وقتها لم يتم الإفصاح عن اسمه، إلا أنه وبمراجعة تاريخ ميلاده وتاريخ اعتقاله وُجد أنهم متطابقين مع بيانات قريريص.
الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي تحدث في تلك الجلسة عن شكوكه حول تعرض ذلك القاصر للتعذيب لانتزاع الاعترافات منه بعد اعتقاله بصورة غير قانونية على خلفية مشاركته في مظاهرات سلمية كانت تطالب آنذاك بمحاكمة المسؤولين عن وقوع قتلى في صفوف المتظاهرين.
وبحسب التقرير فإن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة والمقرر الخاص المعني بالتعذيب التابع للأمم المتحدة قد رفضا طلب الـ CNN للتعليق على تلك القضية.
ولفتت شبكة الـ CNN أنها تحصلت على معلومات أفادت بأن قريريص قضى ما لا يقل عن عام وثلاثة أشهر في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله.
شيطنة المعارضة
التقرير تحدث عن ادعاءات النظام السعودي حول عدم سلمية المظاهرات المعارضة، حيث قال أن السلطات السعودية كثيراً ما تصف المظاهرات المناهضة للحكومة وسياساتها خاصة تلك التي تنطلق في المنطقة الشرقية في البلاد بأنها عنيفة، ويتم الاعتداء على القوات الأمنية فيها، بحسب ادعاء السلطات.
من جهتهم قام النشطاء بنفي تلك الادعاءات مؤكدين أن المظاهرات التي تخرج مطالبة بالحرية والديموقراطية هي التي تُواجه بالعنف الأمني، ويتم اعتقال الكثير من المشاركين فيها.
بهذا الصدد أجرت الـ CNN حواراً مع الناشط السعودي المقيم في المملكة المتحدة محمد الضامن ، كونه قد شارك في العديد من الاحتجاجات التي شارك فيها قريريص عام 2011، والذي أكد على سلمية كافة تلك المظاهرات والتجمعات، لافتاً إلى أن السلطات لم تقدم أي صور أو فيديوهات تدين المتظاهرين أو تثبت تورطهم في أعمال عنف.
“منذ العام 2015 والنظام السعودي يشن حملة مسعورة ضد المعارضين”، هكذا تحدث التقرير عن الواقع الحقوقي في المملكة، لافتاً أن تلك الحملة اشتدت بالتزامن مع تولي بن سلمان ولاية العهد، واصفاً أنه يسعى لتعزيز حكمه بذلك النهج التعسفي، على الرغم من إعلانه قيادة حملة للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة.
الأمير البالغ من العمر 33 عامًا أمر باعتقال العشرات من رجال الدين البارزين ورجال الأعمال والأمراء، بالإضافة إلى المدافعين عن حقوق المرأة، واتهمتهم السلطات بارتباطهم بعلاقات مشبوهة بكيانات أجنبية، وقد أكدت التقارير الحقوقية تعرضهم للتعذيب، وهو ما تنفيه نفت الحكومة السعودية دائماً.
حالات مشابهة
أكد التقرير أنه إذا تم الحكم على قريريص بالإعدام فسيرتفع عدد الأشخاص الذين تم تصديق حكم الإعدام بحقهم على خلفية اتهامهم في جرائم ارتكبت قبل بلوغهم سن الـ 18 إلى 4 أشخاص خلال هذا العام، حيث سبق قريريص عبد الكريم الحواج، مجتبى السويكات، وسلمان قريش.
وكشف التقرير أن الـ CNN قامت بفحص أوراق قضايا اثنين من الثلاثة المحكوم عليهم بالإعدام وكانوا قصر وقت ارتكاب الجرائم المزعومة، وبفحص تلك الأوراق تبين أنه تم القبض على الثلاثة بسبب أعمال عنف قالت الحكومة إنها ارتكبت خلال الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بالتزامن مع الربيع العربي، وكالعادة لم يعتمد الادعاء إلا على اعترافاتهم التي تراجعوا عنها أمام القاضي وقالوا أنها انتزعت منهم تحت التعذيب والإكراه.
ولفت التقرير أنه لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية إلا بأمر مباشر من الملك سلمان أو ممثله المفوض، والذي كثيراً ما يكون نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
المعارض غير “المُقَنَع”
التقرير تحدث عن بعض الجوانب الشخصية لقريريص وعائلته ذات التاريخ الطويل في معارضة النظام السعودي، فشقيقه علي تم قتله برصاص الأجهزة الأمنية، كما تعرض والده وأحد أشقائه للاعتقال العام الماضي على خلفية معارضتهم للنظام.
الناشط محمد الضامن تحدث عن مرتجى قريريص قائلاً بأنه “كان من ضمن أشخاص قليلين لم يرتدوا أقنعة عند الخروج للمظاهرات، بخلاف أغلب المتظاهرين، كان طفلاً دائماً ما يكون بجانب والده عبد الله”.
الـ CNN نشرت مقاطع فيديو لمرتجى قريريص أثناء تواجده في المظاهرات، تارة ظهر فيها ممسكاً بمكبر الصوت مردداً بعض الهتافات المعارضة، وتارة أخرى يلعب ويضحك مع بقية الأطفال، وقد علقت الشبكة على هذا المشهد قائلة “يقف مرتجى بجانب والده وهو ينظر إلى الكاميرا ويبتسم ويمشي بعيدًا، غير مدركاً لما عليه مواجهته في المستقبل”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا