أسدلت محكمة ستافنجر بالنرويج، مساء الثلاثاء3 ديسمبر 2013، الستار عن ملاحقة قضائية طويلة، ضد لؤي ديب، الذي يوصف بأنه رجل دحلان في أوروبا، والذي تموله دولة الإمارات عن طريق منظمة حقوقية، تدعى ”الشبكة الدولية للحقوق والتنمية”GRAND ، والتي اتهمتها الحكومة النرويجية عام 2015 بغسيل الأموال، وإدارة “عمليات مشبوهة” للإمارات.
من هو لؤي ديب؟
ولد عام 1975 في مدينة رفح، حصل على شهادته الجامعية من غزة، عمل كموزع جرائد على المنازل، ثم سافر إلى النرويج عام 1997 وكان عمره 22 سنة.
حصل على الجنسية النرويجية بعد تقديم طلب لجوء سياسي للعمل كسائق تاكسي.. ثم أسس منظمة “GRAND” عام 2008.
كثيرا ما يقدم لؤي نفسه على أنه صاحب شهادة دكتوراه في القانون الدولي، وهو ما نفته الصحافة النرويجية في سياق تتبعها لقضيته.
جراند.. البداية من الدفاع عن حقوق الفلسطينيين:
بدأ لؤي منظمته بتأسيس التحالف الدولي ضد مجرمي الحرب، الذين اتهموا بارتكابهم جرائم حرب إسرائيلية، وشارك في حملات مقاطعة إسرائيل، وقاد “مهمات التحقيق في غزة” بعد حرب غزة عام 2009، كما شارك أيضا في الدعاوى القضائية النرويجية ضد المسؤولين الإسرائيليين.
في يناير 2013، وخلال الاستعراض الدوري الشامل الخامس عشر للأمم المتحدة، نظمت GRAND حدثًا جانبيًا بعنوان “الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان”، لمناقشة واقع “الاحتلال الإسرائيلي وأثره على حياة الفلسطينيين اليومية”.
في عام 2014، كان لؤي ديب من الموقعين على رسالة تحث الحكومة النرويجية على إدانة إسرائيل “لانتهاكها القانون الدولي” و “السياسة اللاإنسانية”، وقد أيدت هذه الرسالة مختلف المنظمات النرويجية، التي شجعت انطلاق حملات سياسية ضد إسرائيل.
تزعم GRAND أن لديها مكاتب في عمان وبروكسل ودبي وجنيف وأسبانيا، وبحسب الموقع الرسمي للمنظمة، فإن مجلس الإدارة يتكون من حسن موسى، وعلي أحمد عبد الله العنزة، وشوقي عبدالمجيد عيسى، و خليل أبو شمالة، ومجدي السيد، وسالم قاعود، ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة أبو ذر المانع
يبلغ رأس مال المنظمة 3.5 مليون يورو في السنة، وتقول المنظمة أن معظم تمويلها يأتي من التبرعات، وأن لها الكثير من الرعاة؛ غير أن الموقع لم يذكر سوى شركة واحدة مقرها الإمارات، تدعى ديب للاستشارات، والتي يرأس مجلس إدارتها لؤي ديب!
لؤي ودحلان.. قصة التحول:
تناقلت الصحف النرويجية، أنّ منظمة لؤي الدولية أُسست بمساعدة “رمضان أبو جزر” (من سكان رفح ومقيم في بروكسل)، وأجرى مفاوضات لتتبناها المخابرات الفلسطينية العامة، وعلى مدار أشهر من عام 2011، عبر مدير الإدارة العامة للأمن الخارجي العميد مأمون هارون رشيد، وبمتابعة مباشرة من مدير المخابرات اللواء ماجد فرج..
كما أشارت لاحقًا تقارير صحفية إلى أنَّ لؤي ديب غيَّر ولاءه من المخابرات العامة التابعة للرئيس محمود عباس، إلى غريمه محمد دحلان، الذي يعمل كمستشار لدى دولة الإمارات؛ وقد تم فصله من حركة فتح باكرا.
