أجمع سياسيون فلسطينيون على أن دور ومكانة السعودية في الساحة الفلسطينية شهدا في الفترة الأخيرة تراجعاً غير مسبوق، بسبب تمسك وتبني المملكة للقضايا السياسية والاقتصادية المثيرة التي تطرحها الإدارة الأمريكية وعلى رأسها “صفقة القرن”.
وأكدوا في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أن الوجه الحقيقي للمملكة السعودية قد ظهر واضحاً في السنوات الأخيرة، وباتت ينُظر إليها بالنسبة للفلسطينيين على أنها تؤدي دور “العراب” في المخططات والصفقات التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
ولفت السياسيون إلى أن المملكة لم يتوقف دورها على هذا التهديد فقط، بل هي من أعطت الضوء الأخضر ووفرت كل الدعم لباقي الدول العربية لتغيير مساراتها، والتجرؤ في القفز على الخطوط الحمراء في العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفتح باب التطبيع معها.
ورغم أن السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس، تمسك بالشعرة الأخيرة التي تربطها مع السعودية (المساعدات المالية)، فإن أصوات الفصائل وعلى رأسها “حماس” التي تقطع الرياض كل العلاقات معها، بدأت تعلو وتُسمع بقوة بانتقاد سياسة المملكة تجاه القضية، وتقاربها المتسارع مع “إسرائيل”.
الدور المشبوه
عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، محمود الزهار، أكد أن الدور الذي تؤديه السعودية في القضية الفلسطينية بات “مُريباً” ومحل شك في نياتها، خاصة بعد تبنيها للقضايا المشبوهة التي تطرحها الإدارة الأمريكية وتدعمها “إسرائيل” ويرفضها الفلسطينيون.
وأوضح في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن الكثير من علامات الاستفهام تُحيط بالدور السعودي الجديد في المنطقة، والذي يجري على حساب القضية والمشروع الفلسطينيين، لمصلحة التقرب من دولة الاحتلال، رغم الجرائم اليومية التي ترتكب بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وحقوقهم.
السعودية، بحسب الزهار، هي المسؤولة أمام الفلسطينيين عن فتح باب التطبيع على مصراعيه مع “إسرائيل”، ودعمها ودفعها باقي الدول العربية إلى الدخول من هذا الباب الذي كان مغلقاً طوال السنوات الماضية تماشياً مع قرارات القمم العربية بدعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع دولة الاحتلال.
كر لـ”الخليج أونلاين” أن ما تقوم به الرياض في تبني “صفقة القرن”، وإعلانها الصريح مشاركتها في ورشة المنامة الاقتصادية المقرر عقدها في 25 يونيو الجاري، رغم الرفض الفلسطيني القاطع لهذه الورشة والتحذير الكبير من مخاطرها، يؤكد أنها شريك في تصفية القضية.
واتهم القيادي في حركة “حماس” الرياض بـ”ممارسة سياسة الابتزاز والضغط المالي على الفلسطينيين، لإجبارهم على القبول بالمخططات السياسية والاقتصاية التي تطرحها الإدارة الأمريكية”، معتبراً مواقفها في تقاربها من “إسرائيل” والمشاركة في مشاريع تصفية قضية فلسطين بأنها “انحراف خطير عن العقيدة الفلسطينية”، وسيكون لها تأثير سلبي في المنطقة بأكملها يصب في مصلحة الاحتلال أولاً وأخيراً.
وتتبنى السعودية بشكل مطلق “صفقة القرن” التي تنوي الإدارة الأمريكية طرحها في الفترة المقبلة، رغم احتوائها على بنود تمس القضية الفلسطينية وتشكل خطراً على أهم قضايا الصراع وأبرزها اللاجئون والقدس والحدود، ويعتبرها الفلسطينيون “عرابة” لهذه الصفقة الخطيرة.
وإضافة إلى مواقفها السياسية المثيرة، فهي تتخذ خطوات داخلية أخرى لمعاقبة الفلسطينيين وتشديد الخناق عليهم، ولعل أبرزها قطع علاقاتها مع بعض الفصائل وعلى رأسها حركة “حماس”، إضافة إلى تصعيدها بحق أبناء الجالية الفلسطينية في المملكة من ملاحقة واعتقال وترحيل ومن تضييق على التحويلات المالية لخارج المملكة، وفق تقارير سابقة نشرها “الخليج أونلاين”.
فتح الأبواب مع “إسرائيل”
“الحضور السعودي في الساحة الفلسطينية تأثر بشكل سلبي نظراً للمواقف السياسية التي تتبعها الرياض في علاقتها مع إسرائيل منذ العام 2002، بعد طرح مبادرة السلام العربية التي تعترف بالاحتلال، وما تقوم به الآن كسر القواعد وتخطى حدود المنطق”، يقول كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويضيف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “المواقف السعودية الضعيفة أساءت كثيراً إلى القضية الفلسطينية، خاصة لتبنيها صفقة القرن، وتمسكها بالمشاركة في ورشة المنامة الاقتصادية، رغم غياب الطرف الأساسي في هذه المعادلة وهم الفلسطينيون الذين ناشدوا وحذروا من خطورة المشاركة والتعامل مع تلك الصفقات والورشات”.
وبيّن أنه “كان على السعودية التي تقول إنها تدعم فلسطين وقضيتها أن ترفض الصفقة (صفقة القرن)، وتقول كذلك لا للمشاركة في قمة المنامة، ولكن يبدو أن تبعيتها المطلقة للسياسة الأمريكية والإسرائيلية قد دفعتها إلى هذه المواقف التي ينظر إليها الفلسطينيون بعين الخطورة”.
وتابع عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية حديثه لـ”الخليج أونلاين” بالقول: “الرياض فتحت أبواب التنسيق العلني مع الاحتلال، وأجرت زيارات متبادلة مع تل أبيب، وذهبت باتجاه أن العدو الرئيسي في المنطقة هو إيران لا “إسرائيل”، ودعمها للمخططات والورشات المشبوهة أثر سلباً على دورها وحضورها، باتت في نظر الفلسطينيين تقوم بدور مساعد في الضغط عليهم وتصفية قضيتهم”.
وذكر أن السعودية تعتقد أن الحل مع الفلسطينيين هو بالمال الذي يُقدَم من خلال المشاريع الاقتصادية، مؤكداً أن هذا الاعتقاد خاطئ ولن يقبل به الفلسطينيون الذين يبحثون عن الحل السياسي العادل، ورفض سياسة الابتزاز المالي والإغراء بالمشاريع الكبيرة.
وحاولت الرياض من خلال الدعم المالي المتقطع الذي تقدمه للسلطة الفلسطينية، التغطية على تقربها من “إسرائيل”، خاصة بعد أن شهدت علاقاتهما توتراً في نوفمبر 2017 عقب طلب ولي العهد محمد بن سلمان من الرئيس عباس دعم الرؤية الأمريكية للسلام مع “إسرائيل” بحسب تقارير؛ ما أسفر عن فتور، وتسبب بتوقف الدعم السعودي عن الفلسطينيين عدة أشهر.
وشهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين “إسرائيل” والسعودية في مجالات عدة، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المُقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، السبت (22 يونيو)، عن زيارة لرئيس الاستخبارات السعودي إلى “إسرائيل”، نهاية الأسبوع الجاري.
وتعيش العلاقات السعودية-الإسرائيلية أفضل أيامها في التاريخ؛ إذ أعرب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة “إيلاف” السعودية، عن استعداد “إسرائيل” لتبادل المعلومات الاستخبارية مع الجانب السعودي بهدف التصدّي لنفوذ إيران.
اضف تعليقا