اعتبرت صحيفة “ديلي صباح” التركية تصوير وسائل إعلام عالمية عملية “نبع السلام” العسكرية شمالي سوريا كحرب بين الأتراك والأكراد جزء من “خطاب تحريضي” يعتمد على تضليل متعمد.
وذكرت الكاتبة “هلال كابلان”، في مقال نشرته بالصحيفة، أن تركيا يقطنها 15 مليون مواطن كردي يتمتعون بنفس الحقوق المدنية التي يتمتع بها جميع المواطنين الآخرين، وأن العديد من وزراء الحكومات التركية المتعاقبة ينحدرون من أصل كردي.
وأضافت: “فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم بأصوات ما لا يقل عن نصف المواطنين الأكراد في تركيا. ويوجد أكثر من 100 نائب للحزب في البرلمان التركي من الأكراد”.
وتابعت أن أكثر من 10 آلاف جندي كردي يخدمون بالقوات المسلحة التركية، بعضهم يشغل رتبا عليا، كما أن رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية التركية (MİT) من أصل كردي.
وتساءلت “هلال”: “هل يمكنك أن تجد مثل هذه الأمثلة في عراق صدام حسين أو بشار الأسد في سوريا أو حسن روحاني في إيران؟”.
ونوه المقال إلى أن تركيا تسجل حاليا نحو 4.5 مليون حالة زواج بين أتراك وأكراد، وأن نصف مليون كردي عراقي لم يجدوا ملاذا من هجمات نظام “صدام حسين” سوى تركيا.
وتابعت: “عندما هاجم (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد الأكراد، وجد أكثر من 100 ألف كردي سوري مأوى في تركيا، وعندما فعل نجله (بشار) الأمر ذاته، وجد أكثر من 300 ألف كردي في تركيا ملاذاً آمنا”.
وحول سبب لجوء مئات الآلاف من الأكراد السوريين والعراقيين إلى بلادها، ذكرت الكاتبة التركية أن “الأكراد كانوا يعلمون أنهم مرحب بهم هنا قبل رسم حدود سايكس بيكو وكانوا يعرفون أنهم سيكونون موضع ترحيب في أي وقت. على عكس ما حدث في سوريا البعثية أو إيران الملالي حيث يتم إعدام الأكراد لأسباب سياسية”.
وأقرت “هلال” أن أكراد تركيا عانوا من مظالم في الماضي، بينها عدم السماح للأمهات التحدث باللغة الكردية أثناء زيارة أبنائهن في السجون، مشيرة إلى أن مجرد التحدث باللغة الكردية في الشارع كان كفيلا بإثارة المتاعب للأكراد في مرحلة سابقة.
لكن هذه المرحلة انتهت في عهد الرئيس “رجب طيب أردوغان”، كما ذكرت الكاتبة التركية في مقالها، مشيرة إلى كلمة ألقاها “أردوغان” في عام 2005، جاء فيها: “أن إنكار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي ليس ما يجب على الدول القوية أن تفعله. المشكلة الكردية لا تنتمي إلى جزء معين من هذا المجتمع وحده. إنها مشكلتي أيضًا”.
واستعرض المقال بعضا من الإصلاحات التي تبنتها حكومة حزب العدالة والتنمية التركي، بين عامي 2004 و 2014، لصالح حقوق الأكراد على الرغم من المعارضة الشديدة من حزب الشعب الجمهوري المعارض وحزب الحركة القومية، ومنها الحق في التعليم باللغة الكردية بالمدارس الخاصة، واختيار اللغة الكردية كمقرر انتقائي في المدارس العامة، والحق في استخدام الأسماء الكردية بالوثائق الرسمية، والحق في الحصول على مواد الحملة الانتخابية باللغة الكردية، وهو الحق الذي يتمتع به نواب ووزراء بحزب العدالة والتنمية نفسه، إضافة إلى إنشاء معاهد كردية في الجامعات الحكومية، وقناة تلفزيونية عامة باللغة الكردية تسمى “TRT Kurdi”، والسماح ببث قنوات الإذاعة والتلفزيون الخاصة باللغة الكردية.
وتساءلت “كابلان”: “هل يبدو أن حزب العدالة والتنمية بذلك لديه مشكلة مع الأكراد؟ دعونا نطرح مسألة وحدات حماية الشعب الكردية التي يتم تقديمها على أنها “الأكراد” في سوريا؛ كما لو كان من الممكن تعريف مجموعة سكانية كاملة تحت لواء مجموعة مسلحة تنتمي لها”.
وأشارت الكاتبة التركية إلى قائمة طويلة من 25 سياسي كردي، كانوا ضحايا عمليات اغتيال نفذتها وحدات حماية الشعب، منهم “مشعل تمو”، زعيم تيار المستقبل الكردي؛ و”محمود والي”، العضو بارز في المجلس الوطني الكردي؛ و”شيرزاد الحاج راشد”، العضو بارز بحزب الوحدة الديمقراطية الكردية في سوريا؛ و”نسرين برهيك”، العضو بارز في الحزب الديمقراطي الكردي.
كما ذكرت “هلال” أن العديد من القيادات السياسية الكردية فرت من غدر الميليشيات المسلحة، بينها “صلاح بدر الدين”، الأمين العام السابق لحزب الاتحاد الشعبي الكردي، الذي فر إلى العراق هرباً من اغتياله من قبل وحدات حماية الشعب؛ و”مصطفى مسلم”، شقيق الزعيم السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي “صالح مسلم”، الذي لجأ إلى تركيا هربًا من الاغتيال على يد الوحدات أيضا.
واختتمت مقالها بخلاصة مفادها أن تركيا ليست مجرد دولة “صديقة للأكراد”، بل هي بلدهم الذين يعيشون فيه جنبًا إلى جنب مع باقي المواطنين الأتراك، وأن وحدات حماية الشعب الكردية ليست سوى جماعة مسلحة تستخدم الإرهاب كوسيلة لاضطهاد أو إسكات الأكراد الذين لا يلتزمون بحكمها.
اضف تعليقا