البحرين والإمارات تستقبلان رئيس الوزراء الهندي بحفاوة على الرغم من تصرفاته ضد مسلمي كشمير

اللامبالاة الدولية تجاه معناة مسلمي كشمير ساهمت في تصاعد الانتهاكات ضدهم

على الرغم من الموقف الهندي الأخير إزاء مسلمي كشمير، وقيام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بإلغاء الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير، والذي كان يضمنه الدستور الهندي، ويمنحهم حق الحكم الذاتي، قامت حكومة الإمارات العربية المتحدة بمنح مودي أعلى وسام مدني في البلاد، وهي سقطة تاريخية كبيرة للإمارات، وانحراف عن المسار الاستراتيجي حتى بمعاييرها هي.

لم يكن منطقياً أن تمنح دولة إسلامية مثل الإمارات مودي هذا الوسام، رغم تحركاته المستمرة ضد المسلمين الذين يعيشون في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، ما يؤكد أن ما يلاقيه مسلمو كشمير من اضطهادات على يد السلطة الهندية وإلغاء حكمهم الذاتي هو أمر لا يهم ولي العهد الإماراتي الأمير محمد بن زايد والحاكم الفعلي للبلاد، بل على العكس، بدلاً من إدانة تصرفات مودي الأخيرة ضد مسلمي الهند، وهي أبجديات ميثاق الدول الإسلامية تجاه بعضها البعض، أقام بن زايد احتفالاً كبيراً لرئيس وزراء الهند، وسلمه بنفسه وسام الشرف، ليتم بذلك ترجيح كفة العلاقات الاقتصادية على كفة حقوق الانسان والأخلاق.

العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تشهد ازدهاراً ملحوظاً، فقبل بضعة أيام من زيارة مودي إلى أبو ظبي، أعلنت مدينة خليفة الصناعية في أبو ظبي (كيزاد) عن إبرام اتفاقية مع رابطة جميع مصنعي البلاستيك في الهند (AIPMA) في دلهي، ما يعني أن الصفقات التجارية هي المحور الرئيسي الذي تركز عليه أبو ظبي مع الهند، خاصة وأن الزعيمين يران أن هذا هو الوقت المناسب لتقوية العلاقات بين البلدين، في ظل وجود العديد من النزاعات حول العالم، مع تصاعد التوترات الإقليمية.

التجاهل الدولي لما يحدث في كشمير، ساعد كثيراً في تزايد الانتهاكات ضدها، وساهم في إعطاء مودي أماناً معنوياً للمضي قدماً في انتهاكاته، خاصة وأن قضايا أخرى أصبحت تحظى باهتمام دولي واسع على حساب كشمير، التي ما عاد المجتمع الدولي يركز على معاناة شعبها كما كان يحدث في السابق.

ولعل هذه الأسباب هي ذاتها التي دفعت بن زايد لإقامة الحفل المُشار إليه وتكريم ناريندرا مودي، وما خدمه أكثر أن الوسام الممنوح لمودي لم يجذب الاهتمام المطلوب من قبل وسائل الإعلام الدولية.

الإجراءات والتدابير المتخذة مؤخراً من قبل الإمارات العربية المتحدة تشير إلى أنها تعاني من تعثر في سياساتها الخارجية، مع وجود أزمة في القيادة، فمن جهة، لا تريد الإمارات أن تكون ضحية لحرب أمريكية-إيرانية، ومن جهة أخرى تحاول الاقتراب من طهران، مع الحفاظ على علاقة جيدة مع إسرائيل.

يُذكر أنه في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة “تشارك في محادثات سرية بين الإمارات وإسرائيل لمواجهة التهديدات التي تشكلها إيران، الخصم المشترك بين الثلاث دول”، متسائلة كيف يمكن للإمارات موازنة علاقاتها بين طهران وتل أبيب؟ وهل خدعت أبو ظبي طهران لمجرد اللعب بأمان؟ وكيف سيكون رد إيران بعد الكشف عن المحادثات الإماراتية-الإسرائيلية؟

علاوة على ذلك، في حين تقول الإمارات إنها ستتبنى “استراتيجية السلام أولاً” بعد إعلان انسحابها من الحرب في اليمن التي أدت إلى ما أصبح الآن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فهي تدعم الآن المجلس الجنوبي الانتقالي في اليمن (STC) الذي قاتلت قواته في عدن وشبوة ضد القوات الموالية للحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية، ما يزيد من تعقيد الوضع في اليمن.

وهذا مثال آخر على التخبط الذي تشهده سياسات الإمارات، أو ربما يدل على فشل الإمارات في أن يكون لها سياسة واضحة، ويثير هذا سؤالًا حول ما إذا كان تدريب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ودعمها في حربها ضد الحكومة التي تدعمها السعودية، هو بالفعل ضمن استراتيجية “السلام أولاً”!

 

استقبال مودي وتكريمه، دليل آخر على تناقض سياسات الإمارات الخارجية، ففي الوقت الذي تحاول فيه تصوير نفسها وكأنها الدولة التي تساعد إخوانها المسلمين في كل مكان، قامت بتكريم رئيس وزراء الهند، التي تقوم باضطهاد مسلمي كشمير على مر العصور.

لم تكن الإمارات الدولة العربية الوحيدة في اتباع هذا النهج مع رئيس الوزراء الهندي، بل قامت البحرين أيضاً في وقت سابق باستضافة مودي وإقامة حفل استقبال كبير له، ليكون بذلك أول رئيس وزراء هندي يزور المملكة الصغيرة، ليقوم ملك البحرين بمنحه وسام البحرين من الدرجة الأولى.

أسفرت تلك الزيارة عن قيام الحكومة البحرينية بالإفراج عن 250 من الهنود المحتجزين في سجونها، في الوقت الذي تسجن فيه الآلاف من مواطنيها البحرينيين كجزء من الحملة الشرسة التي تشنها المملكة على المعارضة السياسية.

التفسير الوحيد لكل ما يحدث هو أن الإمارات والبحرين لا يهتمان إلا بما يصب في مصلحتهما الخاصة، دون الالتفات لأي التزامات أو أخلاقيات أخرى.

المسلمون في كشمير لا يريدون سوى العيش بصورة طبيعية مثل بقية الشعوب، مع قليل من الكرامة، فهم لا يبحثون عن النفوذ أو القوة، بل عن الاحترام، وبالتصرفات التي أقدم عليها كلا من البحرين والامارات من كرم ضيافة ومنح أوسمة شرف لرئيس الوزراء الهندي، لم يُظهرا أي احترام على الإطلاق لمسلمي كشمير، لتصبح هذه التكريمات علامة سوداء في تاريخ الدولتين.

لن يكون التاريخ لطيفًا أبداً مع الأنظمة التي خانت إخوانهم المسلمين وألقوا بهم لتدهسهم حافلة المصالح الشخصية.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا