أرجعت وكالة “أسوشييتد برس” الموقف الصامت لدول الخليج العربية إزاء أزمة إقليم كشمير إلى كون الهند شريكاً تجارياً أكثر أهميةً لدى هذه الدول من باكستان.

وذكرت الوكالة الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس، أن دولاً خليجية آثرت الموقف الصامت، لحماية مصالحها التجارية التي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار سنويا، مشيرة إلى أن الهند هي أكبر الشركاء الاقتصاديين في شبه الجزيرة العربية.

ويأتي صمت أغلب الدول الخليجية بالرغم من تجريد الهند لإقليم كشمير من الحكم الذاتي، وفرض حظر تجول عسكري، وعزل السكان عن الاتصالات والإنترنت، إذ لم تصدر دول: الكويت وقطر والبحرين وعمان، أي بيانات بشأن القضية، بينما وقفت الإمارات إلى جانب الهند، بعد وصفها قرار إلغاء الوضع الخاص لكشمير بـ “الأمر الداخلي”.

أما السعودية فتبدو في وضع معقد، بسبب علاقتها الوثيقة مع كل من الهند وباكستان، على حد سواء، إضافة إلى تنافسها مع تركيا وإيران على قيادة العالم الإسلامي، ما كان له أثر في موقفها “المتردد” بحسب وصف “أسوشيتدبرس”.

وفي هذا السياق، لفتت الوكالة الأمريكية إلى البيان السعودي المختصر حول أحداث كشمير، الذي ذكر أن “المملكة تتابع الوضع وتدعو إلى تسوية سلمية، بما يتماشى مع القرارات الدولية”.

وعن دوافع موقف الدول الخليجية من قضية كشمير،  أورد التقرير أن دول الخليج تضم أكثر من 7 ملايين من المغتربين الهنود، الذين يساعدون في دعم اقتصاد المنطقة، كما أن المدن الخليجية تعج بالأطباء والمهندسين والمدرسين والسائقين وعمال البناء وغيرهم من ذوي الأصول الهندية.

وفي الإمارات تحديدا، يفوق عدد الهنود عدد المواطنين، وتجاوزت التجارة الثنائية بين البلدين قيمة الـ 50 مليار دولار عام 2018.

كما يعتبر الهنود أكبر المستثمرين الأجانب في سوق العقارات في دبي، وتخطط إدارة الموانئ في دبي لتطوير مركز لوجستي في كشمير.

ولذا أبدت الإمارات تأييدا لموقف نيودلهي من أزمة كشمير، بتصريح لسفيرها بالهند “أحمد البنا”، الذي وصف التغييرات في الإقليم بأنها “ستحسن العدالة الاجتماعية والأمن، وتزيد من الاستقرار والسلام”.

بينما يتخوف منتقدو قرار الهند من سعي نيودلهي إلى إحداث تغيير ديموغرافي في كشمير، ويعتقدون أن خطوة إلغاء الحكم الذاتي للإقليم قد تسمح لغير الأهالي، خاصة الهندوس، بشراء الأراضي في المنطقة، ما سيؤدي إلى تغيير ثقافي عام، وفقدان حق الأهالي في الوظائف والمنح الدراسية.

ونقلت “أسوشييتد برس” عن الخبير في العلاقات الخليجية الهندية “حسن الحسن” قوله، إن “التوترات الدينية في كشمير، حولت المنطقة لمجال تنافس بين الرياض وأنقرة وطهران”.

وأوضح “الحسن” أن “الأتراك يحاولون تعزيز نفوذهم في كشمير، وكذلك يفعل الإيرانيون، لذا من المستبعد أن تتخلى الرياض عن المسابقة الرمزية لقيادة العالم الإسلامي”.

وفي السياق، نوه تقرير الوكالة الأمريكية إلى أن تركيا، التي تقدر تجارتها  مع الهندي بأقل من 7 مليارات دولار، ألقت بثقلها وراء باكستان في أزمة كشمير، وهو ما عبر عنه الرئيس التركي  “رجب طيب أردوغان” في مكالمة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان”.

كما سمحت إيران باحتجاج رمزي لحوالي 60 طالبًا خارج السفارة الهندية في طهران الأسبوع الماضي، وأخبر رجل دين كبير المصلين خلال صلاة الجمعة أن تصرفات الهند في كشمير كانت “خطوة شنيعة”، في وقت انخفض فيه حجم التجارة الثنائية عقب قرار الهند بوقف شراء النفط الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية.

وفي المقابل، أعلنت الهند يوم الإثنين الماضي (اليوم الثامن من حظر التجول العسكري في كشمير) عن واحدة من أكبر الاستثمارات الأجنبية على الإطلاق، تمثلت في إبرام خطاب نوايا مع “أرامكو”، يقضي بصفقة شراء محتملة، تستحوذ بموجبها الشركة السعودية على 20% من أنشطة النفط والكيماويات لشركة “ريلاينس” الهندية.

وبموجب الاتفاق المبدئي بين الشركتين، ستزود “أرامكو” مصفاة “ريلاينس” الواقعة على الساحل الغربي للهند بنصف مليون برميل يوميا، في صفقة أثارت غضبا في صفوف الأوساط الباكستانية.

وعلاوة على ذلك، تعهد ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان” باستثمارات سعودية بقيمة 100 مليار دولار في الهند بحلول عام 2021.

ونوهت أسوشيتدبرس إلى أن السعودية هي موطن إقامة لـ 2.7 مليون هندي وثاني أكبر مورد للهند في العالم بعد العراق، حيث سيطرت صادرات النفط السعودية إلى الهند على 27.5 مليار دولار في التجارة الثنائية العام الماضي، وفقًا لإحصاءات رسمية للحكومة الهندية.

ولا يمثل حجم العلاقات التجارية مع الهند والتنافس الإقليمي مع تركيا وإيران العاملين الوحيدين في معادلة المواقف الخليجية إزاء أزمة كشمير، حسبما ترى الأستاذة الأمريكية المتخصصة في شؤون كشمير “حفصة كانجوال”.

وأوضحت “حفصة” أن دول الخليج ربما تكون أكثر حذراً من دعم قضية الإقليم؛ “لارتباطه بحق الأهالي في تقرير مصيرهم”.

وأشارت إلى أن الدول الخليجية تخشى ارتباط قضية كشمير بحركات تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتتخوف منه بشدة.