قال القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” جايمس ستافريديس، إن “خسارة تركيا، صاحبة ثاني أكبر جيش في الحلف، وفرض عقوبات ضدها، سيكون خطأً جيوسياسياً كبيراً، وسابقة مروعة”.

جاء ذلك في مقال كتبه ستافريديس لموقع “بلومبيرغ”، الخميس، أبدى فيه معارضته لفكرة فرض عقوبات أمريكية على أنقرة على خلفية شرائها لمنظومة الدفاع الجوي الروسية “إس 400”.

وأضاف ستافريديس، وهو خبير وأميرال أمريكي سابق، إن “خطوة كهذه ستكون سابقة مروعة، بأن نرى بلداً تم استبعاده من خلال العقوبات”.

وفي 12 يوليو/ تموز الجاري، أعلنت وزارة الدفاع التركية وصول أول مجموعة من أجزاء منظومة “إس 400” الروسية إلى أنقرة، تلاها وصول عدة طائرات تحمل معدات تابعة لها.

والثلاثاء، انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إدارة سلفه باراك أوباما، محملا إياها مسؤولية عدم بيع تركيا منظومة صواريخ باتريوت رغم إصرارها.

وأضاف ترامب، أن تركيا اضطرت إلى شراء منظومة الصواريخ من روسيا، والآن لا تستطيع الولايات المتحدة بيعها مقاتلات “إف 35” بمليارات الدولارات، بسبب شرائها المنظومة من روسيا.

وفي المقالة التي حملت عنوان “استبعاد تركيا من الناتو فكرة سيئة”، حث المسؤول السابق في الحلف، إدارة ترامب وأوروبا على “استيعاب مدى خطورة هذا الخلاف”.

وأضاف ستافريديس: “لطالما كانت تركيا عضواً عملياتياً قيّماً بالنسبة للحلف – القوات التركية التي كانت منضوية تحت قيادتي كانت قوات محترفة بدرجة عالية، وهي جزء من جهودنا في أفغانستان، وليبيا، ودول البلقان بالإضافة إلى جهود مكافحة القرصنة في البحار”.

واستطرد: “على الغرب أن يضمن حلاً يبقي تركيا عضواً فاعلاً ومساهماً في الحلف على أقل تقدير”.

وذكر الأميرال السابق أن النقاشات حول أنظمة الأسلحة “يجب أن تجري في سياق مختلف عن ذلك الذي اتخذه الخلاف بين أنقرة وواشنطن، وأنه يجب نقل المحادثات إلى مقر حلف الناتو في بروكسل”.

وقال ستافريديس إن “صوتاً موحداً للتحالف يلزم من أجل إقناع تركيا بأن شراء منظومة إس 400، هو خطأ، ولكنه لن يكون نهاية عضوية تركيا في الناتو”.

وحث المسؤول السابق في الناتو “الدول الأعضاء على أن تكون خلّاقة أكثر في معالجة مخاوف معينة”.

وأضاف: “على سبيل المثال، قد يكون هناك حلول تقنية من أجل عزل منظومة إس400 عن باقي أنظمة الدفاع الجوي التابعة للناتو، التي تدار من قاعدة رامشتين الجوية في ألمانيا”.

ويأتي هذا الاقتراح بشكل يعزز من تأكيدات تركيا بأنه لن يكون هناك تضارب غير قابل للحل بين أنظمة الناتو والمنظومة الروسية.

وقبل إقدامها على شراء المنظومة الروسية، اقترحت تركيا بشكل متكرر تشكيل لجنة مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة المسائل الفنية، لكنها لم تتلق رداً على هذه المقترح.

وتابع ستافريديس: “أو هل على الناتو أن يفكر بتشجيع الأتراك على إبقاء منظومة إس 400 ليأكلها الغبار، ومن ثم بيعهم نظام دفاع جوي ذو مدى أبعد، ربما بسعر مخفّض، من أجل سد حاجاتهم الدفاعية المشروعة”.

وانتقد الخبير تعليق واشنطن بيع مقاتلات “أف 35” لتركيا متسائلا: “ألم يكن من الممكن أن يؤجل ذلك – بدل أن يتم إبطاله تحت العقوبات – في الوقت الذي يعمل فيه الناتو على حل المشاكل”.

وسرد ستافريديس قائمة من التوصيات “لإنقاذ العلاقة مع تركيا” حث فيها الناتو على “رفع مستوى الانخراط على جبهات هامة أخرى، مثل تبادل للوفود عالية المستوى، وتشجيع أنقرة على مساهمة أكبر في بعثات الحلف الأخرى، وصولاً إلى المحادثات الفردية”.

وأضاف أن “المزيد من الدمج الدبلوماسي والعملياتي خارج الإطار الضيق للدفاع الجوي قد يكون مساعداً”.

واختتم الخبير العسكري مقالته بالقول: “إذا اختارت تركيا أن تمضي قدماً بمسألة الشراء الكامل لمنظومة إس 400، فعلى طرفي الخلاف أن يعملا على الوصول لحل مقبول لا يضر بوحدة التحالف”.

وتابع قائلاً: “من الممكن إنجاز ذلك، ولكنه سيتطلب الكثير من الجهد والإرادة للوصل إلى تسوية”