من الحرب في اليمن، والدعم اللامحدود لمسعر الحرب الليبية خليفة حفتر، إلى الحصار المفروض على قطر، يُشارك الرياض وأبو ظبي بصورة رئيسية في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

تبلورت مساهمات السعودية والإمارات في ضرب استقرار العديد من الدول العربية منذ بداية الربيع العربي عام 2011، حيث تدخلت الدولتان بكافة الأشكال لوضع حد للتطلعات الديمقراطية لمواطني تلك البلدان.

في سبيل تحقيق أهدافهما، لم تتردد الدولتان في بعض الحالات عن التدخل العسكري المباشر، ودعم مسعري الحروب الأهلية، بالإضافة إلى فرض مقاطعات اقتصادية كالتي تمت ضد قطر، كما شاركت القوات الإماراتية والسعودية بصورة مباشرة عسكريا في اليمن، وبصورة غير مباشرة في ليبيا بدعمهما حفتر، وذلك تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض ومحمد بن زايد في أبو ظبي.

في التقرير التالي يتم عرض بعض البلدان التي تدخلت فيها الدولتان لتحقيق أهدافهما، وتأثير تلك التدخلات:

ليبيا

بعد الإطاحة بالقذافي، ظهر اللواء الليبي خليفة حفتر في الصورة معلناً نفسه رئيساً للبلاد في مواجهة للحكومة المعترف بها دولياً، وهي خطوة باركتها الإمارات، وقدمت لحفتر الدعم المطلوب لتنفيذ خططه، التي ادعى أنها تخدم أجندة علمانية قادرة على توحيد البلد المنقسم ومنعه من السيطرة المتطرفة.\

الجنرال خليفة حفتر شن مع ميليشياته حرباً في ليبية للسيطرة على المدن الليبية، والتي استطاع بالفعل السيطرة على بعضها، وبعد الاستيلاء على مدينة بنغازي الشرقية، كانت العاصمة الليبية طرابلس- حيث مقر الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة- مهمة أكثر صعوبة، والتي فشلت قوات حفتر في السيطرة عليها رغم الدعم من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا.

الفشل في السيطرة على طرابلس لا يعني أن قوات حفتر ليس لها تأثير في ليبيا، بل على العكس، تقوم الميليشيات التابعة له بتنفيذ عمليات قتل غير مشروعة في صفوف المعتقلين، فضلاً عن الانتهاكات الأخرى التي ترتكبها تلك الميليشيات في الحملة المستمرة التي تكلف مليارات الدولارات.

وفقاً لأندرياس كريج، أستاذ مساعد والمحلل الأمني لمنطقة الشرق الأوسط في كلية كينجز كوليدج في لندن، فإن حفتر ” حاول بشكل منهجي تقويض أو هزيمة سرد التعددية بذريعة محاربة الإرهاب”، مضيفاً “إنه مصطلح يتم استخدامه بلا مبالاة ضد أي قوة منشقة أو معارضة لا تتعاون مع جيش التحرير الوطني الذي ينتمي إليه، وهو جيش مكون من عدة ميليشيات مسلحة تم تمويلها من قبل الإمارات”.

 

مصر 

عام 2013، قام عبد الفتاح السيسي بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، وعلى الرغم من أن هذا الانقلاب معلوم للجميع، فإن المعلومة ضيقة الانتشار أنه تم تمويله بكثافة من قبل دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات.

وبعد الانقلاب، قامت تلك الدول بضخ مليارات الدولارات إلى مصر في محاولة لانعاش الاقتصاد وضمان انتقال سلس إلى الديكتاتورية العسكرية التي أنشأها السيسي، والذي طالب تلك الدول بالأموال صراحة في مقولته الشهيرة، والمثيرة للسخرية أيضاً معللاً أن تلك الدول “عندهم فلوس زي الرز”، حيث طلب إيداع 10 مليارات دولار في حساب مصرفي عسكري مصري.

على الرغم من آمال ثوارها في عام 2011، فإن مصر اليوم بلد خُنق فيه المعارضة، مع وجود عشرات الآلاف من المواطنين في السجون المكتظة بسبب تعبيرهم عن معارضتهم للنظام العسكري.

 

اليمن

في 2015، شنت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حملة عسكرية ضخمة في أفقر دولة عربية، ظاهريًا كانت تهدف إلى استعادة حكم الحكومة اليمنية من الحوثيين، إلا أن النتائج على أرض الواقع جاءت مختلفة تماماً، فبعد خمس سنوات من الصراع، وعلى الرغم من القوة الجوية الساحقة، فشل التحالف العربي في استعادة الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين يسيطرون أيضاً على العاصمة اليمنية صنعاء.

لم تتوقف تدخلات الإمارات عند حد محاربة الحوثيين وفقط، بل قامت بدعم الانفصاليين في الجنوب، في محاولة لتأمين دولة خالية من سيطرة الحكومة اليمنية.

التدخل العسكري الذي قام به التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لم يحقق أي من الأهداف التي زعم أنها مسؤوليته الأولى، بل على العكس، أدى إلى حدوث أسوأ كارثة إنسانية على مر التاريخ، مع انتشار لوباء الكوليرا في اليمن، التي يعاني شعبها من المجاعة بسبب الحرب.

كما خلفت الحرب خسائر بشرية كبيرة وصلت إلى ما يقرب من 100 ألف شخص، سقطوا إما بسبب القتال المسلح، أو انتشار المرض والمجاعة.

 

دولة قطر

في يونيو/حزيران 2017، أعلنت كل من الإمارات والسعودية ومصر والبحرين عن قطع جميع العلاقات مع قطر، مع فرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً عليها، متعللين بأن قطر تدهم الإرهاب في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهي التهمة التي رفضتها الدوحة بصورة قطعية، ولم تستجب لأي من مطالب دول الحصار لإعادة العلاقات، والتي شملت إغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية ودفع المليارات من “التعويضات”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا