ينتظر أن تحذر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خليفتها من إمكانية انهيار المملكة المتحدة، وذلك في كلمة تلقيها اليوم الخميس في اسكتلندا، لتنضم بذلك إلى الأصوات المطالبة بالابتعاد عن بريكست من دون اتفاق المدفوع بسياسات شعبوية يمينية.

وينتظر أن تؤكد ماي، في كلمتها، على أن أولوية رئيس الوزراء المقبل، والذي يتوقع أن يكون بوريس جونسون، هي في تعزيز وحدة المملكة المتحدة، وخاصة في ظل استعداد اسكتلندا لإجراء استفتاء على الاستقلال. 

وفي مقتطفات من كلمتها تم نشرها مسبقاً، تقول ماي “تجلب وظيفة رئيس وزراء المملكة المتحدة معها عدداً من الميزات والمسؤوليات، والتي لا يشعر المرء بها إلا عند توليه المنصب. 

وأهم وأول هذه المسؤوليات هو واجب تعزيز الاتحاد”. وتخشى ماي من أن بريكست من دون اتفاق سيرفع من دعم الاسكتلنديين للاستقلال، وخاصة أن اسكتلندا صوتت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي عام 2016. 

بل إن ماي قلقة أيضاً، من تبعات سيناريو عدم الاتفاق على أيرلندا الشمالية، والتي ستعاني من أشد الضرر بسبب علاقاتها القوية مع الاتحاد الأوروبي عبر الجمهورية الأيرلندية. 

وكان متحدث باسم ماي قد أقر، أمس الأربعاء، بأنها ستستمر في عملها كنائب في البرلمان البريطاني بعد مغادرتها لمنصبها في رئاسة الوزراء. 

كما لمح المتحدث إلى أن ماي قد تصوت ضد بريكست من دون اتفاق حينها.

ومن جهته، حذر وزير العدل البريطاني ديفيد غوك، أمس الأربعاء، من خطورة الخطاب الشعبوي في سباق خلافة ماي، وما يحمله ذلك من تبعات على الاستقرار السياسي، في إشارة إلى بوريس جونسون وحلفائه من مؤيدي بريكست مشدد في حزب المحافظين. وحذر غوك من أن “القوى الشعبوية وصلت إلى مرحلة من القوة محلياً وعالمياً إلى درجة لم نرها منذ وقت بعيد”. 

وأضاف “إن استعداد السياسيين لقول ما يعتقدون رغبة الشعب بسماعه، واستعداد قسم كبير من الشعب لتصديق ما يقال لهم من قبل السياسيين الشعبويين، قد أدى إلى تدهور في الخطاب العام. وساهم ذلك في نمو عدم الثقة بمؤسساتنا، سواء كانت البرلمان أو الحكومة، أو وسائل الإعلام أو القضاء”. 

كما دان غوك لغة التبسيط الشائعة بين عدد من السياسيين البريطانيين، والتي دفعت المواطنين للاعتقاد بأن “الذين يتعاملون مع قضايا معقدة ليسوا موظفين حكوميين، بل يرونهم كمؤامرة تسعى لإحباط رغبة الشعب. ويصفونهم على أنهم أعداء الشعب”. 

وربما يشير غوك في هذا السياق إلى عنوان نشرته صحيفة “ديلي ميل” عام 2016 هاجمت فيه القضاة الذين حكموا بأن طلب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يجب أن يتم بموافقة البرلمان. وقال “إن استخدام مثل هذه اللغة يدفع إلى حرب مع الحقيقة، حيث نصب السم في حوارنا الوطني”. 

ومن جهة أخرى، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “يوغوف” عن نوايا التصويت لدى الناخبين البريطانيين عن تراجع حزب العمال للمرتبة الرابعة، وبتأييد 18 في المائة فقط. 

وتعد هذه المرة الأولى التي يتراجع فيها حزب العمال لهذه المرتبة المتدنية منذ بدء استطلاعات الرأي في أربعينيات القرن الماضي، إلى جانب تدهور شعبية الحزب أثناء الأزمة المالية عام 2009، عندما كان غوردون براون رئيساً للوزراء. 

ويكشف الاستطلاع عن تراجع شعبية العمال نقطتين عن الأسبوع الماضي، مما يزيد من الشكوك حول قدرة جيريمي كوربن على قيادة الحزب إلى 10 داوننغ ستريت. 

ويدور خلاف حاد في صفوف العمال حول جدوى استراتيجية بريكست التي يتبعها، إضافة إلى اتهامات متجددة بمعاداة السامية تضر بسمعة الحزب بين الناخبين. وتصدر حزب المحافظين الاستطلاع بتأييد 24 في المائة، وليتبعه حزب بريكست بفارق نقطة وحيدة. 

وأتى حزب الديمقراطيين الليبراليين في المركز الثالث عند 20 في المائة، كما حل خامساً حزب الخضر عند 9 في المائة، والحزب القومي الاسكتلندي عند 4 نقاط مئوية. ويشير الاستطلاع إلى تراجع تأييد العمال بين مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي من 48 في المائة بداية العام الحالي إلى 25 في المائة منهم فقط. كما تراجعت شعبية الحزب بين مؤيدي بريكست من 21 في المائة بداية العام إلى 8 في المائة فقط. بينما يبدو أن المحافظين استعادوا بعضاً من شعبيتهم بعد مغادرة ماي، وبدء سباق خلافتها، إلا أنهم ما زالوا يخضعون لمنافسة شديدة من حزب بريكست على قاعدتهم الشعبية. 

وتشير مثل هذه النتائج إلى انهيار نظام الحزبين الذي ساد بريطانيا القرن الماضي، وهيمن عليه العمال والمحافظون، إلا أن النظام الانتخابي البريطاني، والذي يمنح صوتًا واحداً لكل دائرة انتخابية، ولا يعتمد التمثيل النسبي، يجعل من التنبؤ بتركيبة أي برلمان مقبل أمراً صعباً