تتعرض الأمم المتحدة لضغوط متزايدة لإلغاء الفعالية التي ستقيمها بالشراكة مع مؤسسة خاصة، تابعة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المتورط في عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وكان آخر تلك الضغوط ما قام به “سونجييف بيري”- مدير مؤسسة ” Freedom Forward”، والذي قاد حملة للضغط على الأمم المتحدة لإلغاء تلك الفعالية المقرر إقامتها في 23 سبتمبر/أيلول، مشيراً إلى أن استضافة فعالية كهذه من شأنها أن تساعد في إصلاح سمعة بن سلمان التي تلوثت بسبب مقتل خاشقجي.
الفعالية المُشار إليها تأتي بعنوان “منتدى مسك العالمي للشباب”، وهو منتدى من المقرر إقامته بشراكة بين مبعوثة الشباب في الأمم المتحدة السيدة جاياتما فيكراماناياكي، وبين مؤسسة “مسك”، وهي مؤسسة ثقافية وتعليمية يرأسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
“لا ينبغي لأحد، وخاصة الأمم المتحدة، أن تكون أي شراكة من أي نوع مع بن سلمان أو مؤسسة مسك التابعة له”، هكذا علق سونجييف بيري على الفعالية التي لم تُقام بعد، في انتقاد واضح للأمم المتحدة على تلك الخطوة، وأضاف حول ولي العهد السعودي والذي وصفه المتوحش، بأنه “مسؤول عن مقتل الآلاف من اليمنيين، كما قام بمنتهى البلطجة بسجن النشطاء البارزين في مجال حقوق المرأة، بالإضافة إلى قتل جمال خاشقجي”.
الفعالية، التي لم تُقام بعد واجهت انتقادات واسعة من مختلف الأوساط الحقوقية، على سبيل المثال، اتهمت كينيث روث-مدير منظمة هيومان رايتس ووتش، الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بالمساعدة في “تبييض سجل بن سلمان”، في حين وصفت مانديب تيوانا، من مجموعة سيفيكوس، وهي مجموعة حقوقية أخرى، المنتدى بأنه “مثير للقلق”.
من ناحيته، رفض مكتب مبعوثة الأمم المتحدة للشباب التعليق على تلك الانتقادات، بينما رد المتحدث باسم الأمم المتحدة ” ستيفان دوجاريك” على ذلك قائلاً “أصدرت المنظمة مراراً بيانات شديدة اللهجة تدعو إلى المساءلة في مقتل خاشقجي”.
من المقرر أن ينعقد “منتدى مسك العالمي للشباب” في نيويورك الشهر الجاري، قبل عشرة أيام فقط من الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي، والذي قُتل في 02 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، عندما تم استدراجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، وقام مندوبون تابعين للحكومة السعودية بقتله وتقطيع جثته داخل القنصلية، وهي الجريمة التي قالت عنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إن بن سلمان أمر بها شخصياً.
وعلى الرغم من أن المسؤولين السعوديين قالوا في بداية الأمر أن خاشقجي قد ترك القنصلية حياً، عادوا الآن وصرحوا بأنه قُتل بالفعل داخل القنصلية في عملية وحشية لا صلة لابن سلمان بها، وهي التصريحات التي رفضت بعثة المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة طلب التعليق عليها المقدم من قِبل الوكالة ناشرة هذه المقالة.
المنتدى به ورشة عمل ستستغرق أربع ساعات، من المقرر أن يحضرها 300 شاب في مكتبة نيويورك العامة، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تهتم بالمواضيع “الخضراء”، ومسؤولية الشركات والمؤسسات الأخرى فيما يتعلق بجدول أعمال (SDG) الخاص بالأمم المتحدة.
الورشة ستضم ألكسندرا كوستو، خبيرة في شؤون البيئة وحفيدة المستكشف الفرنسي جاك إيف كوستو؛ كما ستشضم بارت هولاهان، وهو رجل أعمال يروج للممارسات التجارية المستدامة.
من بين المتحدثين الآخرين أندرو كوربيت، خبير في ريادة الأعمال في كلية بابسون وبول بولمان، والرئيس التنفيذي السابق لشركة السلع الاستهلاكية يونيليفر، وآن روزنبرغ، وهي مؤلفة وخبيرة تقنية في الأمم المتحدة.
كما ستتحدث في الورشة الدكتورة ريم بنت منصور آل سعود، وهي أميرة سعودية ومبعوثة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ومن أبرز الداعين إلى تمكين المرأة والتنمية في المملكة الخليجية.
وعلى الرغم من أن المنتدى ظاهرياً شيء جيد، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لا زالت عملية قتل خاشقجي عائقاً أمام تقبل أي تعاون مع النظام السعودي.
قُتل جمال خاشقجي، الصحفي المقيم في الولايات المتحدة والذي لطالما انتقد الحكومة السعودية، أثناء زيارته للقنصلية السعودية في اسطنبول، حيث كان يجمع الأوراق لحفل زفافه.
من جهتها، أصدرت الخبيرة لدى الأمم المتحدة أغنيس كالامارد تقريراً في يونيو/حزيران الماضي وصف عملية الاغتيال بأنها “جريمة قتل عمد”، ، ودعت في تقريرها إلى التحقيق مع بن سلمان ومع المسؤولين السعوديين الآخرين الذين تورطوا في الحادث.
كذلك يأتي “منتدى مسك العالمي للشباب” بعد سنوات من التوترات بين الأمم المتحدة والرياض، بسبب الحرب في اليمن، حيث تقود فيها المملكة العربية السعودية تحالفاً عسكرياً ضد الحوثيين هناك، وقد تسبب هذا الصراع في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، كما أدى إلى أزمة إنسانية كبرى.
“سونجييف بيري”، وهو واحد من أبرز داعين الولايات المتحدة إلى قطع العلاقات مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الأنظمة الاستبدادية، قال في ختام حواره مع الوكالة “يجب أن يتحمل ولي العهد وحكومته العنيفة المسؤولية الكاملة عن جرائمهم المتعلقة بحقوق الإنسان”، مضيفاً “بدلاً من ذلك، نجد موظفو الأمم المتحدة (المضلّلون) يوفرون لولي العهد منبراً للعلاقات العامة بينما يحاول القضاء على دماء الكثير من الأطفال اليمنيين القتلى”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا