هاجمت صحيفة “بوسطون غلوب” في افتتاحيتها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقالت إن الولايات المتحدة لا يمكنها غض النظر عن “الأمير القاتل”، وتساءلت في البداية: “ماذا تعني جريمة منشار عظام بين الأصدقاء؟”، مجيبة: لا شيء على ما يبدو.

وانتقدت الصحيفة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، استخدام الفيتو ضد قانون في الكونغرس يحد من صفقات السلاح إلى السعودية، قائلة إن ترامب ضيع فرصة أخرى لمحاسبة حليفة الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، على سلوكها الوحشي في الشرق الأوسط وضد مواطنيها.

وتقول الصحيفة إن الكونغرس ربما لا تتوفر لديه الأصوات الكافية لإلغاء فيتو الرئيس، إلا أن على مجلسي النواب والشيوخ أن يستخدما كل ما يتوفر لديهما من وسائل لمواصلة الضغط على الإدارة والحاكم الفعلي القاتل ولي العهد محمد بن سلمان.

ومرر كلا المجلسين في بداية الشهر قوانين ردا على الحرب الكارثية في اليمن وجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي في قنصلية السعودية بإسطنبول. ومن بين الأمور التي وافق عليها المجلسين منع بيع القنابل والذخيرة والأسلحة الموجهة بدقة إلى الرياض. وكانت الإجراءات التي حصلت على دعم من الحزبين كافية لوقف المبيعات إلى الإمارات، التي كانت حتى الفترة الأخيرة الحليف الموالي للسعودية في حرب اليمن.

وتقول الصحيفة إن الحرب كانت دائما المشروع المحبب للأمير محمد، والتي أعلن عنها عندما كان في سن التاسعة والعشرين. وكانت العائلة المالكة في السعودية تهدف من هذه الحرب، بمساعدة من إدارة باراك أوباما والآن إدارة ترامب، إلى هزيمة المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وهي مهمة كان من المتوقع أن تكون سهلة وتنتهي بسرعة. وقد دخلت الآن سنتها الخامسة، حيث تحولت الحرب إلى “مستنقع” من دون أفق للنهاية.

وأدى القتال إلى سقوط أكثر من 91000 شخص وخلق أكبر كارثة إنسانية، ويعتقد أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن مقتل حوالي 8000 مدني. وقتلت الطائرات المصنعة في الولايات المتحدة والتي أسقطت قنابل أمريكية الصنع هؤلاء المدنيين.

وكان المنع عن بيع الأسلحة بمثابة رسالة لا غبار عليها من الولايات المتحدة لحليفتها المهمة السعودية أنها لم تعد تتحمل. وربما أشار إلى أن جريمة قتل جمال خاشقجي، التي تعتقد الخدمات الاستخباراتية الأمريكية أن الأمير محمد هو الذي أصدر شخصيا الأمر بتنفيذها، ليست مقبولة.

وبعد الكشف عن دور السعودية، قامت المملكة بمحاولة التحكم بالضرر من خلال اعتقال 11 من الموظفين الحكوميين الذين قالت إنهم نظموا ونفذوا جريمة القتل. وطالبت بإعدام خمسة منهم، لكن السعودية لا تستطيع الخروج من هذه المشكلة، فهي بحاجة الالتزام بتوصيات المقررة الخاصة في الأمم المتحدة للقتل خارج القانون من خلال إجراء تحقيق مقبول في الجريمة، بما في ذلك التحقيق في دور ولي العهد والاعتذار علنا عن قتل خاشقجي.

وتساءلت الصحيفة عن المسار القادم للكونغرس، مشيرة إلى أنه قد يحاول تجاوز فيتو ترامب مع أن منظور النجاح فيه ضعيف. وهناك إمكانية أخرى من خلال محاولة المشرعين لمسار آخر عبر ربط صفقات السلاح في المستقبل بشرط مشاركة السعودية في محادثات السلام اليمنية. وربما استخدم ترامب الفيتو ضد هذا المشروع ولكن هناك قيمة لعقد التصويت. وحتى لو لم ينجح في التحول إلى قانون، فإن كل تصويت يرسل رسالة إلى الرياض أن الدعم الدولي لها يتبخر. ولو أرادت إدارة ترامب التوصل لاتفاق سلام في اليمن فعليها أن تستخدم قرارات الكونغرس كورقة ضغط، وإقناع السعودية أن طوال أمد الحرب يعني أنها ستواجه العواقب.

وأوصت الأمم المتحدة بعقد الكونغرس جلسة استماع حول علاقة مسؤولين سعوديين بجريمة قتل خاشقجي، وهو أمر يمكنه عمله من دون موافقة من الإدارة. وتقول الصحيفة إن السعودية هي ملكية مطلقة لا تزال تصلب وتسجن المعارضين وتحرم المرأة من أبسط حقوق الإنسان وتصدر الأيديولوجية المتطرفة إلى بقية العالم.

وأغلق الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون عيونهم على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة من أجل الحفاظ على التحالف الذي استمر سبعة عقود. إلا أن الأمير محمد بنشره التصرفات الشائنة خارج حدود المملكة يتحدى الولايات المتحدة على تغيير موقفها التقليدي بغض النظر “لا أرى شرا”. وحتى تتوقف حرب الحرب وتحقق العدالة لجمال خاشقجي، على الكونغرس مواصلة الضغط على ولي العهد