ثمة إجماع على أن المهمة التي ألقاها الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، على رئيس الوزراء وزعيم “الليكود” بنيامين نتنياهو، بتشكيل حكومة جديدة، تبدو صعبة للغاية، ولكن يتضح أيضا أنها قد لا تكون مستحيلة.

وفي وقت تتصاعد فيه احتمالات تقديم المستشار القانوني للحكومة أفيخاي مندلبليت لائحة اتهام ضده، بتهم الفساد، فإن النجاح في المهمة تبدو أكثر إلحاحا لنتنياهو.

ووفقا للقانون الإسرائيلي، فإن أمام نتنياهو مهلة 42 يوما، لتشكيل الحكومة، منذ لحظة تسلمه التكليف مساء الأربعاء؛ وقد يلجأ إلى استنفاذها حتى نهايتها في مفاوضات مضنية مع أحزاب كانت أو لم يسبق لها أن انضمت إلى تحالفاته وقد يسارع في إعادة التكليف إلى الرئيس الإسرائيلي.

الاعتقاد السائد هو أن نتنياهو، السياسي المحنك، سيعتمد أسلوب المناورة مع الأطراف الساعية لإبعاده عن المشهد السياسي الإسرائيلي.

غير أن هذه المناورة، قد تكون بمثابة مغامرة غير مضمونة النتائج، وقد تفضي في نهاية الأمر إلى استبعاده عن المشهد السياسي حتى وإن كان مرغما.

ويجد نتنياهو نفسه في موقع الاختيار، ما بين الإدانة بتهم الفساد أو تقديم تنازلات قد تكون صعبة وأحيانا مهينة لخصومه.

وكان المستشار القانوني للحكومة مندلبليت، رفض طلب نتنياهو بث جلسة الاستماع معه حول شبه الفساد التي تحوم حوله، والمقرر أن تتم يومي الأربعاء والخميس، على الهواء مباشرة.

أراد نتنياهو من خلال طلبه هذا أن يخاطب الجمهور الإسرائيلي مباشرة بعد اتهامه لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالانحياز ضده، وبث المعلومات المضللة عن الاتهامات الموجهة إليه.

وكان مندلبليت أعلن نهاية شهر فبراير/شباط الماضي نيته لتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، ولكنه تريث لحين الاستماع إلى أقواله في جلسة استماع.

وأراد نتنياهو أن تتم الجلسة في وقت يتولى فيه رئاسة الحكومة الإسرائيلية غير أن الرياح سارت بما لا يشتهيه بعد إخفاقه في انتخابات إبريل/نيسان، وسبتمبر /أيلول في الحصول على الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة.

وفي ظل المعطيات الحالية، فإن نتنياهو يقف أمام 6خيارات أساسية:

 

الخيار الأول، المسارعة بإعادة التكليف:

يمنح القانون الإسرائيلي المكلف بتشكيل الحكومة فترة 28 يوما مع إمكانية تمديدها لمدة 14 يوما إضافية، بعد مصادقة من الرئيس الإسرائيلي، قبل أن يعلن فشله في حال استنفاذ المهلة دون تشكيل حكومة قادرة على نيل ثقة 61 عضوا من أعضاء الكنيست الـ 120.

ولكن نتنياهو قد يلجأ إلى إعادة التكليف إلى إعادة التكليف للرئيس الإسرائيلي قبل انتهاء المهلة، وهو ما يفسح المجال لريفلين أن يكلف زعيم حزب “أزرق أبيض” الوسطي المعارض بيني غانتس بتشكيل الحكومة في غضون 28 يوما.

وإن كانت التقديرات تشير إلى أن احتمالات نجاح غانتس هي أقل بكثير من نتنياهو، فإن من المرجح أن تعود الأمور لاحقا إلى الكنيست الذي عليه في غضون 21 يوما، إيجاد عضو كنيست قادر على تشكيل حكومة تحظى بثقة 61 عضوا على الأقل، أو الذهاب إلى الانتخابات مجددا.

وفي مثل هذه الحالة، يأمل نتنياهو أن يكون تهديد الانتخابات، التي لا ترغب بها الغالبية من القوى الممثلة بالكنيست، أداة ضغط على أحزاب سبق أن رفضت الانضمام إليه، كي تغير موقفها.

 

الخيار الثاني، تقديم تنازلات وتشكيل حكومة:

يأمل نتنياهو أن يوافق شريكه القديم زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني أفيغدور ليبرمان على الانضمام إلى ائتلافه، ما سيجعل حكومته تحظى بتأييد 63 عضو كنيست.

