قالت شركة فيسبوك عملاقة التواصل الاجتماعي يوم الخميس إن أشخاصا مرتبطين بحكومة السعودية أداروا شبكة من الحسابات والصفحات المزيفة على فيسبوك للترويج لدعاية الدولة ومهاجمة الخصوم في المنطقة.
وقالت فيسبوك إنها أغلقت أكثر من 350 حسابا وصفحة عليها جميعا نحو 1.4 مليون متابع في أحدث حملة ضمن جهود مستمرة لمحاربة ”السلوك الزائف المنسق“ على منصتها، وفي أول نشاط من نوعه تربطه بالحكومة السعودية.
وتلجأ دول في الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى مواقع مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب لشن حملات سرية للتأثير السياسي على الإنترنت.
وكشفت رويترز تفاصيل حملة موسعة تدعمها إيران العام الماضي، كما تواجه الرياض اتهامات باستخدام الأساليب ذاتها لمهاجمة غريمتها قطر ونشر معلومات غير حقيقية في أعقاب مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
ولم يرد مركز التواصل الإعلامي السعودي على طلب من رويترز للتعقيب.
ونفت السعودية مرارا الضلوع في مقتل خاشقجي، ولم ترد على مزاعم سابقة بشأن أنشطتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وفرضت المملكة مع حلفاء لها مقاطعة تجارية ودبلوماسية على قطر، متهمة إياها بدعم الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة.
وأعلنت فيسبوك شن حملات على ”السلوك الزائف“ عدة مرات في الشهر لكن نادرا ما تربط البيانات مثل هذه الأنشطة مباشرة بحكومة.
وقال ناثانيال جليتشر مدير سياسة الأمن الإلكتروني في فيسبوك ”بالنسبة لهذه العملية، استطاع محققونا التأكد من أن الأشخاص الذين يقفون وراءها مرتبطون بالحكومة السعودية“.
وأضاف ”في أي مرة تكون هناك صلة بين عملية معلومات وحكومة، يكون ذلك مهما وينبغي أن يعلم الناس“.
وقالت فيسبوك يوم الخميس أيضا إنها أغلقت شبكة منفصلة تضم أكثر من 350 حسابا مرتبطا بمؤسسات
”أحد الجنود المصابين“
قال جليتشر إن الحملة السعودية كانت نشطة على موقعي فيسبوك وإنستجرام واستهدفت بشكل أساسي دولا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بينها قطر والإمارات ومصر وفلسطين.
واستخدمت الحملة حسابات مزيفة تتظاهر بأنها من مواطني تلك الدول كما صممت صفحات لتبدو مثل مواقع إخبارية محلية. وقالت فيسبوك إن أكثر من 100 ألف دولار أنفقت على الإعلانات.
وقال جليتشر ”عادة ما ينشرون بالعربية عن أخبار المنطقة والقضايا السياسية. ويتحدثون عن أمور مثل ولي العهد محمد بن سلمان وخطته للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ونجاحات القوات المسلحة السعودية لا سيما في حرب اليمن“
وقال أندي كارفين، وهو باحث كبير في مختبر التحاليل الجنائية الرقمية التابع للمجلس الأطلسي والذي يعمل مع فيسبوك لتحليل الحملة السعودية، إن بعض الحسابات ترجع إلى 2014 لكن أغلبها أُنشئ في العامين الأخيرين.
وأضاف أن 90 في المئة من المحتوى باللغة العربية وأن بعض الحسابات تعمل بشكل أساسي كصفحات للحكومة والجيش السعوديين.
وأظهرت نسخة من أحد المنشورات السعودية التي عرضتها فيسبوك يوم الخميس ولي العهد السعودي وهو يقبل رأس مريض مضمدة في أحد المستشفيات وكتب تحتها ”سمو الأمير محمد بن سلمان يقبل رأس أحد الجنود المصابين“.
ساحة معارك
تتعرض شركات التواصل الاجتماعي لضغوط متزايدة للمساعدة في وقف التأثير السياسي غير المشروع على الإنترنت.
وقال مسؤولون في المخابرات الأمريكية إن روسيا استخدمت فيسبوك وغيرها من المنصات للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 ويشعرون بالقلق من أنها ستفعل ذلك مرة أخرى في عام 2020. وتنفي موسكو مثل هذه المزاعم.
وقال بن نيمو من مختبر التحاليل الجنائية الرقمية إن عمليات المعلومات على الإنترنت أصبحت مرئية بشكل متزايد مع تبني مزيد من الحكومات والجماعات السياسية تلك الأساليب وتكثيف شركات وسائل التواصل الاجتماعي جهودها للتصدي لها.
وأعلنت فيسبوك عن 11 عملية للتصدي ”للسلوك الزائف“ من 13 دولة مختلفة حتى الآن هذا العام. وتضمن الإعلان الأخير في الأسبوع الماضي حسابات يديرها أشخاص في تايلاند وروسيا وأوكرانيا وهندوراس.
وقالت فيسبوك إن الشبكة التي مقرها الإمارات ومصر والتي تم تفكيكها يوم الخميس أيضا كانت منفصلة عن الحملة السعودية، رغم أنها استهدفت بعض الدول نفسها في الشرق الأوسط وأفريقيا برسائل تروج لدولة الإمارات.
وقال نيمو ”هذا يدل على مدى تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة، لا سيما في الخليج، حيث توجد خصومات إقليمية قوية وتقليد طويل من العمل من خلال الوكلاء“.
وأضاف ”يصبح هذا أمرا طبيعيا إلى حد بعيد… حيثما تتصاعد التوترات الجيوسياسية، تحدث أشياء مثل هذه، ونحن ننتقل إلى فضاء تتعامل فيه المنصات مع ذلك بشكل شبه روتيني“.
اضف تعليقا