ترجمة عن مقال لماثيو هيدجز*
منذ عام مضى، تم إطلاق سراحي من غرفة بلا نوافذ داخل إحدى المباني المكتبية في دولة الإمارات، حيث كنت محتجزاً لما يقرب من سبعة أشهر، لقد كان الأمر مروعاً، خاصة خلال الأسابيع الستة الأول، حيث تم استجوابي بصورة غير قانونية حُرمت خلالها من الاتصال بمحامي، كما حُرمت من تلقي المساعدة القنصلية المناسبة.
تم احتجازي داخل الحبس الانفرادي، وخلال فترة حبسي كانت الطريقة الرئيسية لتغذيتي هي إجباري على تناول بعض الأدوية، التي أدمنتها على الأرجح، حيث لا زلت أتناولها رغم محاولاتي المستمرة للتوقف عن ذلك، هذا بالإضافة إلى تناولي الأدوية لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الظروف التي مررت بها، حيث عانيت من استجوابات عدوانية متكررة، أدت في النهاية إلى الحكم علي بالسجن مدى الحياة بعد إجباري على التوقيع على اعتراف مزيف.
في تلك الأثناء، وبدون علمي، كانت قصتي تتصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل جهود زوجتي التي لم تتوقف عن القتال من أجل حريتي، وبعد مرور عام، ما زلت أحاول فهم ما حدث، ولست متأكداً إذا كانت المملكة المتحدة قد تعلمت أي شيء من تلك التجربة؛ ولكني متأكداً أن شيئاً لم يتغير في سياسات الإمارات.
حالتي، للأسف، ليست الأولى من نوعها، ولا الوحيدة، فالعديد من البريطانيين الآخرين تعرضوا لممارسات قمعية وتعسفية داخل الإمارات. على سبيل المثال؛ المواطن البريطاني علي عيسى أحمد، ذهب إلى الإمارات لقضاء عطلة وحضر مباراة لكرة القدم في بطولة كأس آسيا، كانت بين قطر والعراق، وقد شوهد وهو يرتدي قميص قطر لكرة القدم؛ وعليه تم اعتقاله وضربه واستجوابه قبل أن يُسجن لعدة أيام دون طعام أو ماء.
كذلك حالة المواطنة البريطانية “لاليه شرافيش”، التي قُبض عليها وهُددت بالسجن لمدة عامين لنشرها شيئًا ما على فيسبوك ضد زوجة زوجها السابق الجديدة.
جميع هذه الحالات تؤكد أن الواحة الليبرالية “المتسامحة”، كما تروج لها دولة الإمارات العربية المتحدة، ما هي إلا خدعة وتخضع بالكامل لأهواء أولئك الذين يضعون القانون وينفذونه.
على الرغم من أنه من المفترض أن تكون حياتنا محمية بجوازات السفر الخاصة بنا كمواطنين بريطانيين، فإنك تكتشف أنه لا قيمة لجوازك عندما تجد نفسك في الحبس الانفرادي، متهماً باتهامات كاذبة تماماً. لقد تطلب الأمر من الحكومة البريطانية تدخل اثنين من الوزراء، أحدهما رئيس الوزراء الآن، كما تطلب الأمر ضغط إعلامي هائل للإفراج عني.
أخبر موظفو وزارة الخارجية زوجتي أنه ليس عليهم أي واجب تجاهي، بل على العكس، الفضل في حالتي، كان مثل الحالات البارزة الأخرى مثل قضايا جيمي هارون وبيلي باركلي وإيلي هولمان- وجميعهم من البريطانيين الذين سجنوا في الإمارات- لجهود الحملات الشعبية التي ساهمت إلى حد كبير في إطلاق سراحنا.
ضغطت هذه الحملات على الحكومتين البريطانية والإماراتية وهددت سمعة دبي كوجهة سياحية وتجارية؛ ويبدو أن الدعاية السيئة هي قوة أقوى من أي آلية إنفاذ دبلوماسية أو لحقوق الإنسان.
وزارة الخارجية لن تعترف بأي تقصير، بل ستقول بأنها قامت بواجبها على أفضل وجه، وأنها اتبعت الخطوات المطلوبة والمناسبة، وربما بالفعل هي محقة بذلك، فموظفوها قاموا بما تمليه عليهم القواعد والقوانين الموضوعة للتعامل في مثل تلك الحالات، ولكن، ماذا لو أن تلك القواعد يشوبها قصور في الأساس؟ ماذا لو كانت تلك القواعد لا تحمي المواطنين بالصورة المطلوبة؟
في رأيي، يجب تحسين هذا النظام المنوط بالدفاع عن المواطنين وحمايتهم، وهي فكرة أرى أنها يجب أن تحظى بالإعجاب، وأتمنى لو تتواصل مع وزارة الخارجية لبحث الأمر، فهي حتى الآن لم تقدم لي أي شيء على الإطلاق، ولم تساعدني في عملية دفاعي عن اسمي وتحسين سمعتي التي شوهتها الإمارات.
على الرغم من تقدمي بطلب حرية المعلومات إلى وزارة الخارجية لتوفير الوصول إلى جميع البيانات المتعلقة بمعالجتها لقضيتي، فقد رفضت الوزارة مشاركة التفاصيل الرئيسية معي ومع المحامي الخاص بي، حتى نتمكن من معرفة ما حدث بالفعل.
كل ما يمكنني أن أعود إليه هو الأشهر السبعة التي تقلبت فيها بين الاكتئاب واليأس الذي كاد أن يدفعني للانتحار في أكثر من مرة.
أخشى ما أخشاه الآن، هو أنه ونظرًا لأن الإمارات هي أكبر سوق تصدير لبريطانيا في الشرق الأوسط، فإن هذه العلاقة التجارية تحظى بالأولوية على حماية المواطنين ودعم حقوق الإنسان.
في وقت سابق من هذا العام، استضافت حكومة المملكة المتحدة وفداً تجارياً من الإمارات العربية المتحدة لتوسيع هذه العلاقات؛ لذلك، بعد مرور عام على إطلاق سراحي، يبدو أن كل شيء عاد إلى ما كان عليه – حيث ترغب جامعات بريطانية مثل برمنغهام في فتح حرم جامعي في دبي، على الرغم من إدراكنا التام للمشاكل التي يواجهها الأكاديميون هناك وعلى الرغم من الاحتجاج الكبير من جانب موظفي الجامعة.
بعد إطلاق سراحي التقيت وزير الخارجية آنذاك، جيرمي هانت، ووعد بالإصلاح في سياسات وأنظمة وزارة الخارجية.
جيرمي هانت لم يعد في الخدمة الآن، وليس هناك ما يشير إلى أنه قد تم القيام بأي شيء لتحسين إجراءات مساعدة المواطنين البريطانيين المسجونين في الإمارات أو في أي مكان آخر.
في كثير من الأحيان، قامت الحكومة بوضع المصالح التجارية أو السياسية فوق حقوق الإنسان وحقوق المواطنين.
يجب أن ينتهي هذا: إن هذا التقاعس عن العمل يُمكّن المستبدين ويحط من سمعتنا الوطنية، في الداخل والخارج على حد سواء.
*هذا المقال مترجم على لسان ماثيو هيدجز كما كتبها للغارديان
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا