تعهد انفصاليون بجنوب اليمن يوم الأربعاء بالاحتفاظ بالسيطرة على عدن وأكدوا أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الذي أحدث شرخا في التحالف العسكري بقيادة السعودية هو إخراج الإسلاميين والشماليين من كل مواقع السلطة في الجنوب.

وكان الانفصاليون الذين يتمتعون بدعم الإمارات العضو بالتحالف قد سيطروا على عدن المقر المؤقت للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في مطلع الأسبوع بالاستيلاء على القواعد العسكرية التابعة للحكومة.

وقد تدخل التحالف السني المدعوم من الغرب في اليمن في مارس آذار 2015 لمحاربة حركة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي أطاحت بالرئيس عبد ربه منصور هادي من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر 2014 وانتقال حكومته إلى عدن.

ويمثل المقاتلون الجنوبيون عنصرا رئيسيا في المعركة التي يخوضها التحالف في مواجهة الحوثيين. غير أن الحرب أحيت توترات قديمة بين شمال اليمن وجنوبه اللذين كانا دولتين منفصلتين توحدتا في 1990 تحت قيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وكشفت تلك الأزمة عن خلاف بين السعودية والإمارات حيث تجعل أبوظبي الأولوية للمصالح الوطنية على تحالفهما الاستراتيجي نائية بنفسها عن اليمن وتاركة الرياض تتعامل مع حرب تعمها الفوضى.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر يوم الأربعاء إن أبوظبي ملتزمة بتحالفها و ”بأهدافنا المشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة“.

ورددت أبوظبي دعوة من الرياض للحوار بين الطرفين المتحاربين في عدن لكنها لم تصل إلى حد مطالبة القوات الجنوبية التي تمولها وتسلحها بالتنازل عما حققته من مكاسب.

وقال صالح النود المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬والذي يقيم في بريطانيا لرويترز في مقابلة ”التخلي عن السيطرة على عدن ليس مطروحا على المائدة في الوقت الحالي“.

وأضاف ”نحن هناك باقون لكننا باقون لسبب إيجابي: صونا للاستقرار“.

وقال إن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يعد من أركان حكومة هادي، من مراكز النفوذ كلها ومعها أي ساسة ينتمون للشمال.

ويتهم المجلس الانتقالي الجنوبي حزب الإصلاح بالتواطؤ في هجوم صاروخي دام شنه الحوثيون على القوات الجنوبية في وقت سابق هذا الشهر غير أن الحزب ينفي هذا الاتهام. وقد وعد التحالف بالتحرك عسكريا ضد الانفصاليين إذا لم يخلوا المواقع الحكومية.

وقال النود ”ستكون بداية طيبة جدا أن يتم إخراج الإصلاح من الجنوب كله والسماح للجنوبيين بحكم أنفسهم … نحن نرى أن الإصلاح تغلغل في الحكومة أو سيطر عليها“.

وأضاف أن أحد السبل الممكنة للخروج من المأزق هو تسليم مسؤولية الأمن في الثكنات لقوات الحزام الأمني وهي الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي أو شرطة عدن.

وبلغت الحرب اليمنية مرحلة جمود منذ سنوات وتعرضت السعودية والإمارات لضغوط من الحلفاء الغربيين بما في ذلك الدول الموردة للأسلحة للتحالف وذلك لإنهاء الصراع الذي دفع اليمن إلى حافة المجاعة.

وفي يونيو حزيران قلصت الإمارات وجودها في اليمن وتركت خلفها الآلاف من القوات الجنوبية التي سلحتها ودربتها.

وقال مسؤول يمني لرويترز إن سيطرة الانفصاليين على عدن حظيت بموافقة الإمارات وإن هدفها إبعاد قوات حزب الإصلاح.

وقال مركز سوفان في نيويورك في إفادة يوم الأربعاء ”يبدو الآن أن أبوظبي تعيد النظر في الحكمة وراء السياسة الخارجية السعودية في ظل (ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان والتي لم تحقق انتصارات ملموسة تذكر“.

* هل هي رسالة لمحمد بن سلمان؟

وفي حين تستطيع الإمارات الخروج من اليمن مع الاحتفاظ بنفوذ على القوات الجنوبية فإنه لا يمكن للسعودية الرحيل دون تحييد حركة الحوثي المسلحة على حدودها.

وقال مصدر خليجي مطلع على السياسة اليمنية ”السعوديون أصبحوا بمفردهم… لا أعتقد أنهم يعرفون كيف يخرجون .. يجب عليهم الاعتراف بأن حكومة هادي فشلت على مدى خمسة أعوام“.

وقال النود إن الجنوبيين لن يقبلوا بعد الآن بتهميشهم.

وأضاف ”على السعوديين اتخاذ القرار: فهل يريدون الفوز في الحرب على الحوثيين؟ إذا كانوا يريدون ذلك فعليهم الاعتراف بنا، المجلس الانتقالي الجنوبي، في حكم الجنوب وإدارته حتى في الفترة الانتقالية“.

ودعت الرياض إلى قمة طارئة حول عدن دون تحديد موعد. وقال محمد الحضرمي نائب وزير الخارجية في حكومة هادي لرويترز يوم الأربعاء إنهم لن يحضروا ما لم تكف الإمارات عن دعم المقاتلين الانفصاليين في أعقاب ”الانقلاب“.

وأضاف أنهم لا يمكنهم الذهاب والاجتماع إذا ظل الانفصاليون يسيطرون على عدن ولم ينسحبوا من المواقع.

وقال النود إن لديه رسالة للأمير محمد.

وقال ”أقول لمحمد بن سلمان: إذا كنت تريد فعلا الانتصار في الحرب فقد كان الجنوبيون شركاء ذوي مصداقية وبرهنوا على أن بإمكانهم التواصل بشكل بناء … لكنهم يحتاجون في المقابل الحفاظ على الجنوب نظيفا من هؤلاء المسؤولين الفاسدين المنتسبين للإصلاح“.

وقال النود إن عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة متأخرة كثيرا ومن الضروري أن تلحق بالتطورات.

وتواجه الأمم المتحدة صعوبات في تنفيذ اتفاق سلام متعثر في ميناء الحديدة الواقع إلى الشمال من عدن وتخفيف التوترات بين السعودية والحوثيين لتمكين الأطراف من إجراء مباحثات سياسية لتشكيل حكومة انتقالية من أجل إنهاء الحرب.

وقال النود ”أي موقع سلطة يجب أن يكون في أيدي الجنوبيين. يجب منح الجنوبيين السلطة لحكم أنفسهم ويجب أن يتواصل الجنوبيون كشريك كامل في عملية السلام“.

وأضاف ”مازال بإمكاننا أن نكون جزءا من اليمن ويمكن لهادي أن يظل رئيسا لكن لابد أن يحكم الجنوبيون الجنوب“.

هل سينفصل الجنوب؟

يقول النود ”أنا لا أحاول تحاشي القول إننا سننفصل لأن هذا احتمال حقيقي الآن“ مضيفا أن أحد الخيارات هو وجود حكومتين، واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب.