تتوالى القصص والحكايات حول هروب الأميرات من قصر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي تحمل كل يوم سراً جديداً يتم الكشف عنه رغم مرور أعواماً طويلة على بعضها كما في قصة الشيخة شمسة، والتي حاولت الهرب قبل نحو 20 عاماً من قصر أبيها إلا أنه تم الإمساك بها في لندن وإعادتها قسراً إلى دبي، لتنقطع أخبارها حتى الآن، ورغم انقطاع أخبارها إلا أن الحديث عنها وعن ملابسات اختفائها لم يتوقف خاصة بعد انتشار ظاهرة هروب الأميرات من قصر والدها حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
شمسة، هي ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من زوجة جزائرية، وله منها ابنة أخرى تدعى “لطيفة” حاولت أيضاً الهرب العام الماضي بسبب سوء المعاملة داخل القصر، إلا أنه تم الإمساك بها في المحيط الهندي وحبسها في القصر الملكي ليومنا هذا، لتكون قصة هروبها وأسبابها أيقونة هروب الشيخة هيا بنت الحسين، زوجة الشيخ محمد، وشقيقة العاهل الأردني الملك عبد الله، حيث هربت مع ولديها، ومن المرجح أن تبدأ المعركة مع الشيخ محمد على حضانة ولديهما، في المحاكم البريطانية، نهاية الشهر الجاري.
منذ هروب الشيخة هيا الشهر الماضي إلى لندن، والأضواء سلطت مرة أخرى على قصة هروب الشيخة شمسة عام 2000، وفي تقرير نشرته صحيفة “صنداي تايمز” الأحد الماضي، تم الكشف عن رسالة بخط اليد كشف عنها النقاب لأول مرة، خطت فيها الشيخة شمسة عذاباتها داخل قصر أبيها ورغبتها في الهروب بعد فشلها في الانتحار.
الرسالة المُشار إليها كُتبت بحبر أزرق، بخط منمق ومرتب، وجهتها كانت إلى عنوان في لندن، ومؤرخة في 16 سبتمبر/أيلول 1999، وكانت وقتئذ تبلغ من العمر 18 عاماً، قالت فيها الأميرة “أفكر في الهروب منذ زمن”، “أعرف أن هذا لن يحل أيا من مشاكلي، لهذا فكرت في الحديث مع والداتي، إلا أنني اكتشفت أنني لن أتمكن من ذلك”.
الخطاب أرسلته الشيخة شمسة إلى “فاطمة صابري”، وهي ابنة خالتها التي تقيم في لندن، وصفت لها فيها الحنين اليائس من الوجود المترف والخانق في دبي، كان الهدف منها هو “الفضفضة”، حيث قالت ” لا تقلقي، لا تعطيني أفكاراً، ولا تشجعيني على الهرب”، “كل ما أقوله، إنني قررت ولم يعُد لديَّ شيء هنا، ولا أعرف متى أحصل على الثقة، فقبل أسابيع أردت الانتحار”.
التقرير الذي أعدته مراسلة “صنداي تايمز” في الشرق الأوسط، لويس كالاهان، تحدث أيضاً عن تفاصيل هروب الشيخة شمسة، حيث ذكر أنه وبعد أقل من سنة على هذا الخطاب، استقلت شمسة سيارة ماركة “رينج روفر” من من قصر والدها في مقاطعة ساري وهربت، حيث تركت السيارة واختفت؛ وهو ما أدى إلى عملية بحث انتهت بعد شهرين، حيث اختطفت الأميرة وأعيدت قسراً إلى قصر والدها في دبي، لتنقطع أخبارها حتى الآن عن الجميع، إلا أن أخباراً سُربت عنها من قبل بعض المدافعين عن قضيتها ومن بينهم شقيقتها الشيخة اللطيفة، التي قالت إنها تم التحفظ عليها داخل إحدى قصور العائلة في دبي، وتُعطى المسكنات بصورة دائمة.
