عندما عاد طلاب صينيون من أقلية الإيجور المسلمة إلى ديارهم بعد قضاء عطلة دراسية لم يجدوا عددا من عائلاتهم في استقبالهم.
فور وصول بعضهم، وجد الطلاب مسؤولين في انتظارهم يخبرونهم أن أفرادا من عائلاتهم وأحبائهم لن يلتقوهم ولن يجدوهم عند عودتهم إلى بيوتهم لأنه قد تم “اعتقالهم في معسكرات لتلقي تدريبات لتصحيح أفكارهم” رغم عدم ارتكابهم جرما، وذلك بحسب وثائق حكومية مسربة من 400 صفحة كشفت عنها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ويتلقى العديد من الطلاب الإيجور تعليمهم الجامعي خارج إقليم شينجيانج الذي ينتمون إليه والذي تركز فيه السلطات الصينية حملاتها القمعية ضد المسلمين.
وبحسب الوثائق؛ فإن هؤلاء الطلاب الذين يدرسون خارج الإقليم لديهم علاقات واسعة مع أشخاص في جميع أنحاء البلاد بحكم دراستهم، وتخشى السلطات من تأثيرهم.
ويقدر حقوقيون بشكل عام أن الصين تحتجز أكثر من مليون مسلم من الإيجور وأفرادا من عرقيات تركستانية مسلمة أخرى، في معسكرات سرية، غير أن دراسات وأبحاث حديثة تشير إلى أن العدد الحقيقي الإجمالي للمسلمين المعتقلين في هذه المعسكرات قد يكون أكثر من ذلك بكثير.
والأسبوع الماضي، أعلن ناشطون من أقلية الإيجور الصينية أنهم وثقوا وجود نحو 500 معسكر، ويقولون إن المسلمين يتعرضون فيها للتعذيب وضغوط من أجل التخلي عن ثقافتهم، لكن السلطات الصينية تقول إنها “معسكرات تثقيف لمجابهة التطرف”.
وقال كبير مسؤولي شؤون آسيا في البنتاجون “راندال شرايفر” في مايو/أيار الماضي إن الرقم “من المرجح أن يكون أقرب إلى 3 ملايين مواطن”، وهو رقم استثنائي في منطقة يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون شخص.
وتلقى المسؤولون المحليون تعليمات بمقابلة الطلاب فور وصولهم لتوضيح أن أقاربهم كانوا عرضة للتطرف الإسلامي وأنه تم اعتقالهم لمصلحتهم.
وتكشف الوثائق أن هناك دليلا مكتوبا للأجوبة على الأسئلة المتوقعة من الطلاب حول اعتقال أفراد من عائلاتهم.
وبحسب دليل الإجابات؛ فإنه “يجب على أي شخص مصاب بالتطرف الديني الخضوع للدراسة، بغض النظر عن عمره”، رغم أن الطلاب أخبروا أن أقاربهم ليسوا مجرمين.
ويطالب الدليل المسرب المسؤولين بتهدئة مخاوف الطلاب من خلال الإصرار على أن أقاربهم المختفين “في أيد أمينة، رغم أنهم لا يستطيعون مغادرة المعسكرات ولا يمكن للطلاب زيارتها”.
ويجيب المسؤولون المكلفون بالإجابة على أسئلة الطلاب بحسب الدليل، لكن إذا استمر الطالب في طرح الأسئلة أو كان منفعلا فإن الإجابات تصبح أقل تطمينا وأكثر حزما.
ويخشى الطلاب على أفراد عائلاتهم المعتقلين بسبب ما يكتنف هذه المعسكرات من سمعة سيئة.
ويقول ناشطون وشهود إن الصين تستخدم التعذيب لإدماج الإيجور المسلمين قسرا ضمن غالبية عرقية الهان، بما في ذلك الضغط عليهم للتخلي عن عقائدهم مثل الصلاة والامتناع عن تناول لحم الخنزير والكحول.
وكشفت دراسة علمية طبية حديثة استخدام الصين أساليب ممنهجة للتستر على عمليات القتل واستخراج أعضاء من جثث سجناء سياسيين خاصة من أقلية الإيجور المسلمة، وهي الاتهامات التي كانت محل نفي متكرر من السلطات الصينية.
واتهمت الدراسة الصين بالتزوير في بيانات المتبرعين بالأعضاء، مشيرة إلى أن البيانات الرسمية تكشف “عملية خداع وتضليل بارعة، حيث تظهر عمليات نقل الأعضاء القسرية وكأنها عمليات تمت عن طريق من متبرعين”.
وأنكرت الصين سياسة المعسكرات في البداية، لكنها عادت وبررتها بأنها مجرد معسكرات مهنية للتدريب ولإبعاد المسلمين عن التطرف.
اضف تعليقا