نقل موقع “فرانس 24” عن وسائل إعلام فرنسية تأكيدها أن متحف لوفر أبو ظبي يضر ماليا بالمؤسسة الأم، وذلك اعتمادا على توصيات ديوان المحاسبة الفرنسي الذي دق جرس الإنذار بشأن الاتفاق التجاري بين لوفر أبوظبي واللوفر باريس، ممهلا الحكومة الفرنسية لتقديم رد في هذا الشأن.
وبحسب تقرير نشرته الأسبوعية الفرنسية “لو كنار أنشيني” فإن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ووزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر تلقيا رسالة بعثها المدعي العام لدى ديوان المحاسبة الفرنسي جيل جواني في 14 مايو (والذي أحيل في 23 مايو للتقاعد)، تدق إنذارا بشأن الاتفاق التجاري بين لوفر أبو ظبي ولوفر باريس.
وجاءت رسالة جواني في شكل وثيقة من ثماني صفحات بعنوان “اتفاقية ترخيص بين متحف اللوفر وحكومة الإمارات العربية المتحدة”، نددت بسوء تصرف المؤسسة الإماراتية التي تحمل اسم أكبر متحف في العالم، ما “يضر بوضوح بالمصالح المالية للوفر” الباريسي.
وكان موقع “منبر الفن” قد نشر في يناير 2018 تحقيقا مطولا عما وصفه بـ”الإدارة الكارثية” لرئيس متحف اللوفر جان لوك مارتيناز، وقد ذكر في ذلك الوقت أن ديوان المحاسبة يحقق في الملف.
وأشار التحقيق إلى عدم احترام الفصل 14 من الاتفاق بين باريس وأبو ظبي في 2007، والذي ينص على عائدات مالية يستفيد منها اللوفر كلما استعمل اسم المتحف تجاريا.
تفاوض وموافقة
وكان يفترض أن يحصل اللوفر على عائدات بقيمة 8% على الأقل، وجب التفاوض عليها في كل عقد تجاري جديد، مع لزوم الحصول على موافقة المؤسسة الأم.
وبشأن هذا الأمر تساءلت صحيفة “لو كنار أنشيني” عن أسباب تأخر العمل بهذه الاتفاقية التي حررت في 2007 ولم تتم المصادقة عليها إلا في 2018.
من جهتها، أكدت “لوفيغارو” أنه خلال كل ذلك الزمن، أي أحد عشر عاما، لم يحصل المتحف الباريسي على العائدات التي تقرها “اتفاقية الترخيص” في كل مرة يستعمل فيها اسم “متحف اللوفر” في “منتوجات تجارية” حسب ما كتبه جواني.
أما موقع “منبر الفن” فعاب مجددا وبالتفصيل في مقال نشر في أكتوبر على انعدام تطبيق هذه الاتفاقية الذي نتجت عنه خسائر مالية كبرى للوفر باريس.
ويقول موقع “فرانس 24” أنه وبناء على مختلف المصادر، لم يتسلم اللوفر الأم بباريس شيئا مقابل العمليات التي قام بها متحف أبو ظبي عند استخدامه العلامة.
خسائر جسيمة
ويقدر “منبر الفن” الخسائر بملايين اليوروهات، بل يؤكد مستندا إلى التفاصيل التي وردت في تقرير المدعي العام في ديوان المحاسبة، أن الإجابة التي حصل عليها من اللوفر والتي تفيد بأن “الفصل 14 من الاتفاق بين الحكومتين في 2007 يطبق بدقة منذ عشر سنوات”، ليست سوى “كذبة واضحة وصريحة”.
ويقول ديوان المحاسبة “إضافة إلى كونها مضرة ماليا، تظهر اتفاقية 2018 خللا” متعدد المستويات ويتابع أن هذا العقد “لم يخضع للموافقة المسبقة لمجلس الإدارة، ما يشكل إخلالا بالقوانين الداخلية للمؤسسة”.
وهكذا لا يقتصر الضرر المالي على عدم احترام الاتفاق لمدة سنوات، فحسب جيل جواني تطورت شروط الاتفاق الذي أبرم لمدة ثلاثين عاما، بين 2007 و2018.
وتوضح “لو فيغارو” أنه اتفق في البداية على أن يحصل المتحف الباريسي على 8%على الأقل، مقابل كل استعمال تجاري لاسم “اللوفر”، لكن هذه النسبة انخفضت إلى “8% على الأكثر” في العقد النهائي.
وتكشف “لو فيغارو” أيضا أن شراكة “نتوقعها مثمرة” ماليا ربطت بين لوفر أبو ظبي وشركة الطيران الإماراتية “الاتحاد” و”دون علم اللوفر الباريسي”.
وتمكنت “الاتحاد” من استخدام ماركة وصورة اللوفر الإماراتي على الطائرات وبطاقات السفر. وأكدت الإمارات أن الاتفاق لا يشمل هذه العملية التي وصفتها بـ”عملية تواصل” يتيحها مبلغ إجمالي قدره أربعمئة مليون دولار تدفعها أبو ظبي على 15 عاما لاستخدام العلامة باستثناء الاستعمال التجاري.
وللتأكد من هذا الرد، طلبت المؤسسة الباريسية الاطلاع على العقد الذي أبرم بين المتحف وشركة الطيران فرفض طلبها.
خلاف وتحكيم
ويأسف المدعي العام في ديوان المحاسبة من أن “مسؤولي المؤسسة العمومية (اللوفر) تخلوا عن اللجوء للتحكيم بشأن هذا الخلاف”، كما يشير جواني إلى أن اتفاقا في 2017 بشأن حملة دعائية عالمية استعدادا لافتتاح اللوفر أبو ظبي لم يجر سوى “شفويا”.
ونصح المدعي العام الذي يستنكر هذه الوضعية، الوزيرين باللجوء إلى القضاء بشأن اتفاقية الترخيص الذي عقدت مع اللوفر أبو ظبي في 2018 وإعادة التفاوض.
وأمام الحكومة شهران لتقديم أجوبة لديوان المحاسبة حول هذا الملف.
من جهته يقول اللوفر الباريسي حسب “لو فيغارو”: ننتظر الصدور الرسمي لتقرير ديوان المحاسبة. اللوفر قدم أجوبة عن جميع هذه الأسئلة.
في هذه الأثناء، لم يفتح متحف اللوفر في باريس أبوابه قبل نحو أسبوعين بسبب عدد ضعيف للحراس وموظفي الاستقبال الذين نفذوا “حق الانسحاب”، ونبهت النقابات من “تدهور غير مسبوق لظروف الزيارة والعمل”.
وافتتح متحف اللوفر أبو ظبي في 11 نوفمبر 2017 أمام الجمهور بعد عشر سنوات على إطلاق المشروع الضخم الذي فاقت تكلفته الـ650 مليون دولار، والذي يمتد اتفاقه على ثلاثين عاما وتوفر في إطاره فرنسا خبرتها وتعير أعمالا فنية وتنظم معارض مؤقتة، في مقابل نحو مليار دولار نصفها لاسم اللوفر وحده.
كما تقوم 13 متحفا فرنسيا على مدى السنوات العشر الأولى بإعارة قطع تاريخية وفنية إلى المتحف في دولة الإمارات ولمدة سنتين حدا أقصى لكل قطعة.
اضف تعليقا