بات حزب “الجمهوريون الفرنسي” اليميني في وضعية بائسة، والرئيس إيمانويل ماكرون وأنصاره القادمون من اليمين لا يتوقفون عن الإجهاز عليه، وعدد من العُمدات والمنتَخَبون اليمينيون، الذين قرروا الانضمام إلى الأغلبية الرئاسية، في ازدياد متصاعد، وهم يقتربون من الثمانين إلى الآن، والأغلبية تنتظر المزيد.

وليس مجرد استعارة توصيف صحيفة “لوجورنال دي ديمانش” لحالة حزب “الجمهوريون” حين كتبت بأنه يوجد في “غيبوبة”، إذ بين المصرّين على البقاء خارج الحزب ككزافيي برتران، ومن قرر الخروج، من أجل العمل من الخارج، كما فاليري بيكريس، وآخرين كثيرين لا يثقون في قيادات معروفة مثل برونو ريتايو وكريستيان جاكوب، ويريدون تشبيب الحزب، يجد حزب المعارَضة الرئيسي، بفضل توفره على أكثر من مائة نائب في البرلمان، وبفضل أغلبيته الساحقة في مجلس الشيوخ، نفسَه في وضعية يائسة، وتبدو معه عملية إعادة البناء في أفق الانتخابات البلدية، التي يريد أن يجعل منها ماكرون استفتاء على شعبيته ومفتاحا لتجديد ولايته الرئاسية، غيرَ مضمونة العواقب.

ولأن اليمين يوجد في وضعية سيئة، فقد عبرت أغلبية الفرنسيين في استطلاع للرأي نشرته “لوجورنال دي ديمانش” عن تشاؤمها من قرب خروج الحزب من هذه الوضعية المزرية.

وحول مستقبل الحزب اليميني رأى 23 في المائة من الفرنسيين أن الحل يأتي عبر تقارب “الجمهوريون” مع حزب الرئيس ماكرون “الجمهورية إلى الأمام”، فيما أيّد 19 في المائة تقاربا مع اليمين المتطرف، الذي تمثله مارين لوبان، ورفض 58 في المائة التقارب مع أي كان.

وفيما يخص الانتخابات البلدية لسنة 2020، عبّرَ 29 في المائة من الفرنسيين عن تأييدهم لتحالفات انتخابية مع حزب الرئيس، فيما عارضها 71 في المائة. أما فيما يخص أنصار “الجمهوريون”، فقد أيّد 31 في المائة منهم اتفاقات انتخابية مع حزب الرئيس ماكرون، وعارضها 69 في المائة.

ومن جهة أخرى، عبر 24 في المائة من الفرنسيين عن تأييدهم لتحالفات بين “الجمهوريون” وحزب مارين لوبان، اليميني المتطرف، وعارضها 76 في المائة. بينما أيّد 26 في المتعاطفين مع “الجمهوريون” تقارب اليمين واليمين المتطرف، فيما عارَضه 74 في المائة.

وحول تقديم مرشح لحزب “الجمهوريون” في رئاسيات 2022، عبر 51 في المائة من الفرنسيين عن أملهم في ألا يقدّم الحزب مرشحاً، بينما أمُل 95 في المائة من المتعاطفين مع “الجمهوريون” في رؤية مرشح للحزب.

في ليلة “الجمهوريون” يُفتَقَد ساركوزي

وقبل أيام فقط، أظهر استطلاع للرأي أن ناخبي اليمين يأمُلون في عودة رئيس الجمهورية الأسبق نيكولا ساركوزي لتقلد منصب رئيس “الجمهوريون”، وإخراجه من هذه الغيبوبة، واستعادة كل مكوناته وتياراته، وجعله جاهزا لكل المعارك الانتخابية القادمة، كما كان عليه الحال أيام حزب “التجمع من أجل حركة شعبية”، الذي قاده إلى الإليزيه سنة 2007.

وبينما يواصل الرئيس الأسبق صمته العلني، إلى درجة أنه لم يُعبّر عن أي موقف أثناء الانتخابات الأوروبية، رغم أنه لم يتوقف عن الاتصال بزعامات يمينية، ومنها جيرار لارشي وكريستيان جاكوب وبرونو ريتايو وغيوم بيلتيي، يحاول بعض أنصاره، وخاصة الأوفياء منهم، التعويل على عودته، وهو ما لا يتوقعه كثيرون، خصوصا أن الخلافات بين مكونات هذا الحزب كبيرة، وبعضها وصل إلى نقطة اللارجوع، وأيضا بسبب تواجُد رئيس جمهورية يقود سياسات يمينية، ويحظى، من حين لآخر، بمدائح من ساركوزي نفسه، الذي يتوَاصَل معه باستمرار، خلافاً للعلاقات السيئة بين رئيس الجمهورية ماكرون مع سلفه فرانسوا هولاند.

وفي آخر الآمال المعبَّر عنها في عودة ساركوزي للحزب، تصريحات بْريس هورتوفو، المقرب جدا من الرئيس الأسبق، والذي شغل في ولاية ساركوزي الرئاسية مناصب وزير الهجرة، ثم الشغل، ثم الداخلية.

وقد ذكَّر بْريس هورتوفو بأن “نيكولا ساركوزي هو آخر من ساعَدَ اليمين على الفوز، وهو الذي يمنح هيبة خاصة نحتاجها”.

ثم أضاف بريس هورتوفو، الذي وصف نفسَه بأنه “ساركوزيٌّ لا يتأكْسَد”، بأن “استطلاعات الرأي تظهر ساركوزي بأنه، اليومَ، هو الشخصية اليمينية التي تنال أكثر نسبة من التقدير”.