عندما سنحت فرصة للاجئة من جنوب السودان للفرار، بعد أن ظلت لثلاثة أشهر محتجزة في شقة سكنية بالقاهرة، جرى فيها اغتصابها مرارا، اكتشفت أنها حبلى من أحد مغتصبيها.
وما هذه اللاجئة سوى واحدة من بين عدد متزايد من الأفريقيات المهاجرات واللاجئات المقيمات في العاصمة المصرية، اللائي يبلغن عن تعرضهن لاعتداءات جنسية، تقول جماعات حقوقية إنها أصبحت “وباء عنف جنسي” تفاقم في الشهور الأخيرة.
والتقت “رويترز”، بخمس نساء من السودان وجنوب السودان والصومال، في مركز مجتمعي بالقاهرة، حيث قالت كل واحدة منهن إنها كانت ضحية اعتداء جنسي عنيف.
وقالت المرأة القادمة من جنوب السودان، التي عمرها 17 عاما، إن غرباء خطفوها في حي فقير، ونقلوها بسيارة أجرة لمنطقة أخرى، حيث احتجزها رجل في شقة لمدة ثلاثة أشهر واغتصبها مع أصدقائه مرارا وتكرارا.
وأضافت: “حاولت الهرب عدة مرات”، مشيرة إلى أنها تمكنت أخيرا من الفرار عندما ترك محتجزها مفتاحا في باب المنزل.
وطلبت عدم الكشف عن هويتها، وإن كانت وافقت على أن يتم تصويرها شريطة إخفاء وجهها.
وقالت امرأة سودانية، ذكرت أن اسمها “بخيتة”، إن غريبا اعتدى عليها في الشارع، فيما تحول لهجوم بضعة أشخاص.
وأضافت: “(..) فضل يتحرش بي ولمسني، أنا أديته بالقلم في وشه (صفعته على وجهه)..فكيف أنا أديله بالقلم في وشه؟. فظلوا يحاولوا فيني (…) حكاية أربع أشخاص ثاني.. فأي واحد بينبشني في مكان بجسمي، وبعدها، عشان أنا بقيت أدافع عن نفسي، كيف أنا أدافع عن نفسي؟. لأ، أنا آجي ماشية في الشارع عادي، يتحرشوا بي عادي، ممكن يأخدوني عادي، أمشي معاهم عادي. فأنا كنت وقفت دافعت عن نفسي، لأ. أدافع عن نفسي ليه أنا. مسكت واحد ضربته كف على وشه. فبقية الشباب اللي معاه قاموا ضربوني، ضربوني لحد ما أُغمى عليّ”.
وقالت ثلاث نساء أُخريات إنهن تعرضن لاعتداءات جنسية أثناء عملهن خادمات في البيوت.
واغتُصبت اثنتان بينما تعرضت الثالثة لاعتداء جنسي، وطلبن عدم تصويرهن أو نقل مقتبسات عنهن مباشرة.
وتقدر الأمم المتحدة أن زهاء نصف مليون مهاجر، نصفهم من اللاجئين، يعيشون في القاهرة.
وجاء كثيرون منهم للقاهرة مستهدفا الوصول منها إلى أوروبا عن طريق (إسرائيل) أو بالقوارب إلى تركيا، وهما طريقان أُغلقا إلى حد كبير بسبب تشديد الإجراءات الأمنية.
ومع ندرة فرص العمل والإجراءات التقشفية التي أدت منذ العام الماضي، لزيادة معدلات التضخم، أضحت كثيرات من اللاجئات لا يستطعن دفع إيجار مساكنهن فطردن ليتشردن أو اضطررن لمشاركة غرباء في السكن، الأمر الذي جعلهن أكثر عرضة لاعتداءات جنسية.
وفي استطلاع رأي دولي، أجرته مؤسسة “تومسون رويترز”، في 2017، احتلت القاهرة المرتبة الأولى كأخطر المدن الكبرى على النساء في العالم.
وكان الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، قد أمر بإطلاق حملة على التحرش الجنسي بعد اعتقال سبعة رجال لمهاجمتهم نساء قرب ميدان التحرير في القاهرة، خلال احتفالات تنصيبه في 2014.
وفُرضت عقوبات أشد صرامة على الجرائم الجنسية.
غير أن جماعات حقوقية تقول إن مثل هذه الإجراءات لم تفعل شيئا يُذكر لردع الاعتداءات على المهاجرات الأفريقيات اللائي لا يلجأن في الغالب للشرطة أو الأُسرة لحمايتهن.
وقال “لوران دي بوك”، مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في مصر: “شكاوى التعرض لاعتداءات قفزت من بين اثنتين إلى ثلاثة في الأسبوع لتصبح سبع شكاوى أسبوعيا”، وأنحى باللائمة على التكلفة المتزايدة لإيجار غرف السكن.
وأضاف: “وضعهن بسبب عدم وجود حماية منزلية جعلهن أكثر عرضة للاعتداء لأنهن في الأساس يعشن مع أُسر (تسكن) في الشارع”.
وقالت “فاطمة عبدالقادر”، التي تعمل مع مجموعة مساعدة محلية في مركز اجتماعي تابع لمنظمة “تضامن” (غير حكومية)، التي تركز على شؤون اللاجئين في مصر، إن حالات الاعتداء الجنسي زادت في الأشهر الستة الماضية، حيث يبحث المعتدون فيما يبدو عن النساء الأفريقيات كفريسة.
وأضافت: “كلما كان لون البشرة أغمق، كلما كانت النساء أكثر عرضة للعنف”.
اضف تعليقا