ولكن ليبرمان، الذي أفشل جهود نتنياهو بتشكيل حكومة في مايو/أيار الماضي، ما زال يصر على مصادقة الحكومة على مشروع قانون التجنيد الذي ترفضه الأحزاب الدينية الشريكة لنتنياهو.

وينص مشروع القانون، على إلزام المتدينين اليهود، بالخدمة في الجيش الإسرائيلي، أسوة بباقي الإسرائيليين.

وكشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الجمعة، عن اقتراح، قدمته أطراف من حزب “الليكود” إلى ليبرمان، يقضي بالموافقة على التناوب بين نتنياهو وليبرمان على رئاسة الحكومة، وأن يكون ليبرمان قائما بأعمال رئيس الحكومة، خلال فترة رئاسة نتنياهو للحكومة.

ويبدو هذا الاقتراح، مهينا لنتنياهو، نظرا لأن حزب ليبرمان، لا يملك سوى 8 مقاعد في الكنيست.

ولم يعقب نتنياهو أو ليبرمان على هذه الأنباء، ولكن الصحيفة أشارت إلى أن احتمالات نجاح هذا الخيار ضعيفة للغاية.

 

الخيار الثالث، مواصلة الضغط على حزب “أزرق أبيض”:

استؤنفت، الجمعة، المفاوضات ما بين حزب” الليكود” و”أزرق أبيض” حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد أن كانت وصلت الأربعاء إلى طريق مسدود.

وقد قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن زعيم “أزرق أبيض” بيني غانتس، وافق على المفاوضات لحين اتضاح ما إذا كان المستشار القانوني للحكومة سيقدم لائحة اتهام ضد نتنياهو.

وكان الشريك البارز في “أزرق أبيض” وزير المالية الأسبق يائير لبيد، أعلن مرارا رفض الحزب الجلوس مع نتنياهو في حكومة واحدة.

وتبدو آمال نتنياهو بتفكيك تحالف “أزرق أبيض” بعيدة المنال، ولكنه يراهن على أن الحزب قد يوافق في نهاية الأمر على تشكيل حكومة وحدة وطنية يتناوب فيها مع غانتس على رئاسة الحكومة من أجل إبعاد شبح الانتخابات.

 

الخيار الرابع، الاستسلام أمام تشكيل غانتس للحكومة:

برغم حقيقة إن فرص زعيم “أزرق أبيض” غانتس بتشكيل حكومة هي أصعب بكثير من فرص نتنياهو، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يبذل كل جهد لمنعه من تشكيل حكومة.

فقد وقع نتنياهو اتفاقا مع الأحزاب اليمينية والدينية الإسرائيلية، وحدّهم فيها معه في مصير واحد.

ومع ذلك، فإن نتنياهو يخشى أن ينجح غانتس في تشكيل حكومة واسعة تضم أحزاب ليبرالية ويمينية بدون حزبه “الليكود”.

وعلى الرغم، من أن هذه الاحتمالية تبدو بعيدة جدا، إلا أن من شأنها أن تضع نتنياهو و”الليكود” في صفوف المعارضة.

 

الخيار الخامس، الانتخابات:

مع محاولاته المتكررة، إبراز استعداده لتقديم تنازلات مقابل تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن نتنياهو قد يدفع باتجاه انتخابات جديدة يسوّق فيها نفسه على أنه الراغب في حكومة الوحدة التي رفضتها الأحزاب المعارضة له.

وفي مثل هذا الخيار، فإن الانتخابات الثالثة ستجري نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل.

 

الخيار السادس والأصعب، التنحي:

تدفع الأحزاب المعارضة لنتنياهو لترسيخ صورة أنه المسبب للأزمة الحالية، لتمسكه بالحكم ورفضه التفرغ للدفاع عن نفسه إزاء شبه الفساد التي تحوم حوله.

وبذلك، فهي تريد منه التنحي عن زعامة “الليكود” وإفساح الطريق أمام زعيم جديد للحزب، ما يفتح الطريق أمام حكومة وحدة وطنية تضم “الليكود” و”أزرق أبيض” وربما عدد آخر من الأحزاب.

وعلى ذلك فتأمل الأحزاب المعارضة أن يبادر حزب “الليكود” للدعوة إلى انتخابات لقيادة الحزب يتم خلالها إقصاء نتنياهو عن رئاسة “الليكود”.

وترى الأحزاب المعارضة أن صمت قيادات بارزة في حزب “الليكود” بينها جدعون ساعر، قد تكون مؤشر على رغبة بهذا الخيار.

ولكن تصرفات نتنياهو وتصريحاته، تشير إلى أنه أبعد ما يكون عن هذا الخيار.