لجأت وزارة العمل السعودية إلى التوسع في نظام توطين العمالة أو ما يطلق عليه “السعودة” بعد أن تسبب هبوط أسعار النفط في تباطؤ النمو الاقتصادي كما بلغ عجز ميزانية الدولة 297 مليار ريال في العام 2016.

وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة بلغ معدل البطالة بين السكان السعوديين 12.7 % في الربع الأول من العام 2017 ليصل عدد الباحثين عن عمل إلى ما يقرب من مليون شخص.

وذكر تقرير اقتصادي أصدرته شركة جدوى للاستثمار أن المبادرات التي تضمّنها برنامج “السعودة” سوف تسهم في خفض معدل البطالة على مدى السنوات المقبلة، حيث تهدف السعودية إلى الوصول بمعدل البطالة إلى 9% بحلول عام 2020.

لا شك أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السعودية أثرت عليها بشكل كبير الأمر الذي دعى الحكومة إلى اتخاذ قرارات بخفض الإنفاق وتقليص المشروعات، ما دفع عدد كبير من الشركات إلى تسريح عدد كبير من موظفيها.

وبسبب أزمة البطالة قررت أيضا فرض مجموعة من القيود على توظيف الأجانب، حيث أعلنت وزارة العمل منع عمل الأجانب في مجالات بيع وصيانة الهواتف المحمولة وملحقاتها والمولات التجارية من أجل إتاحة مزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين.

قرار التوطين

وبحسب تصريحات لوكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للسياسات العمالية السعودية، أحمد قطان، فإن وزارة العمل عدلت نسب “السعودة” حسب متطلبات القطاعات المختلفة في برنامج “نطاقات”، بحيث تستهدف إتاحة 3 ملايين وظيفة للمواطنين السعوديين بحلول عام 2020.

وأوضح “قطان” أن 65% من الشركات العاملة في السعودية لن تتأثر بتعديل نسب السعودة، مشيرا إلى أن القطاعات التي لا تعتمد على اليد العاملة السعودية إلا بنسب ضئيلة هي التي ستتأثر بشكل أكبر بتلك التعديلات.

وبموجب القرارات الأخيرة سيتعين على الشركات الكبرى في قطاع التشييد والبناء التي لديها بين 500 وقرابة 3 آلاف موظف، زيادة نسبة الموظفين السعوديين إلى 100%، لتندرج ضمن النطاق البلاتيني، وسيتعين على الشركات الكبرى العاملة بقطاع التجزئة زيادة نسبة السعودة من 35% إلى 100%، ومن 24% إلى 35% لتكون ضمن النطاق الأخضر.

سوق العمل السعودي

ودّعت العمالة الأجنبية في المملكة عصرها الذهبي بعد أن تبدلت الظروف الاقتصادية وباتت تعطي الأولوية بشكل متزايد للعمالة المحلية، حيث يعرف سوق العمل السعودي بالاعتماد على العمال الأجانب وتحديداً في القطاع الخاص، ويعود ذلك لأسباب أهمها الطلب الكبير للعمال في قطاع النفط، وحاجة المملكة الكبيرة لعمال مؤقتين في مشاريع البنية التحتية التي لا تؤمن فرص عمل آمنة للسعوديين.

 تحديات “السعودة”

قالت الهيئة العامة للمحاسبين السعوديين، إن الأجانب يشغلون 160 ألف وظيفة محاسبية لـ 19 نوع من المحاسبة في المملكة، مشيرة إلى أن توطين القطاع يحتاج إلى خطة وطنية، خاصة وأن عدد خريجي الجامعات أقل من احتياج السوق.

وأكد الدكتور أحمد المغماسي الأمين العام لهيئة المحاسبين القانونيين، أنه تم توطين30 في المائة، من المكاتب المحاسبية، بينما بلغت نسبة التوطين في الشركات 2 في المائة.

وأوضح أن معدل خرجي المحاسبة في السنة لا يتجاوز 2000خريج، وهو عدد أقل من المطلوب لإحلالهم بالقطاع، وبالتالي لابد من عمل خطة وطنية ومراحل لتأهيلهم وتوطين قطاع المحاسبة.

وأشار إلى صعوبة توطين القطاع، حيث أنه يعتمد على التخصص بخلاف قطاع التجزئة الذي لا يحتاج إلى تخصص، فمن غير الممكن إحلال مستجدين مكان أصحاب خبرات للشركات الكبرى.

وذكر أن الهيئة قامت بحصر عدد الأجانب العاملين في 19 نوع محاسبة، وتبين أن القطاع بحاجة إلى متخصصين وفنيين محاسبة، مثل المحاسب القانوني ومحاسب التكاليف ومراجع حسابات ومحلل مالي.

 حجم العمالة الأجنبية

أظهرت الإحصائيات الرسمية ، أن إجمالي عدد المقيمين من الجنسيات الأخرى في المملكة بلغ نحو 12 مليون و185 ألف شخص في منتصف العام الماضي، وأن عدد المرافقين للعمالة الوافدة بلغ أكثر من مليوني شخص.

 رسوم الوافدين

طبقت السعودية مطلع يوليو الماضي الخطط والبرامج الجديدة التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وعلى رأسها برنامج “المقابل المالي”.

وبدأت في تطبيق المرحلة الأولى من الرسوم على المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة، وذلك بواقع 100 ريال كرسم شهري للفرد الواحد، على أن ترتفع هذه الرسوم إلى 200 ريال بدءا من 1 يوليو 2018، وتزداد إلى 300 ريال شهريا في 2019، في حين تصل إلى 400 ريال شهريا في 2020.

وتستهدف المملكة من تطبيق هذه الرسوم جمع 2.66 مليار ريال في الفترة من يوليو 2017 وحتى يونيو 2018، و23 مليار ريال بحلول 2020.

وبحسب مقيمين في السعودية استطلعت العدسة آرائهم أكدوا أن عشرات الآلاف من المقيمين قرروا إنهاء إقامة مرافقيهم وإعادتهم إلى دولهم.

وأوضح “محمد” – موظف مصري يعمل بمجال التسويق – أنه وجد نفسه في ورطه ولن يستطيع الوفاء بالالتزامات الكبيرة تجاه الأسرة بعد فرض الرسوم الجديدة عليهم وقرر إعادة زوجته وأبنائه إلى مصر.

ولم يخف “محمد” تخوفاته من إنهاء عمله في أي وقت بسبب قرار “السعودة” وأضاف: “أتوقع ألا يتم التجديد لي بنهاية العقد الحالي وإن تم التجديد هذا العام فلن يتم العام القادم” مشيرا إلى أن العمالة الأجنبية في المملكة حاليا تعيش أسوأ أيامها.