من خلال دعوته الفريدة للتفكر والتأمل و عبر مناصرة قضايا الأمة الإسلامية في شتى بقاع العالم، حاز سلمان العودة على موقع خاص في قلوب الشباب العربي والمسلم، إذ تميز بقدرة عجيبة في الوصول إلى فكر وروح كل محبيه، فضلًا أنه أجاد استخدام وسائل الإعلام الحديثة، يصنف العودة بأنه أبرز علماء التيار الإصلاحي في السعودية، ويشهد الخميس جلسة محاكمته النهائية بعد عامين من الاعتقال في ظروف سجن سيئة وشديدة القسوة.

سبق أن وجهت النيابة العامة، بقيادة سعود المعجب، إلى “العودة” 37 تهمة خلال جلسة عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة الرياض، وقال عبد الله العودة نجل سلمان العودة إن النيابة قدمت ألفي تغريدة من حساب والده في “تويتر” لدى الجلسة التي عقدتها المحكمة المتخصصة في الرياض، ما اعتبرته أدلّة ضده.. فما هو مضمون تلك التغريدات التي عرضته للاعتقال والسجن وربما عقوبة الإعدام؟

إراقة الدماء في مصر وسوريا

عرف عن العودة قول كلمة الحق التي يدفع ثمنها اليوم حياته، الأمر الذي أزعج السلطات السعودية واعتبرتها جريمة لا تغتفر، حيث عبر العودة عن رفضه مجزرتي “رابعة” و”النهضة” اللتان وقعتا في مصر تحت قيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي بمباركة من السعودية والإمارات، وكذلك مجزرة “الغوطة” في سوريا، حيث اعتبر أن إراقة الدماء هو أكبر جريمة في حق الإنسانية، وكتب “لست قلقًا على مستقبل مصر وسوريا، فأنا أراه بعيني.. بل حزين على الدم النازف دون حساب.

كان للعودة نظرة أخرى عن الموت، فقد كان يراه استدامة للحياة بل هو الحياة الحقيقية، وأهدى للشهداء في مجازر مصر وسوريا حلقة من برنامجه “وسم” وكتب عليه “إلى الطابور الأجمل المنتظر خبزه من الجنة”، كما أرفق الفيديو بمنشور آخر كتب عليه، ” إلى أمهات الشهداء.. إلى حواصل الصغار وفجعيتهم..إلى سوريا التراب والأمل”.

عدم اليأس

في قاموس العودة الروحي، لا معنى لليأس أو الانهزام النفسي، إنما الأمل وحسن الظن في الله والإيمان بنصره وعونه، حيث حث الشباب بعد مجزرتي “رابعة” في مصر و”الغوطة” في سوريا قائلًا، “لا تيأسوا، ربما يهيؤكم الله لأمر أعظم، والظلم لن يطول.. لن يطول.. إياكم واليأس!”، كما كتب، “أبشروا وآملوا ما يسركم، والشدة بتراء لا دوام لها”.

كتب العودة أيضًا العديد من التغريدات التي تعطي الأمل في في الفرج وتغيير حال الأمة، حيث قال، “الشدة سور، والفرج باب، والصبر مفتاح”، وكتب، ” الحياة نعمة تستوجب الشكر، والمصاعب تدريب يستوجب الصبر”.

الإصلاح الداخلي في المملكة

سلمان العودة لم يكن من العلماء الذين يتجنبون الخوض في السياسة، بل كان يراها صوب العمل للأمة، حيث كتب يهنئ ولي عهد السعودية محمد بن سلمان بالولاية، إذ قال، “أهنئك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بولاية العهد، أعانك الله وسددك، ولك مني ومن شعبك السمع والطاعة بالمعروف والمؤازرة والدعاء بظهر الغيب”.

وفيما يخص الشعب المصري، لاقى المصريون تعاطف من سلمان العودة في قضيتهم ضد الإنقلاب العسكري، حيث كتب، “الشعوب هي صاحبة الحل والعقد وخروج الملايين للاعتراض أو التأييد هو استفتاء وقياس يجب عدم إغفاله”، وفي هذا السياق أدان الأداء الإعلامي المصري وقال، ” الأداء الإعلامي قائم على الحجب والتدخل الأمني وكأنه لم يعلم بوجود الشبكات الاجتماعية والكاميرات المحمولة التي توثق الأحداث فورًا”.

“يتألم الأحياء وهم يرون البشاعة، أما الأموات فعند رب رحيم كريم”، كلمات بسيطة لسلمان العودة، لكنها تبسط السكينة والهدوء في القلوب، فكيف لشخص اتسمت كتاباته وتغريداته بالدعوة إلى السلام والأمان وحفظ الدماء أن يحاكم، بل ويواجه عقوبة الأعدام؟