رفض زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن الثلاثاء مطالب متعددة لتقديم اعتذار لليهود في هذا البلد بعد أن اتهمه كبير حاخامات المملكة المتحدة افرايم ميرفس بالعجز عن منع انتشار “سم” معاداة السامية داخل حزبه.

وخلال مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) سئل كوربن مرارا عما إذا كان يرغب في تقديم اعتذار إلى الطائفة اليهودية بسبب إخفاقه المفترض في قمع المشكلة داخل الحزب اليساري.

واكد كوربن “ما سأقوله هو هذا: أنا مصمم على أن يكون مجتمعنا آمنا للناس من جميع الأديان”.

وتابع “لا أريد أن يشعر أي شخص بعدم الأمان في مجتمعنا وستحمي حكومتنا كل مجموعة من سوء المعاملة التي تتلقاه”.

وفي تدخل غير مسبوق في حملة الانتخابات البريطانية التي ستجري الشهر المقبل، أشار الحاخام ميرفس الى ان كوربن “لا يصلح لتولي رئاسة الوزراء” بسبب فشله في حل المشكلة داخل حزبه.

ولكن في كلمة لإطلاق مجموعة من سياسات الحزب المتعلقة بالعرق والدين، دافع كوربن عن نفسه نافيا تلك الاتهامات، ووصف معاداة السامية بأنه أمر “شرير وخاطئ” ومؤكدا ان حزبه لديه “نظام سريع وفعال” للتعامل مع الشكاوى المتعلقة.

وأضاف “لا يوجد مكان مطلقاً لأي شكل من أشكال معاداة السامية. ولن يتم التسامح معها في أي مكان في بريطانيا المعاصرة أو في حكومة العمال”.

وتتناقض هذه التصريحات بشكل كبير مع تصريحات ميرفس الذي وصف مزاعم كوربن السابقة بأنه تعامل بشدة مع جميع الاتهامات بأنها “خيال كاذب”.

وفي مقال شديد اللهجة نشرته صحيفة “تايمز” الثلاثاء، قال الحاخام ان كوربن مسؤول عن “إخفاق في القيادة بشكل لا يتوافق مع القيم البريطانية التي نفخر بها”.

واضاف ان اليهود البريطانيين يشعرون بالقلق قبل انتخابات 12 كانون الأول/ديسمبر.

وأضاف ميرفس “إن اسما جديدا، برضا القيادة، تغلغل في حزب العمال” ما يجعل يهود المملكة المتحدة “يتملكهم القلق”.

زعيم حزب العمال جيريمي كوربن (يمين الصورة) يبني آجرا خلال حدث ضمن الحملة الانتخابية في شمال انكلترا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.

وتابع “عندما يحين موعد 12 كانون الاول/ديسمبر، سأطلب من الجميع التصويت وفق ضميرهم. لاشك في ذلك، ان روح أمتنا على المحك” معتبرا ان كوربن “عاجز” عن الحكم.

 

– “شعور بانعدام الأمان” –

يواجه حزب العمال اتهامات بانتشار معاداة السامية بين اعضائه منذ تولي كوربن – الذي عُرف بتأييده لقضايا الفلسطينيين طوال حياته – زعامة الحزب في 2015.

واستقال عدد من أعضاء الحزب بعد اتهامهم الاشتراكي كوربن بالسماح للمشكلة بالانتشار بين صفوف الحزب وعدم بذل جهد لمعالجتها.

وكان كوربن اعترف في آب/اغسطس 2018 بأن حزبه لديه “مشكلة حقيقة” تتعلق بمعاداة السامية وأنه “تأخر كثيرا” في إنزال عقوبات تأديبية في الحالات المؤكدة، وأكد أن الأولوية هي “إعادة كسب ثقة” يهود بريطانيا.

اتهمت لوسيانا بيرغر (يهودية من الديمقراطيين الأحرار) حزب العمال الذي تخلت عنه في شباط/فبراير 2019 بأنه “معاد للسامية في هيكليته”.

من جهته، قال ايان اوستن النائب العمالي السابق إن “على كوربن ان يشعر بالخجل”.

وقبل اطلاق برنامج حزب العمال لمكافحة العنصرية اعتبرت وزيرة الداخلية (محافظة) بريتي بيتيل انه “من المدهش ان يقدم كوربن دروسا للاخرين حول مكافحة التمييز العرقي والديني في وقت يخضع فيه حزبه لتحقيق لجنة المساواة وحقوق الانسان بشأن مناهضة السامية السائدة في صفوفه”.

من ناحية اخرى قال جستن ويلبي اسقف كانتربيري ان تدخل ميرفس “يجب أن ينبهنا إلى مشاعر عدم الأمان العميقة التي يشعر بها اليهود البريطانيون”.

وأضاف “يوفر بيان كبير الحاخامات لنا جميعاً الفرصة للتأكد من أن كلماتنا وأفعالنا تعكس بشكل صحيح التزاماتنا بالازدهار والتكامل المتبادلين، من أجل الصالح العام”.

في الأسبوع الماضي، دعا ويلبي ونائبه، رئيس أساقفة يورك جون سينتامو، المرشحين الذين يخوضون الانتخابات لرفض خطاب الكراهية خلال الحملة.

بدوره قال المجلس الإسلامي البريطاني إنه يؤيد أيضاً التحدث مع ميرفس لكنه أشار إلى أن حزب المحافظين الحاكم فشل كذلك في التعامل مع شكاوى معاداة الإسلام في صفوفه.

في كشفه الثلاثاء برنامجه حول “العرق والدين”، عبر الحزب عن أمله في أن يتجاوز هذه القضية التي تضر به من خلال اقتراحات واسعة لتحسين العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ونشر المساواة العرقية.

وتشمل الاقتراحات تعليم الاطفال عن الاستعمار والظلم ودور الامبراطورية البريطانية، وذلك ضمن المناهج المدرسية، ومعالجة التمييز من خلال إجبار الشركات الابلاغ عن اية فروقات في الرواتب بين مختلف الأقليات العرقية.