سلط تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف) الذي صدر، يوم 6 سبتمبر الماضي، حول إخفاء السعودية  القسري ل 60 فلسطينيًأ، الضوء حول انتهاكات حكومة المملكة العربية السعودية لحقوق الإنسان تجاه طلبة وأكاديميين ورجال أعمال وحجاج سابقين فلسطينيين تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة)، ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم، كما تمت مصادرة أموالهم، دون أن يصدر تعقيب من السعودية حول هذه الاعتقالات.

وقفة لأهالي المعتقلين في غزة للإفراج عن ذويهم في سجون السعودية

شارك العشرات من الفلسطينيين في قطاع غزة، اليوم، الأربعاء، في وقفة لمطالبة المملكة العربية السعودية بالإفراج عن فلسطينيين معتقلين داخل سجونها، إذ رفع المشاركون في الوقفة، التي نظّمتها هيئة تطلق على نفسها اسم اللجنة الوطنية للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين في السعودية، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، لافتات كُتب على بعضها  أطلقوا سراح المعتقلين من السجون السعودية، و لا لسياسة العزل والتهديد للمعتقلين في السجون السعودية.

وقال عبد الماجد الخضري، في كلمة باسم اللجنة، خلال الوقفة، “نطالب السعودية بالإفراج عن جميع المعتقلين داخل سجونها، والمحتجزين بدون أي تهمة أو إجراءات قضائية”، وأشاد الخضري بمواقف السعودية الداعمة للقضية الفلسطينية وشعبها، في المحافل الدولية والعربية، كما أعرب عن آماله في الاستجابة لمطلب عائلات المعتقلين في الإفراج عن ذويهم، انطلاقا من موقف السعودية الداعم للقضية، واستكمل قائلا، “إعادة المعتقلين إلى بيوتهم واحترام حقوقهم الإنسانية، هذا نهج الملوك والأمراء السعوديين على مدى تاريخ المملكة”.

وقال عمر الأغا، أحد المشاركين في الوقفة، “إن السلطات السعودية قامت باعتقال ابن عمه أبو عبيدة الأغا قبل أكثر من عامين، وتحتجزه حاليًا في سجن ذهبان بمدينة جدة، دون أن تعلم العائلة أي تفاصيل عن حالته الصحية أو أسباب احتجازه”، كما أشار إلى أن العديد من المحاولات جرت خلال الفترة الماضية لمعرفة تفاصيل حالته الصحية، أو أسباب مواصلة احتجازه طوال هذه الفترة، دون أي نتائج، وذكر أن ابن عمه معروف بأنشطته الإنسانية وتكفله بالفقراء والمحتاجين والأيتام، ويحمل الجنسية السعودية هو ووالده، كونه مقيما فيها منذ عشرات السنوات.

بينما قال سليم صلاح، الذي شارك في الوقفة الاحتجاجية للمطالبة بالإفراج عن ابني شقيقته الاثنين وابن عمهم المعتقل في السجون السعودية، وهم عمار يحيى العقاد وأخوه بلال العقاد وابن عمهم عصام العقاد، وجميعهم معتقلون منذ إبريل الماضي، حيث قال صلاح، “إنه تم اعتقال ابني شقيقته منذ ستة أشهر دون توجيه أي تهمة لهما، أو ارتكابهما مخالفات تذكر، مؤكداً على أن هؤلاء المعتقلين هم المعيلون لعائلاتهم كونهم يعملون في السعودية منذ سنوات”.

المركز الأورومتوسطي يدين استهداف الفلسطينيين في السعودية

كشف المرصد الأورومتوسطي -وهو هيئة حقوقية دولية مقرها جنيف- عن اعتقال السلطات السعودية عشرات الفلسطينيين، وقال إنه لا يستطيع تحديد رقم دقيق لعددهم، غير أنه أحصى ستين شخصًا، وأشار إلى تقديرات تفيد بأن الرقم يفوق ذلك بكثير، وأضاف أنه استطاع توثيق شهادات من 11 عائلة فلسطينية تعرض أبناؤها للاعتقال أو الإخفاء القسري خلال الأشهر الأخيرة.

تم الاعتقال أثناء إقامتهم أو زيارتهم للمملكة وبينهم طلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، إذ تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة العامة) ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم، حيث أشار المرصد إلى أن عائلة المهندس  (A5) -رمز تعبيري- الذي يقطن إحدى مدن الضفة الغربية المحتلة هي واحدة من تلك العائلات التي فقدت الاتصال مع نجلها مطلع الشهر الماضي خلال مراجعته دائرة الجوازات بالعاصمة الرياض.

ووفق إفادة العائلة فإنه تم منعها وأصدقاء نجلها الذي يعمل بإحدى الشركات السعودية من السؤال أو الاستفسار عن مصيره أو مكان احتجازه، إذ قالت زوجة A5))” إنّ أشد ما يؤلمني هو عدم معرفة أي شيء عن زوجي، أحي هو أم ميت، معافى أم يتعرض للتعذيب، إن هذا الأمر زاد أوجاع أطفالي وكذلك والديه وأشقائه وشقيقاته”.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أن فلسطينيا آخر يرمز له  (B7) نموذج آخر لعمليات الإخفاء القسري بالسعودية، إذ فقدت عائلته الاتصال معه في يوليو الماضي، ومنذ ذلك الوقت لا تعرف شيئا عنه رغم المناشدات المتكررة للسلطات بالكشف عن مصير نجلها أو مكان احتجازه، فبحسب إفادة العائلة فإن نجلها أسير سابق بالسجون الإسرائيلية، ومُبعد بشكل قسري إلى الأردن حيث استكمل تعليمه الجامعي وتزوج هناك ومن ثم انتقل إلى العمل بإحدى الشركات في السعودية.

وبيّن الأورومتوسطي أن السلطات السعودية اعتقلت رجل أعمال فلسطينيًا مقيمًا في جدة منذ عقود ويبلغ من العمر ستين عامًا في يوليو الماضي، حيث نقل المرصد الحقوقي الدولي عن أحد أبنائه قوله إن السلطات السعودية صادرت أمواله وطالبت أفراد العائلة بالصمت، ومنعتهم من مغادرة أراضي المملكة خشية فضح عملية اعتقال والدهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنه رصد أيضًا عمليات احتجاز لحجاج من أصول فلسطينية ويحملون جنسيات عربية خلال أدائهم فريضة الحج هذا العام، لكن عائلاتهم لا تزال تتكتم على ظروف احتجازهم على أمل إنهاء كابوس إخفائهم القسري والعودة من جديد لحياتهم الطبيعية، كما دعا المرصد الأورومتوسطي، في نهاية التقرير، السلطات السعودية للكشف الفوري عن عشرات الفلسطينيين المعتقلين بالمملكة والذين تعرضوا لإخفاء قسري دون تهم أو مخالفات.