أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” دخول بلاده بشكل رسمي ساحة الحرب الدائرة في ليبيا بعد بدء عملية عسكرية موسعة تقوم بها قوات “خليفة حفتر” للسيطرة على العاصمة طرابلس.
ويرى مراقبون أن تركيا لم تكن بعيدة عن المشهد الليبي؛ فهي انخرطت فيه بشكل كبير منذ عام 2014، بيد أن الدعم السياسي والعسكري، الذي كان خفيا في جزء منه أصبح اليوم معلنا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي التونسي المختص بالشأن الليبي “نزار مقني” أن “ليبيا اليوم أصبحت ساحة حرب لأجندات وإرادات خارجية أكثر منها حرب بأيدي ومعاول ليبية، حتى إننا يمكننا أن نصنف منها 6 أجندات على الأقل”.
وأوضح لـ”DW عربية” أن الصراع له أطراف متعددة؛ “فهناك الحلف المصري السعودي الإماراتي في مواجهة الحلف القطري التركي، وهناك الصراع الفرنسي الإيطالي بجانب الأجندة الروسية المتعاكسة مع الأجندة الأمريكية”.
وأكد أن الدعم التركي لحكومة الوفاق برئاسة “فائز السراج” والقوات المتحالفة معها لم يكن عسكريا فقط، وإنما كان سياسيا أيضا بمنح الغطاء الدبلوماسي في المحافل الدولية؛ ما خلق توازنا للرعب بين الشرق والغرب في ليبيا، وكذلك في صراع الأجندات السياسية في الشرق الأوسط.
ويرى المحلل السياسي التونسي أن “ما دفع تركيا للإعلان عن موقفها الداعم بهذه الصراحة (لحكومة الوفاق) هو وجود خطاب كامل ومعلن تتبناه دول معينة تدعم حفتر في هجومه على العاصمة الليبية، وهذه الدول معروفة بالاسم وهي مناوئة لتركيا”.
وربما يكون تعدد أطراف النزاع في ليبيا وتشابك المشهد أحد الأسباب القوية التي أدت لفشل مجلس الأمن في الوصول لقرار بإدانة هجوم قوات “حفتر” على طرابلس، ليكتفي بالوصول لــ”مشروع بيان”.
ويدلل “نزار مقني” على ذلك بفشل المجلس في التوافق على ذكر اسم قوات “حفتر” في البيان وإنما الإشارة إليها بقوات الجيش الليبي؛ “ما جعل الموقف في ليبيا انعكاسا لفشل المجتمع الدولي في الوصول إلى حل ليصبح الأمر رغبة في إدارة الصراع دون السعي إلى حله”.
سلاح متدفق
رغم القرار الدولي رقم 1970 الصادر عن مجلس الأمن في مارس/آذار 2011، الذي طالب جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمنع بيع أو توريد الأسلحة ومتعلقاتها إلى ليبيا، بجانب القرار 2420 ، الذي يسمح للدول الأعضاء بتفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا أو القادمة منها بهدف التصدي لدخول السلاح إلى ليبيا، إلا أن الواقع على الأرض كان أمرا مختلفا تماما.
ولم يتوقف السلاح عن التدفق على جانبي الصراع سواء حكومة الوفاق في طرابلس المعترف بها دوليا أو قوات “حفتر”.
وسبق أن قدمت الإمارات ومصر دعما لـ”حفتر” بضربات جوية خلال حملات للسيطرة على شرق ليبيا.
وقال مسؤولون أمريكيون في ذلك الوقت إن كلتا الدولتين وجهتا ضربات جوية على طرابلس في 2014 خلال صراع مختلف لمساعدة قوة متحالفة مع “حفتر”.
وأكدت تقارير سابقة للأمم المتحدة أن دولة الإمارات ومصر تزودان قوات “حفتر” منذ 2014 بالعتاد العسكري مثل المقاتلات والمروحيات؛ ما ساعدها في أن تكون لها اليد العليا في الصراع الليبي المستمر منذ 8 سنوات، ليس هذا فحسب، بل إن تقريرا من هذه التقارير أفاد في 2017 بأن الإمارات بنت قاعدة جوية في منطقة الخادم بشرق ليبيا، حسب ما أوردته “رويترز”.
تغيير موازين القوى
في شباط/ فبراير من هذا العام، أعلنت سلطات الجمارك الليبية مصادرة شحنة أسلحة في ميناء الخمس البحري قالت إن مصدرها تركيا، كان قوامها مدرعات قتالية وسيارات دفع رباعي وذلك بعد أسابيع من إحباط دخول شحنة أسلحة تركية تحتوي على 20 ألف مسدس إلى ليبيا عبر ميناء مصراته، وفق ما أوردت مصادر إعلامية.
ما سبق يعني أن تدفقات السلاح التركي ليست بجديدة، وشأنها في ذلك شأن تدفقات السلاح المصري والإماراتي.
ويقول “مقني” إن دعم تركيا العسكري سيذهب بشكل مباشر وأولي إلى كتائب مصراته وقوات الدرع المشترك الليبية، وستكون في الأغلب أسلحة ثقيلة ومضادة للطائرات، خاصة بعد ما جاء في تصريحات وزير داخلية حكومة الوفاق “فتحي باشاغا”، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في تونس عن الضربات الجوية، التي “تنفذها مقاتلات دول عربية لمساندة قوات حفتر وتقوم بقصف دقيق للمواقع في طرابلس”.
ويرى “مقني” أن هناك غلبة لدى قوات “حفتر” من الناحية العملياتية على مستوى الدعم والإسناد الجوي، وفي الأغلب ستقوم تركيا بمد حلفائها بأسلحة تكتيكية مضادة للطائرات.
كما أنها قد تمد حكومة الوفاق والقوات المتحالفة معها بأسلحة هجومية متطورة ومدفعية ثقيلة لمواجهة الدعم الجوي الإماراتي والذخيرة والسلاح المصريين؛ “ما يمكن القوات من الدفاع ليس فقط من صد الهجوم وإنما التقدم واكتساب مساحات جديدة من الأرض خاصة بعد فتح جبهة سرت وكذلك دعم الموجات الهجومية التي تنفذها قوات البنيان المرصوص في هذه المدينة”.
وفي نفس الإطار، كشف تقرير استخباري أوروبي عن توجه تركي لتسليم حكومة “السراج” في طرابلس دفعة جديدة من الطائرات المسيرة بدون طيار.
وأكد تقرير بموقع “أفريكا إنتلجنس” القريب من الاستخبارات الأوروبية أن تركيا تستعد لتزويد حكومة “السراج” بـ8 طائرات أخرى من طراز “بيرقدار 2”.
اضف تعليقا