الصحيفة أجرت حواراً صحفياً مع فاطمة صابري، ابنة خالة شمسة، والتي عاشت مع العائلة المالكة في دبي لفترة قبل بلوغها سن المراهقة، حيث تحدثت عن شمسة والحياة في القصر، التي وصفته بالقفص الذهبي، وعن الأسباب التي دفعتها للمخاطرة بكل شيء والإقدام على خطوة الهروب، كما كشفت “صابري” عن الطريقة التي علمت من خلالها والدتها الجزائرية “حورية”، بخطط هروب شمسة وكيف حاولت الانتحار.
السبب الحقيقي وراء هروب شمسة غير معلوم، إلا أن رسالتها إلى ابنة خالتها تضمنت إعرابها عن خيبة أملها عندما أخبرها والدها الشيخ محمد بأنها لن تذهب إلى الجامعة، وكتبت في رسالتها “تعرفين (أنه) لم يسألني حتى عما أريد دراسته.. كل ما قاله لا! ولست نادمة على سؤاله؛ فلديَّ الجواب الآن، وأنا سعيدة بأنه كان صريحاً، ولن أضيّع وقتي.. أنتظر”.
هموم القصر وذكريات بنات الخالة
فاطمة صابري هي ابنة خالة الشيخة شمسة، تكبرها بأحد عشر عاماً تقريباً، ولدت في المغرب لعائلة جزائرية، وانتقلت للعيش مع خالتها في القصر الملكي بعد زواجها من الشيخ محمد، وكان عمر فاطمة وقتها 12 عاماً.
أوردت الصحيفة عن “صابري” قولها بأن الحياة حين كانوا صغاراً كانت هادئة، كانت وكن يتمتعن بالحرية، ويسمح لهن باللعب، وقالت “كانت لطيفة شقية، بينما كنا نحن مدللات”، و ” وكن يقمن بشقاوات مثل التقاط صور في سيارات رولز رويس أمام المنزل، أو الذهاب في رحلات إلى الصحراء”.
وأضافت “صابري” للصحيفة أن الشيخ محمد كان يزورهم في القصر أحياناً قائلة “كان يأتي، إلا أن ذلك لم يكن تعبيراً عن حبه لهن، أو للقيام بدوره كأب، فالترف الذي كنا فيه كان يتخلله نوبات غضب كبيرة، وكان يتم التعامل مع الأختين أحياناً مثل الخادمات”.
وكشفت “صابري” أن العائلة المالكة كانت تتمتع بقسوة متناهية في التعامل مع الجميع، حيث قالت ” شاهدت مرة عندما كنت في حديقة القصر أحد أفراد العائلة الحاكمة وهو يضرب خادمة بالسوط ولم يكن لدى النساء في العائلة أي سلطة إلا أن شمسة كانت استثناء، فقد قررت أن تجلب أختها لطيفة للعيش معنا، خصوصاً أنها ومنذ ولادتها ظلت تعيش مع فرع آخر من العائلة، وهي ممارسة معروفة لدى العائلة الحاكمة، بل وذهبت بنفسها وأحضرتها”.
حياة “صابري” لم تستمر مع العائلة كثيراً، حيث انتقلت إلى مدرسة داخلية في بريطانيا وهي في سن الرابعة عشر، تاركة وراءها بنات خالتها حبيسات السجن الذهبي، الذي كانت قيوده تزداد كلما كبرن، حيث قالت “صابري” “كن يتمتعن بحرية أوسع وهن صغيرات”، و”عندما كبرن وذهبت لزيارتهن كن يبقين في السيارات ولا يسمح لهن برؤيتي”، وبعد أسابيع من رسالتها، أبدت شمسة “صابري” من خلال مكالمة هاتفية رغبتها في الهرب، مضيفة إنها تشعر بالبؤس والقرف من سجل دبي في حقوق الإنسان، والتي قالت إنها “محض أكاذيب”.
