أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء أنها ستُعيّن سفيرًا في السودان للمرّة الأولى منذ 23 عاما، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء السوداني الإصلاحي المعتدل عبد الله حمدوك إلى واشنطن.

وأشادت الولايات المتحدة بالخطوات التي اتّخذها حمدوك “لتغيير سياسات وممارسات النظام السابق” الذي أدّى ارتباطه بإسلاميّين متطرّفين وبحملات قمع دمويّة إلى عزل السودان غربيًّا.

وصرّح وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو أنّ الولايات المتحدة ستُعيّن سفيرًا في الخرطوم بعد موافقة الكونغرس، مشيرًا إلى أنّ السودان سيستعيد تمثيله الكامل في واشنطن.

وكتب بومبيو على تويتر “هذه خطوة تاريخيّة لتقوية العلاقات بين البلدين”.

وفي بيان له، أشاد بومبيو بالحكومة الانتقاليّة التي يقودها مدنيّون وبإطلاقها “إصلاحات واسعة”.

وقال بومبيو إنّ حمدوك “أظهر التزاماً بمفاوضات السلام مع جماعات المعارضة المسلّحة، وأنشأ لجنة للتحقيق في أعمال العنف ضدّ المتظاهرين، والتزم إجراء انتخابات ديمقراطيّة في نهاية الفترة الانتقالية ومدّتها 39 شهراً”.

ويُعتبر حمدوك، وهو دبلوماسيّ ومسؤول سابق في الأمم المتحدة وتلقّى تعليمه في بريطانيا، أوّل زعيم سودانيّ يزور واشنطن منذ عام 1985.

إلا أنّه لم يلتق بومبيو أو الرئيس دونالد ترامب نظراً إلى وجودهما خارج البلاد. واجتمع مع ديفيد هيل، الرجل الثالث في وزارة الخارجيّة، وعدد من المشرّعين.

تولّى حمدوك زمام الأمور في آب/أغسطس، بعد أشهر من التظاهرات التي قادها شباب أسقطوا الرئيس السابق عمر البشير وبعده المجلس العسكري الذي حاول البقاء في السلطة.

في كانون الأول/ديسمبر 2018 اندلعت تظاهرات غير مسبوقة ضد نظام البشير احتجاجاً على زيادة سعر الخبز، ثم تحوّلت الى انتفاضة شعبيّة تُطالب بسقوط نظام البشير الذي أطاحه الجيش في 11 نيسان/أبريل.

والبشير موقوف مذّاك ويُحاكم حاليّاً بتهمة فساد مالي، كما أنّ العديد من أركان نظامه وحزبه هم في السجن أيضاً.

نحو الشطب من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟ –

وساد التوتّر العلاقات بين الولايات المتحدة ونظام البشير الذي تولّى السلطة في عام 1989 وتبنّى نهجاً إسلامياً، واستضاف زعيم تنظيم القاعدة أسامة في لادن في بلاده لفترة.

وبعد اعتداءين استهدفا السفارتَين الأميركيّتين في كينيا وتنزانيا في العام 1998 دمّرت الولايات المتحدة بهجوم صاروخي “مصنع الشفاء” للأدوية في السودان متّهمةً إيّاه بتصنيع غاز للأعصاب، ما نفته الخرطوم بشدّة.

ولا تزال واشنطن تصنّف السودان دولةً راعية للإرهاب، وهو ما تقول الحكومة الجديدة إنّه يعوق الاستثمار الأجنبي.

ورغم تعاطفهم مع مطالب السودان، إلا أنّ مسؤولين أميركيّين يقولون إنّ إزالة ذلك التصنيف هو عملية قانونية تستغرق وقتا.

وفي محادثات عقدت في الكونغرس، تعهّد نواب أميركيّون دعم الحكومة السودانيّة الجديدة، لكنّهم شدّدوا على ضرورة التوصّل إلى تسوية مع عائلات ضحايا الاعتداءين كما وعائلات ضحايا هجوم استهدف المدمّرة الأميركية “كول” في عام 2000، تتّهم واشنطن النظام السوداني بتدبيره.

وتحدّث النواب عن ضرورة “الشفافية المالية في القطاع الأمني وعن فلول للنظام السابق يُمكن أن يدعموا الإرهاب الدولي”، وفق بيان للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.

وتطرّق حمدوك لهذا الأمر في بيان لمكتبه أكّد فيه تصميم الحكومة الانتقاليّة الجديدة على “مكافحة الإرهاب”، مشدّدًا على ضرورة إعداد برنامج إقليمي ودولي لهذه الغاية من شأنه إرساء الاستقرار في المنطقة.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركيّة أنّ منوتشين بحث مع حمدوك في سبل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وتصاعدت التوترات كذلك بين البلدين بسبب حملة الأرض المحروقة التي نفّذها البشير في إقليم دارفور، والتي وصفتها الولايات المتحدة بأنّها إبادة جماعيّة، ودعت الى محاكمة البشير.

وفي مؤشّر إلى ضعف العلاقات الثنائيّة، مثّلَ الولايات المتحدة في الخرطوم قائم بالأعمال وليس سفير.

وتقدّر الأمم المتحدة أنّ حوالي 300 الف شخص لقوا حتفهم كما نزح 2،5 مليون في النزاع الذي شهد قيام القوات السودانية بعمليّات اغتصاب وقتل ونهب وحرب للقرى التي اشتبه بدعمها للمتمرّدين.

والشهر الماضي زار حمدوك دارفور حيث التقى مئات من ضحايا النزاع وأكّد لهم أنه يعمل على تحقيق مطالبهم بالسلام الدائم.

وبدأت الحكومة الانتقالية محادثات سلام مع المتمردين الذين قاتلوا قوات البشير في دارفور وكذلك النيل الأزرق وجنوب كردفان.

ومنذ أطاح الجيش البشير في 11 نيسان/أبريل، يتولّى مجلس سيادي مؤلف من مدنيّين وعسكريّين قيادة فترة انتقاليّة في السودان تستمر ثلاث سنوات ويُفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات تنقل السلطة إلى المدنيّين بالكامل.