توفى المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين بمصر الأستاذ محمد مهدي عاكف مساء الجمعة الموافق 22 سبتمبر 2017 عن عمر ناهز 90 عاما، داخل مستشفى القصر العيني بالقاهرة بعد تدهور حالته الصحية داخل سجن طره.

وقالت علياء ابنة المرشد العام السابق عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك “أبي في ذمة الله إنا لله وإنا إليه راجعون”. و ذكرت مصادر للعدسة أن قوات الأمن أرغمت أسرة المرشد مهدي عاكف على دفن جثمانه دون الصلاة عليه أو إقامة جنازة له، ومنعت أي شخص من حضور مراسم الدفن من خارج أسرته.

وكانت جنايات القاهرة قد تسلمت منتصف مايو الماضي تقريرا من الطب الشرعي بالحالة المرضية للمرشد السابق الذي كان معتقلا على ذمة القضية المعروفة باسم “أحداث مكتب الإرشاد”.

وأوضح التقرير الذي قدمه ممثل النيابة إلى المحكمة بأنه يعاني من سرطان القنوات المرارية ويبدو عليه الهزال ، مع وجود قسطرة متصلة بجسده، وانتهى التقرير إلى أن عاكف لا يمكنه الانتقال إلى مقر المحكمة، لأن حالته تستلزم رعاية صحية ، فضلًا عن أن انتقاله يهدد حياته، ويعرضها للخطر، وطالب دفاع المرشد السابق بإخلاء سبيله على ذمة القضية، مراعاةً لوضعه الصحي.

وضعه الصحي بالمعتقل

في بداية 2017 ، أعلن مصدر أمني أن محمد مهدي عاكف نقل من محبسه بسجن طره إلى أحد المستشفيات بالقاهرة حيث أودع بالعناية المركزة إثر تدهور صحته.

وقالت أسرة الشهيد بأنه كان يعانى من سرطان بالقنوات المرارية، وضعف مزمن بعضلة القلب، مع وجود قسطرة متصلة بجسده ومع ذلك رفضت المحكمة إخلاء سبيله.

ووفق التقارير الصادرة عن الطب الشرعي فإن الوضع الصحي للأستاذ عاكف لم يكن يسمح له بالتحرك ولا حتى إطعام نفسه وقد رفضت إدارة السجن نقله للمستشفى إلا بعد سقوطه مغشيا عليه بلا حراك

أجريت له عدة عمليات بالسجن بعد إهمال طبي متعمد ورفضت إدارة السجن أن يقضي فترة النقاهة بعد الجراحة في المستشفى وقامت بنقله مرة أخرى إلى محبسه بعد ساعات من إجراءه عملية جراحية خطيرة نهاية مارس 2017 .

من هو مهدي عاكف؟

ولد محمد مهدي عاكف سنة 1928 في كفر عوض السنيطة بالدقهلية، بين عشرة من الأشقاء لوالد ميسور الحال.

وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة المنصورة الابتدائية، وانتقل إلى القاهرة حيث تعلم في مدرسة فؤاد الأول الثانوية بالقاهرة التي حصل منها على التوجيهية (الثانوية العامة)، ودخل المعهد العالي للتربية الرياضية، وتخرج منه سنة 1950، والتحق بكلية الحقوق سنة 1951.

عمل بعد تخرجه مدرسا للرياضة البدنية بمدرسة فؤاد الأول الثانوية، وبعد خروجه من السجن سنة 1974 عمل مديرا عاما للشباب بوزارة التعمير، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية وعمل مستشارا للندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومسؤولا عن مخيماتها الدولية ومؤتمراتها.

وفي عام 1980 سافر إلى ألمانيا وعمل مديرا للمركز الإسلامي بميونيخ، ثم عاد إلى مصر وانتخب عضوا بمجلس الشعب سنة 1987 عن دائرة شرق القاهرة، ضمن قائمة التحالف الإسلامي التي خاض الإخوان الانتخابات تحت مظلتها.

نشأته في جماعة الإخوان

التحق عاكف في عام 1940 بجماعة الإخوان المسلمين ، وانضم إلى التنظيم الخاص للإخوان الذي أنشئ وقتها لمقاومة الاستعمار البريطاني، ورأس معسكرات جامعة إبراهيم (عين شمس حاليا) في الحرب ضد الاستعمار البريطاني بالقناة حتى قامت ثورة 1952.

شغل منصب رئيس قسم الطلبة الذي كان أهم الأقسام في جماعة الإخوان المسلمين وكان يتولاه حسن البنا بنفسه، كما تولى رئاسة قسم التربية الرياضية بالمركز العام للجماعة. وفي عام 1987 اُنتخب عضوا بمكتب الإرشاد، وكان من بين خمسة وثلاثين عضوا للمعارضة بمجلس الشعب.

سجين كل العصور

في أول أغسطس من عام 1954 قبض عليه بتهمة تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف -أحد قادة الجيش- الذي أشرف على طرد الملك فاروق، وحوكم وصدر ضده حكما بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة فقضى 20 عاما بالسجن.

أفرج عنه في عهد السادات سنة 1974 ، وعاد لمواصلة عمله بملف العمل الشبابي في مصر ثم سافر إلى الخارج فأقام معسكرات كبيرة للشباب في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ثم تولى قسم الشباب والطلاب من جديد بجماعة الإخوان بعد عودته إلى مصر في عام 1986.

دخل السجن مع كثيرين من جيل الوسط في حملة اعتقالات قام بها نظام مبارك في صفوف الجماعة وقدمهم للمحاكمة العسكرية وظل رهين السجن في الفترة من 1996 وحتى عام 1999 .

وبعد إنقلاب 3 يوليو 2013 أعيد اعتقاله ضمن المئات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وعشرات الآلاف من أعضائها والقوى المؤيدة لها.

وجهت له تهم عديدة من بينها تهمة إهانة القضاء على خلفية تصريحات نسبتها له صحيفة كويتية، قال فيها إن القضاء فاسد، وبرأته المحكمة من هذه التهمة في مايو 2014، لكنه ظل معتقلا على ذمة قضية واحدة، وهي أحداث مكتب الإرشاد التي وقعت في صيف 2013 والتي شهدت اعتداء العشرات من المسلحين على المقر الرئيسي للجماعة، وحصل على حكم بالمؤبد ألغته فيما بعد محكمة النقض في يناير الماضي، وكان من المقرر أن تعاد محاكمته من جديد.