لم تشجع فاطمة صابري ابنة خالتها على محاولة الهرب، بل حاولت ثنيها مؤكدة لها إن الهرب من عائلتها سيكون صعباً، حيث قالت “عندما اتصلت بي شمسة طالبة مساعدتي لم تكن سوى فتاة مراهقة تريد الهرب”، وشعرت بالقلق وطلبت أن أتحدث إلى خالتي وأطلب منها تخفيف القيود التي فرضتها على شمسة”، “إلا أن المكالمة لم تكن جيدة رغم أنني لم تكن تطلب أمراً كبيراً، ولكنها ارتدت عكساً وغضبت خالتي للغاية”، مضيفة “ولم أتواصل مع شمسة بعدها سوى مرة واحدة، وتم ذلك عن طريق صديقة لها كانت شمسة قد كتبت لي رقمها في رسالتها، وبالفعل تحدثت إليها وطلبت منها أن تكون قوية، ثم قررت عدم التواصل معها خشية من أن تتعرض للأذى”.
وأردفت “صابري” قائلة “بعد أكثر من سنة، قرأت عن محاولة شمسة الهرب، وسألت نفسي “ماذا سأفعل؟ ومن أكون أنا حتى أقاتلهم”، ومن وقتها لم يظهر أي شيء عن مصير شمسة حتى الآن.
وذكرت الصحيفة أنه في عام 2017 قامت “صابري” بالاتصال بشرطة كامبريدج شاير، لفتح ملف شمسة مرة أخرى، وأكدت الشرطة أنها فتحت ملف اختفاء شمسة بعد تلقيها معلومات جديدة.
الصحيفة أشارت إلى قصة هروب الشيخة لطيفة شقيقة الشيخة شمسة، وكان ذلك عام 2018، حيث نشرت لطيفة مقطع مصور من 40 دقيقة، وصفت فيه ما تعرضت له شمسة (الآن 38 عاماً)، مضيفة أنها سجينة في قصر والدها بعد محاولتها الهروب، وكانت لطيفة قد سجلت هذا الفيديو أثناء محاولتها الهروب كإجراء أمني في حالة فشل هروبها، وكانت برفقة صديقتها مدربة الفنون القتالية الفنلندية تيانا يوهانين، واللاتي خططتا بدقةٍ لرحلة الهروب على متن يخت إلى الهند، وقبل وصولهما إلى مدينة غاو الهندية، تقول يوهانين إن جنوداً إماراتيين وهنوداً هاجموا القارب، وأخذوا لطيفة وطاقم القارب، ومنذ ذلك الحين ولطيفة أيضاً حبيسة في القصر، وقد دشنت منظمة “سجناء في دبي”، التي يترأسها ديفيد هيغ، حملة للإفراج عنها.
الصحيفة أرجعت سبب هروب لطيفة لما تم مع شقيقتها شمسة، حيث قالت إن هروب لطيفة مرتبط بوضع شمسة وإن كان جاء بعد عقدين؛ وذلك أن لطيفة ظلت غاضبة بسبب معاملة شقيقتها، موضحة أن لطيفة كانت قد حاولت وهي في سن السادسة عشر من عمرها أن تخبر العالم بما يجري لشقيقتها كما جاء في شريط الفيديو العام الماضي، ولكنها أوقفت، وتحدثت قائلة: “قام شخص بإمساكها والآخر بضربها وكرروا هذا كثيراً ” وأضافت أنهم قالوا لها “طلب منا والدك ضربك حتى الموت، وهذه أوامره”.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 ظهرت صورة للطيفة مع الرئيسة السابقة لإيرلندا ماري روبنسون، إلا أن هذه الصورة لم تكن سوى صورة للعلاقات العامة بالنسبة لصابري ولبقية المدافعين عن شمسة.
واختتمت “صابري” حوارها مع الصحيفة قائلة “أعتقد أنني لو ظللت صامتة فلن يتوقف هذا” و”ستكون لطيفة وربما أخريات”.
اضف تعليقا