في وقت اشتد فيه حجم الانتقادات الدولية للحالة الحقوقية والإنسانية في مصر، يواجه نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي تلك الانتقادات بإجراءات “تزيد الطين بلة”، فيشرع في كل مرة بإثبات تجاوزه في حالة حقوق الإنسان عبر توجيه صدمات أكثر للمجتمع الدولي.

هكذا إذن، ينتهج نظام السيسي على ما يبدو آلية العلاج بالصدمات في مواجهة الحصار الحقوقي. فأمام كل بيان دولي ينتقد حالة حقوق الإنسان، يكون هناك انتهاك أكبر في الطريق، وسط حالة من الارتباك تسيطر على النظام في سياق توالي الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان.

مواجهة هيومان رايتس ووتش بالحجب!

بمجرد أن صدر بيان لمنظمة هيومان رايتس ووتش حول حالة حقوق الإنسان في مصر، والذي حمل النظام مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية للمصريين والتنكيل بالمعارضين.

التقرير انتقد توسع نظام جنرال مصر غير المفهوم في حجب أصوات المعارضة، ليضع مصر في صدارة الدول الأكثر حجبا للمواقع في المنطقة، متجاوزا الغول السعودي العتيد.. فكيف يمكن أن ترد مصر؟ إليك العبقرية.. تم حجب موقع هيومان رايتس ووتش!

صفعة جديدة

وأمام هذا الاستفزاز المصري، تلقى نظام السيسي صفعة قوية بقرار واشنطن خفض المعونة المقدمة لمصر، بعدما وصلت انتقادات أوضاع الحريات وحقوق الإنسان إلى الكونجرس وإلى تقارير متابعة الحريات الصادرة من وزارة خارجية الولايات المتحدة.

وتجدر الإشارة إلى أن الكونجرس وجه انتقادات شديدة ليس فقط لمسألة التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، ولكن أيضا تطرق إلى عدم وجود مناخ للديمقراطية والحريات.

مؤامرة كونية

وسائل إعلام النظام العسكري رأت في تصدير فكرة وجود مؤامرة “كونية” على السيسي ومصر من مختلف الأطراف، طريقة مثالية لتجاوز أزمة الحصار الحقوقي.

علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان، أكد أنه سيتم تشكيل لجنة للتحركات الخارجية في إطار الرد على التقرير الصادر من المنظمة بشأن وجود عمليات تعذيب ممنهجة في مصر، وتحديدا إرسال شكوى للاتحاد البرلماني الدولي.

وأضاف أن “المنظمة اتهمت البرلمان بأن الأجهزة الأمنية هى من تديره، وهو ما يعد تشهيرا بالمجلس، وعلى الاتحاد الدولى فتح تحقيق في هذا واستدعاء ممثلي المنظمة أمام لجنة حقوق الإنسان التابع للاتحاد الدولي”.

مؤسسة إخوانية!

وكالعادة. كان الاتهام المقولب جاهزا، فالمؤسسة “الأممية” سرعان ما تم وصفها بالإخوانية. في حملة منظمة من الإعلام المصري شملت مذيعين وأكاديميين وسياسيين.

فمن جانبه، قال الإعلامي المقرب من دوائر الأمن، أحمد موسى، إن المنظمة تتلقى المعلومات من عناصر إرهابية.

وأضاف موسى في برنامجه “على مسؤوليتي” على قناة “صدى البلد”، أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” تتلقى دعما ماليا من دولة قطر، ولها أهداف سياسية، مضيفا أن لها وضع غير قانوني في أمريكا.

وكشف موسى أن “جورج ساويرس ممول حركة 6 أبريل هو نفسه ممول هيومن رايتس ووتش”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتركها كي تستبيح الدولة.

وزعم رئيس هيئة الاستعلامات الدكتور ضياء رشوان،  أن التقرير اعتمد في الغالبية الساحقة من بياناته السلبية المنحازة عن أحوال حقوق الإنسان في مصر على مصدر واحد تقريبًا وهو “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”.

أما حسين أبوجاد، عضو برلمان الانقلاب، فصرح في تصريحات صحفية أن “منظمة “هيومن رايتس ووتش” صهيونية ماسونية تحركها قطر وتركيا، والصهيونية والماسونية العالمية، وتعمل لصالح جماعة الإخوان، وتقريرها عن حالة حقوق الإنسان بمصر لا أساس له من الصحة على أرض الواقع”.

عندنا هيومان المصرية

الحل العبقري للأزمة، تمثل في دعوة مؤتمر الهيئة العامة للاستعلامات إلى تشكيل وزارة لحقوق الإنسان، يرأسها الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، علاء شلبي، لتصدر البيانات “الصحيحة الصادقة” حول حالة حقوق الإنسان في مصر !

وفي مؤتمر عقدته الهيئة للرد على انتقادات “رايتس ووتش” قال شلبي: “إننا ما زلنا في حاجة لأن يكون هناك وزارة لحقوق الإنسان في مصر، لمتابعة كل ما يخص شؤون حقوق الإنسان، ومواجهة أي تقارير مشبوهة تصدر ضد مصر”.

وأضاف: “تقدمنا من قبل بهذا المقترح ومازلنا نطالب به في الوقت الحالي”، لافتا أنه لابد أيضا من إعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية، لأنه غير مرضي بالدرجة الكبرى.

اعتقال محامي ريجيني

آخر أمارات الإرتباك في مواجهة الحصار الحقوقي الدولي لنظام الجنرال المصري تمثل في إصدار نيابة أمن الدولة العليا قرارا بحبس إبراهيم متولي محامي القتيل الإيطالي الشاب ريجيني 15 يوما بتهمة تولي قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وهي “رابطة أسر المختفين قسريا”، ونشر أخبار كاذبة.

وألقت الأجهزة الأمنية القبض على إبراهيم متولي المحامي من مطار القاهرة يوم الأحد الماضي أثناء توجهه إلى جنيف، تلبية لدعوى من فريق عمل لجنة المختفين “قسريا” بالأمم المتحدة.

وجاء اعتقال متولي بعد نشر منظمة “هيومان رايتس ووتش” تقريرها بأيام والذي اتهمت فيه النظام المصري بعد 3 يوليو 2013 بممارسة التعذيب الممنهج بحق المعتقلين السياسيين وهو ما قد يرقى إلى حد “الجرائم ضد الإنسانية”.