بعد مضي أكثر من شهرين، على التوترات التي حدثت بين السعودية و السلطة الفلسطينية، والتي اتخذت على إثرها الرياض قرارا بمعاقبة رام الله، ما زالت المملكة مصرة على قرارها.

وكانت الرياض قد اتخذت قرارها على خلفية تسجيلات لمسؤولين فلسطينيين يتهمون فيها ولي العهد “محمد بن سلمان” بدعم “صفقة القرن” الأمريكية، إضافة إلى إحراق متظاهرين فلسطينيين في الضفة صورا لـ”بن سلمان” أثناء تظاهرات عدة رافضة للصفقة ولقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ورغم نفي السلطة ما نُشر عن توتر العلاقات مع الرياض، ولا سيما مطلع الشهر الجاري، تقول مصادر سياسية مطلعة إن العقوبات مستمرة وإن الوساطة بين البلدين لم تنجح حتى الآن.

ودللت المصادر، التي تحدثت إلى صحيفة “الأخبار” اللبنانية، بامتناع السعودية عن تحويل الدعم المالي المقرر للسلطة، كاشفة عن أن الرياض حوّلت فقط 21 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، من أصل 60 مليون دولار كانت مُخصصة لدعم الموازنة الفلسطينية.

وتسبب هذا الأمر في استياء كبير داخل أروقة الرئاسة الفلسطينية، حسب المصادر، التي كشفت أنه رغم أن عددا من الوساطات العربية حاولت إقناع “بن سلمان” بأهمية الحفاظ على العلاقات مع رام الله، إلا أنها لم تنجح في ذلك.

وتشير المصادر إلى أن ولي العهد السعودي يريد من رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” الانخراط المباشر في مباحثات مع الإدارة الأمريكية حول خطتها، كي يتفرغ بدوره لتشكيل تحالف عربي إسرائيلي دولي في مواجهة “الخطر الإيراني”.

من جهتها، حاولت السلطة، أخيرا، استرضاء السعودية بعدد من التصريحات التي تشيد بمواقف المملكة، مُكررة الحديث عن “المواقف السعودية الثابتة” في دعم الشعب الفلسطيني، والموقف “التاريخي الداعي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”.

كما أبدت السلطة، مؤخرا، تقديرها للملك “سلمان” وابنه لـ”المكرمة الملكية بخصوص الحجاج الفلسطينيين”.

ووفق تقارير صحفية، طلبت رام الله من الرياض استقبال وفد فلسطيني رفيع للتباحث، لكن الأخيرة رفضت.

ومما يتقاطع مع ذلك، توقف زيارات المسؤولين الفلسطينيين للمملكة منذ أشهر، فيما تشير المصادر إلى أن هناك أطرافا داخل السعودية نفسها تحاول تطويق التوتر حاليا، لكنها لم تتوصل إلى حلول حتى اللحظة.

وسبق أن كشفت تقارير غربية أن “بن سلمان” قدم عرضا لـ”عباس”، العام الماضي، بإغلاق صفحة القدس وحق العودة واللاجئين، والاتجاه لدولة في قطاع غزة، “وستهطل عليك الأموال.. أو لتتقدم باستقالتك”، وهو ما رفضه “عباس”.

يشار إلى أن الرياض شاركت في مؤتمر المنامة لعرض الشق الاقتصادي لـ”صفقة القرن”، وسط تصاعد الحديث ودعوات غير المسبوقة في السعودية، للتطبيع مع (إسرائيل)، رغم أن التصريح بهذا الأمر علنا كان من قبيل “التابوهات” قبل وصول “بن سلمان” إلى رأس السلطة في المملكة.

وتواصل السعودية، من خلال تحركات واتصالات ولقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، تهيئة الشارع السعودي لتقبل التوجه الجديد نحو التطبيع.