يُطلق اسم “إس 400” على منظومة الدفاع الجوي الروسية التي تم تطويرها من عائلة “إس 300” لمواجهة أهداف في مئات الكيلومترات، وهو الاسم الذي بات يتردد بكثرة في وسائل الإعلام المختلفة، بعد شراء تركيا هذه المنظومة من موسكو.

وبدأت تركيا بتسلم المنظومة المشتراة من روسيا ابتداءً من 12 يوليو الجاري، وسط تخوف من الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، اللذين يعارضان شراء أنقرة لهذه المنظومة.

وتوصلت تركيا إلى اتفاق مع روسيا لشراء منظومة “إس 400” سنة 2017، ورغم محاولات واشنطن الضغط على أنقرة وتهديدها بفرض عقوبات وحرمانها من الحصول على المقاتلة “إف 35″، أصر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على إتمام الصفقة وشراء المنظومة الدفاعية الروسية.

بماذا تتميز المنظومة؟

تتميز “إس 400” بدقتها وقدرتها على كشف الأهداف على مسافة 600 كم، وتدميرها سواء كانت صواريخ باليستية أم طائرات شبح، وعلى ضوء الكفاءة العالية التي تتمتع بها، تتوجه المزيد من الدول خارج حلفاء روسيا إلى شرائها.

وتتكون منظومة “إس 400” من 3 أجزء؛ أولها 8 وحدات مضادة للطائرات مجهزة بـ12 منصة إطلاق، والجزء الثاني يضم أنظمة القيادة والتوجيه والرادارات، والثالث يضم الدعم الفني والصيانة.

تدمر المنظومة أهدافاً جوية على مدى 250كم، والصواريخ الباليستية على مدى 60كم، وتتمكن من إسقاط أهدافها في ارتفاعات تتراوح بين 10 أمتار إلى 27كم.

يغطى رادار “إس 400” دائرة قطرها 600كم، ويمكن إعدادها للإطلاق خلال 5 دقائق، ولا تحتاج إلا 10 ثوان لإطلاق صواريخها.

يمكن لـ”إس 400″ إطلاق صواريخ بزاوية مقدارها 90 درجة، في وقتِ تقول موسكو إنها تعمل على تطوير “إس 500” ليكون النسخة الأكثر فتكاً، وفقاً لوكالة “سبوتنيك” الروسية.

وقد وضعت في الخدمة الفعلية اعتباراً من العام 2007.

كيف تعمل “إس 400″؟

تتولى أجهزة التتبع بالرادار طويل المدى رصدَ الهدف وإرسال المعلومات إلى شاحنة القيادة التي تتولى تقييم الأهداف المحتملة.

ما إن يتم التعرف على الهدف وتحديده تصدر شاحنة القيادة الأوامر بإطلاق الصواريخ.

يتم تحويل قرار الإطلاق للشاحنة الموجودة في أفضل موقع لإصابة الهدف، فتنطلق منها صواريخ أرض-جو.

يتولى رادار الاشتباك مهمة توجيه الصواريخ نحو أهدافها بدقة.

فعالية كبيرة

ويقول مسؤول عسكري أمريكي رفيع في قوات البحرية، إن نظامي إس 400 وإس 300 فعالان جداً في التصدي لكل الطائرات والمقاتلات من الجيل الرابع مثل إف 15، وإف 16 وإف 18.

وأضاف وفقاً لقناة “بي بي سي”، أن الطائرات الوحيدة القادرة على العمل في مجال عمليات إس 400 وإس 300 هي طائرات الجيل المقبل مثل طائرة الشبح إف 35 وإف 22 والقاذفة بي 2 التي لا تكشفها أجهزة الرادار.

ويرى الخبراء أنه حتى هذه الطائرات قد تكون عرضة للخطر في حال وجود نظام دفاع جوي متكامل يتضمن ما يكفي من صواريخ نظامي الدفاع الجوي إس 400 وإس 300.

رحلة “إس 400” إلى تركيا!

