موافق على أن المثلية الجنسية بكافة أشكالها، ودون الدخول في تفاصيل، حرام شرعا …
ومقتنع، إلى حد كبير، بأنه لا يوجد ميول جنسية “طبيعية” أو ما يسمى بالحتمية الوراثية يستحيل معها تعديل الميل والانجذاب لنفس الجنس، إنما هو الاستعداد الوراثي الذي قد يتطور إلى “مرض” يمكن علاجه ..!!
يمكن الإشارة هنا لتجربة طبيب مصري نجح في علاج كثير من الحالات هو الدكتور أوسم وصفي، ودراساته ومقابلاته التلفزيونية متاحة على الشبكة العنكبوتية فليراجعها من يهتم بالموضوع من هذه الزاوية ..
السؤال: هل الدولة الحديثة من حقها أن تتدخل لحماية تدين الناس وأفكارهم وأنماط عيشهم؟
إجابتي: بالطبع لا، بالعقل لا، بالسياسة لا، بالاجتماع لا، وبالدين لا وألف لا …
مهمة الدولة هي حماية مواطنيها وخدمتهم، حماية الناس وليس حماية أفكارهم ولا نمط تدينهم ولا معتقدهم، ولا حياتهم، كل هذا شأن شخصي، واجتماعي، لا علاقة للدولة به لا من قريب ولا من بعيد، ولا يعني التدخل سوى الانتهاك الصارخ لحقوق الناس وحرياتهم الشخصية بل والدينية، ولا يقر ذلك عقل ولا دين ولا ينبغي أن يقره قانون، ولو أقره فهو قانون ظالم، غير دستوري، وغير إنساني، ولا يعول عليه …
ربما يكون من العبث أن نتحدث عن الحريات الجنسية في بلد لا يتمتع مواطنيه بأي نوع من الحريات على الإطلاق، بل وينظر مثقفوه ويروج إعلامييه إلى أن الحرية مفهوم مرتبط بالانحلال الأخلاقي ؟أو العمالة السياسية!! إلا أن ما شهدته القاهرة مؤخرا من مناقشات وجدل حول حق المثليين في إقامة حفل يعلنون فيه عن أنفسهم يجعل من مناقشة الأمر ضرورة، ليس لأهميته في ذاته إنما لأهمية ما يطرحه من دلالات سياسية واجتماعية مرعبة…
من جديد، ما الدولة؟ وما وظيفتها؟ وما حدود هذه الوظيفة فيما يتعلق بدين الناس وعقائدهم واختياراتهم؟ ..
ترك الصلاة حرام، ولكن هذا أمر بيني وبين ربي، ليس من حق الدولة أن تتدخل فيه بفرض قوانين تجبرني على الصلاة خوفا من العقاب الدنيوي، ليس من حقهم سياسيا، وليس من حقهم دينيا مهما ادعى الدولتيون والمتنطعون غير ذلك ..
الزنا حرام، ممارسته علنا حرام، وفيه حد حال توفر أربعة شهود، أي حال ممارسته في الشارع تقريبا، إلا أنه ليس من حق الدولة أن تتدخل في شأن بالغين عاقلين قررا ممارسة علاقة جنسية خارج إطار الزواج دون انتهاك لخصوصة الآخرين، فهذا شأنهما وحسابها على ربهما وليس على السيسي … !!
شرب الخمر حرام، لكن هذا ليس من شأن الدولة ولا جيشها ولا شرطتها ولا عمرو أديب والسيدة حرمه، طالما أنني لم أؤذ سوى نفسي، لم أسكر، لم أترنح في الشوارع وأعتدي على حرية الآخرين، حينها، وحينها فقط، يمكن للدولة أن تتدخل لا لحمايتي من المحرم الديني، فهذا شأني، ولكن لحماية المواطنين من تجاوز أثره الفردي علي إلى إيذائهم بالقول أو بالفعل ..
هذا الكلام ليس غربيا كما يروج بعض من يزعمون أنهم إسلاميون وأنهم أبناء الحضارة الإسلامية وتجربتها في الحكم والاجتماع، لقد شهدت الحضارة الإسلامية في أوج انتصارها نماذج واضحة من شيوع كل ما سبق، دون تدخل من الدولة وأجهزتها، ومطالعة كتب الأدب والشعر التي هي مرآة المجتمع وصورته الحقيقية يطلعك على ما عجت به قصور الخلفاء والأمراء والأثرياء من مظاهر التمتع الجنسي بالغلمان ومعاقرة الخمر وغيرها من المحرمات الشرعية التي لم تكن الدولة – دولة الخلافة! – تتدخل في شأن أصحابها، أو تعاقبهم بحد شرعي جلدا أو رجما أو حرقا أو إلقاء من شاهق!!
لقد حدثتنا كتب الأدب عن اتخاذ العرب والعجم من المسلمين في الأزمنة الخوالي للغلمان، بهدف الاستمتاع الجنسي، وعن تغزل الشعراء في الغلمان الذي وصل إلى حد امتداح الجارية الحسناء بأنها “غلامية”، أي تشبه الغلمان في جمالها ونعومتها!!
ويمكن للمطالع لكتب: الأغاني، ومحاضرات الأدباء للأصفهاني، ورسائل الجاحظ، ومنها “رسالة المفاخرة بين الجواري والغلمان”، وديوان أبي نواس، وكتاب النصيحة لقابوس نامة، وغيرهم الكثير أن يرى مدى ما وصلت إليه أدبيات المسلمين في أزمنتهم الأولى من الاحتفاء بل والترويج لشراء الغلمان والتمتع بهم وتقديم النصائح لزبائنهم في مواصفات الغلام الجسدية والفارق في اللون والطبقة وبلد المنشأ بين العبد المتخذ للخدمة والآخر المتخذ للمتعة الجنسية!!
بالمناسبة، كان الغربيون آنذاك – في طور انحطاطهم – يحملون على الشرق المسلم وينكرون عليه انحلاله وسماحه بهذه الممارسات الفاحشة فيما يتحفظون هم بدافع من مسيحيتهم وحراستهم للأخلاق والفضيلة!!
لماذا لم تتدخل دولة الإسلام في شئون اللوطيين لتردهم إلى الدين الحق أو لتعاقبهم على انتهاك حرمات الله، وقد كانت تتدخل فيما هو أبسط من ذلك وأكثر هيافة؟!
إن الشباب الذي اختار أن يعلن عن ميوله الجنسية بالمخالفة للقانون من ناحية ولقيم المجتمع ومزاجه من ناحية أخرى، لم يفعل إلا تحديا سياسيا واجتماعيا لدولة – ومن ورائها كهنة – يرفضون الاعتراف بحقوقه كـ “مواطن”، قبل أن يكون مثليا..
حفل كايرو فيستيفال في جوهره هو “حفل إعلان مواطنة” لا ميول جندرية مختلفة، كما أن الدولة التي لاحقت منفذي الحفل، بعد أن سمحت لهم، ووافقها الإسلاميون – أعداء أنفسهم – ، لم تفعل بدورها سوى تأكيدا على سيطرتها الكاملة وغير المشروطة على مفاصل الحياة، فلا حقوق ولا حريات ولا دين ولا قانون، إنما هي الدولة وحدها لا شريك لها، وهذا هو الشذوذ الحقيقي، الذي ينبغي محاربته لو كنا نسمع أو نعقل!!
الآراء الواردة في التدوينة تعبر فقط عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العدسة
اضف تعليقا