تجمع مليونان من الحجاج المسلمين على جبل عرفات يوم السبت وسط حر قائظ وتوترات إقليمية في واحدة من أهم شعائر الحج طلبا للمغفرة.

وقضى الحجاج بملابس الإحرام البيضاء الليلة في مخيمات مترامية الأطراف في نطاق جبل عرفات حيث اختبر الله إيمان نبيه إبراهيم وحيث ألقى محمد رسول الإسلام خطبة الوداع.

وصعد حجاج آخرون كانوا في منطقة منى القريبة في حافلات أو سيرا على الأقدام إلى الجبل قبل الفجر. كان البعض يحمل طعاما وسجاجيد للتخييم ومراوح للتخفيف من حدة الحرارة التي قاربت 40 درجة مئوية.

قال اليمني زايد عبد الله (30 عاما) الذي يعمل في محل بقالة بالسعودية إنه يدعو الله من أجل بلده الذي سقط فيه عشرات الآلاف من القتلى في حرب دفعت باليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم كما يدعو للمسلمين كافة.

وقال ”ما ندعو لليمن فقط، ندعو للمسلمين أجمع، أن يجمع الله شتات المسلمين وأن يجمعهم تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله“.

وأضاف ”نتحمل الحر لأن ذنوبنا أكبر من هذا. نسأل الله أن يخفف عنا حر الآخرة، أما حر الدنيا فنتحمله“.

وقال سائق الأجرة الليبي خالد معتوق (34 عاما) ”أدعو لحقن دماء المسلمين في ليبيا، الأخوة يقتلون بعضهم بعضا. أدعو أن ربنا يلم شملنا“.

وأبدى رمضان الجعيدي (40 عاما) الذي سبق له الحج وهو تاجر أجهزة كهربائية من الجيزة في مصر شعوره بالرضا الشديد لتمكنه من مرافقة والدته لأداء فريضة الحج.

وقال ”أنا قادم مع الحاجة، قدمنا (طلب أداء الحج) والحمد لله ربنا كرمنا لأجل خاطرها – الحاج توفى قبل عام – واللهم لك الحمد كان لنا نصيب نطلع أنا وهي…

”أحسن شعور إن ربنا سبحانه وتعالى اختارنا لنكون في هذا المكان. تقعد تفكر: مصر فيها يعدي المئة مليون والوطن العربي يعدي المئة مليون، ربنا اختارك من ضمن آلاف ومئات. هذا شعور كبير جدا لا يوصف“.

وقد قالت السعودية إن أكثر من مليوني حاج أغلبهم من الخارج وصلوا لأداء مناسك الحج التي تستمر خمسة أيام.

ومن بين من وصلوا من الخارج 200 من الناجين وأسر القتلى في الهجومين اللذين وقعا على مسجدين في نيوزيلندا في مارس آذار.

وسيقضي الحجاج النهار على جبل عرفات. ثم ينتقلون عند الغروب إلى وادي مزدلفة لجمع الحصى الذي سيستخدمونه في شعيرة رمي الجمرات التي تبدأ يوم الأحد أول أيام عيد الأضحى برمية العقبة الكبرى.

* التوترات الإيرانية

تعلق السعودية سمعتها على إشرافها على الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة وتنظيم الحج.

ومن المخاوف الدائمة في موسم الحج احتمال انتشار أمراض بين الحجاج لكثافة الأعداد في أماكن محدودة ولأن كثيرين منهم يتناولون طعامهم في العراء ويفترشون الأرض في الأماكن المقدسة.

وفي سنوات سابقة شهد الحج، الذي يعد أكبر تجمع عالمي للمسلمين، حوادث تدافع وحرائق وأعمال شغب. وسقط مئات القتلى انسحاقا في 2015 في واحدة من أسوأ الكوارث التي وقعت في موسم الحج منذ 25 عاما على الأقل.

وتشتد التوترات بصفة خاصة هذا العام بين السعودية وإيران خاصة بعد احتجاز سفن تجارية ووقوع هجمات على ناقلات قرب مضيق هرمز.

وقد أصبحت المنطقة محور مواجهة بين طهران وواشنطن التي عززت وجودها العسكري في الخليج منذ مايو آيار.

ويمثل الحج عماد خطة للتوسع في السياحة في ظل حملة لتنويع اقتصاد المملكة بدلا من الاعتماد على النفط. ويدر الحج ورحلات العمرة على مدار العام مليارات الدولارات من إيرادات إقامة الحجاج وانتقالاتهم ومصروفاتهم وما يشترونه من هدايا.

ويهدف المسؤولون لزيادة عدد الزائرين للعمرة والحج إلى 15 مليونا وخمسة ملايين على الترتيب بحلول العام 2020 وزيادة عدد المعتمرين إلى 30 مليونا بحلول 2030.