حصول أنقرة على منظومة “إس 400” الدفاعية كان شاقاً، في ظل الاعتراض والتصعيد الأمريكي، الذي واجهته تركيا بالإصرار على إتمام الصفقة.

وبدأ العقد الموقع بين أنقرة وموسكو في 2017، ونص على تسليم أربع بطاريات “إس 400” مقابل 2.5 مليار دولار. وستدفع تركيا بنفسها جزءاً من قيمة هذه الصفقة على أن يتم دفع الجزء الآخر منها بموجب قرض روسي.

وهددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على تركيا وإلغاء تسليم مقاتلات “إف 35″، رغم أن أنقرة منتجة جزئياً لهذا الطراز من المقاتلات، ودفعت 1.4 مليار دولار مقابل 116 طائرة.

وحذرت الولايات المتحدة مراراً تركيا من تداعيات شراء منظومات “إس 400″، قائلة إن هذه الأسلحة لا يمكن تطابقها مع نظام الدفاع لدول الناتو، وهددت بفرض عقوبات، في حين أعرب حلف شمال الأطلسي، في 12 يوليو، عن قلقه من وصول المنظومة إلى تركيا، عقب وصول أول دفعة من المنظومة إلى مطار عسكري في أنقرة. 

لماذا تخشى واشنطن من المنظومة؟

تعتقد  أمريكا أن “إس 400” يهدد أمن مقاتلاتها من طراز إف 35 التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن”، حيث إن روسيا ستتمكن حال تمت الصفقة من فهم تقنية عمل الطائرات المقاتلة في حلف الناتو، بما فيها إف 35 الأمريكية، ومن ثم تصبح الأنظمة الدفاعية الروسية فعّالة أمام المقاتلات الخاصة بدول الحلف.

هذا القلق العسكري الكبير الذي تشعر به واشنطن من هذه الصفقة عبر عنه جيمس جيفري، الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، والسفير الأمريكي السابق في تركيا، الذي قال إن هناك “مخاوف حقيقية من إمكانية قيام روسيا باستخدام هذا النظام لجمع معلومات استخبارية عن طائرات (إف 35)، التي يقودها الطيارون الأمريكيون والأتراك”.

وفي هذا السياق، تأتي تحذيرات واشنطن وتهديداتها لتركيا بفرض عقوبات واستبعاد أنقرة من برنامج المقاتلات إف 35، وبالفعل أوقفت الولايات المتحدة نهاية الشهر الماضي تسليم عتاد متعلق بالمقاتلة إف 35 الشبح إلى تركيا.

 لماذا اشترت تركيا المنظومة الروسية؟

اضطرّت تركيا إلى اللجوء لروسيا من أجل تلبية متطلباتها الدفاعية، بعد أن رفضت واشنطن، حليفتها في “الناتو”، بيعها منظومة صواريخ “باتريوت” الدفاعية.

وسبق ذلك الرفض سحب “الناتو” بطاريات الحلف من الأراضي التركية عام 2014، في ذروة مرور المنطقة بتوتر؛ من ناحية ظهور تهديد تنظيم الدولة، وتصاعد هجمات حزب العمال الكردستاني، واشتداد الأزمة السورية والتهديدات المحيطة بالحدود التركية.

التشدد الأمريكي دفع أنقرة إلى التوجه نحو موسكو، حيث عقدت معها صفقة لشراء الصواريخ الدفاعية، التي اعتبرتها مجلة “ذي ناشيونال إنتيرست” الأمريكية واحدة من أربعة أنواع أسلحة روسية يخشى حلف “الناتو” من مواجهتها.

وفي محاولة لإقناع أنقرة بالابتعاد عن الصفقة الروسية عرضت وزارة الخارجية الأمريكية بيعها نظام “باتريوت”.

لكن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قال: “عقب العوائق التي حالت دون حصولنا على منظومة باتريوت من حلفائنا الغربيين ما كان لنا أن ننتظر أكثر؛ فنحن بحاجة لحماية أجوائنا فالأخطار تحيط بنا، ومن ضمنها التهديدات الصاروخية”.