قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك، إن الأيام أظهرت أن السودانيين كانوا على حق عندما أعلنوا خوفهم من وصول أموال سعودية وإماراتية للمجلس الانتقالي السوداني؛ فقد أظهرت الوقائع أن جنرالات الجيش وبدعم سعودي وإماراتي يريدون إفشال الثورة الشعبية وعدم تسليم السلطة للمدنيين.
وتابع فيسك، في مقال له بصحيفة الإندبندنت البريطانية: لقد صرخ السودانيون منذ البداية “لا نريد مساعدة سعودية حتى لو كان علينا تناول الفاصولياء والفلافل”، نعم يبدو أن علينا أن نركز على طبيعة الدعم الذي تبذله الإمارات والسعودية للحكومة العسكرية في السودان، خاصة بعد أن ظهرت الجثث طافية على نهر النيل إثر مجزرة نفذها العسكر، بحسب ما يقول فيسك.
ويضيف: “علينا ألا نُفاجأ من هذا الدعم السعودي لوحشية العسكر في السودان، فهذا النظام الحاكم في الرياض يؤمن أن المشاكل السياسية يمكن أن تحل بالموت، يكفي أن تنظر إلى السجناء السعوديين والمحاكمات التافهة التي تعقد لهم، وتشاهد الحرب الإماراتية السعودية على اليمن وما تلاها من موت بشع ومجاعة”.
ويرى فيسك أن المتظاهرين في السودان يريدون الآن إجابات عن طبيعة العلاقة التي تربط دول الخليج وقائد قوات الدعم السعودية، محمد حمدان الملقب بحميدتي، وعبد الفتاح البرهان، الرئيس النظري للمجلس العسكري في السودان الذي سيطر على السلطة بعد الإطاحة بعمر البشير، الرئيس السوداني السابق.
لقد زار كلا الرجلين دول الخليج مؤخراً، ووعدت كل من السعودية والإمارات بتقديم دعم للسودان بقيمة 3 مليارات دولار، وهو ما يريد المتظاهرون أن يجدوا إجابة عنه، بحسب الصحيفة البريطانية.
يدرك السودانيون أن تجربتهم الجديدة والثورة التي أطاحت بعمر البشير تفترض أن تقودهم إلى إجراء انتخابات حرة، كما حصل في مصر بعد ثورة 2011، فالبشير مثل مبارك في مصر، ومحمد طنطاوي، الذي قاد المجلس العسكري عقب خلع مبارك، هو برهان السودان، بحسب الصحيفة.
الانتخابات التي جرت في مصر جاءت بالإخوان المسلمين للحكم، قبل أن ينقض عليهم عبد الفتاح السيسي في انقلاب عسكري عام 2013، لتكون المفاجأة أن السعودية والإمارات قدمتا مساعدة هائلة للسيسي، لذلك فإن السودانيين لا يريدون أن يتكرر السيناريو المصري معهم، ومن هنا فإنهم يفضلون الفاصولياء على أي مساعدة سعودية إماراتية، فاليوم وبعد سنوات من عمر الثورة المصرية، يقول فيسك، فإن مئات الآلاف ممن ساهموا بها هم اليوم إما قُتلوا أو هربوا أو اعتقلتهم أجهزة الأمن.
يقول فيسك إن المليشيات التي يقودها حميدتي، ويبلغ عددها قرابة 10 آلاف مقاتل، بعضهم متهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، تقاتل اليوم مع السعودية ضد الحوثيين، فقد التقى حميدتي مع محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، أوائل مايو الماضي، وتعهد بمواصلة دعم السعودية وإرسال مزيد من القوات السودانية إلى جبهة اليمن.
لقد جنّد عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، العديد من السودانيين للقتال مع السعودية في اليمن، ومن ثم فإنه من غير المفاجئ أن يرغب محمد بن سلمان بمواصلة العلاقة مع البرهان وحميدتي، كما يرى فيسك.
ويتابع: “في خضم هذا التخريب المتواصل لثورة السودان من قبل السعودية والإمارات فإنه لم يصدر أي موقف حول الاضطرابات في السودان من الولايات المتحدة، التي باتت في موقف محرج، ما عدا بياناً غامضاً أكد أن واشنطن تريد الديمقراطية في البلاد، ولكن الجميع يعلم أن الرئيس دونالد ترامب يرى في السيسي رجلاً عظيماً، رغم ما فعله من جرائم، ويرى في محمد بن سلمان حليفاً موثوقاً به، رغم أنه من أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية في تركيا، أكتوبر الماضي”.
اضف تعليقا