أيضا أشارت وسائل اعلام نرويجية، نقلاً عن مصدر استخباراتي في السلطة الفلسطينية، أن المنظمة الحقوقية التي كان يديرها لؤي ديب، كانت في الأصل موجهة لدعم الشعب الفلسطيني، إلا أن “محمد دحلان” مستشار بن زايد، انتقل بها لتكون إحدى أذرع الإمارات في المنطقة الأوروبية.. كما استعانت الإمارات بـ”ديب” لتمويل أنشطتها المؤيدة للتطرف في سوريا، حسب الرواية النرويجية.
تقارير إعلامية أخرى أكدت أنه عضو في المخابرات الإماراتية، وقد قام برشوة العشرات من الأفراد والمنظمات غير الحكومية في جنيف، من أجل تشويه صورة خصوم أبو ظبي.
وضمن تحقيق أجراه موقع ‘عرب48’ عام 2015، تبين أن لؤي ديب وأفراد شبكته، قد عملوا عن طريق فرعهم في الأردن ضمن ‘حملات إغاثة’، للاجئين السوريين في الأردن ولقطاع غزة مع مجموعات شبابية لمنظمة جراند، وبحسب شهادات حصل عليها ‘عرب 48’، فإن هناك تساؤلات عديدة حول إدارة الفرع في الأردن، إذ لم يقدم في نهاية الحملة تقرير مالي واضح لنشطاء مركزيين في الحملة في الداخل، برغم مطالب النشطاء العديدة والحثيثة بتسليمه، ول ترسل الشبكة أي تقرير مالي، أو دليل على وصول الأموال والمواد الإغاثية إلى قطاع غزة، وقال أحد المتطوعين في الحملة فضل عدم الكشف عن اسمه: ‘بعد انتهاء حملة الإغاثة لأهلنا في غزة بعد العدوان الأخير، طلبنا من الفرع الأردني للشبكة الدولية تقريرا ماليا وافيا عن المبالغ المالية والمساعدات، وكيفية توزيعها، لكنهم لم يرسلوا لنا شيئًا، ولم يكن هناك أي دليل على وصول الأموال وشحنات الإغاثة إلى هناك’.
وحسب تقرير لـ NGO Monitor المختص بمراقبة المنظمات غير الربحية، فإن منظمة جراند سعت إلى “إحباط استضافة قطر لكأس العالم 2022 “.
أيضا ظهرت إحدى فضائح جراند، وفقا لما جاء في تحقيق لجريدة “داغسن” في تقرير بعنوان “الناشط الحقوقي الغامض”، في 12 يونيو/حزيران 2015، أن منظمة لؤي ديب، وضعت الإمارات على رأس تقرير يصنف دول العالم من حيث الأكثر التزامًا بحقوق الإنسان، فجاءت الإمارات بالمرتبة 12 متفوقةً بذلك على قائمة من الدول، مثل الولايات المتحدة وألمانيا، وفرنسا التي جاءت في المرتبة 20.
وربطت صحيفة “ستافانغر أفتن بلاديت” عام 2016، بين جراند و”مركز المهماز للدراسات”، ومقره دولة الإمارات، وبين تحويل مالي حصل في 2013 للؤي ديب بقيمة 100 ألف يورو، مقابل قيامه بنشر وثيقة من مدوّن بريطاني يدعى بريان وايتاكر، تزعم “تورّط قطر بإنشاء مواقع إخبارية وهمية لمهاجمة دول الحصار”.
وبحسب الجارديان” فإنَّ “لوئ” تلقى أكثر من 1.6 مليون دولار عن طريق دولة الإمارات عام 2013، وارتفعت التحويلات إلى 5 ملايين دولار في عام 2014، وأكثر من 6.9 ملايين دولار عام 2015، وفي عام 2013 وحتى عام 2015 كانت أكبر جهة مانحة لجمعية (ديب)، هي شركة متخصصة في أمن المعلومات، ومقرها الإمارات. (الصورة: وثيقة تحويل الأموال)
كذلك اتّهمت منظمات تونسية “الشبكة الدولية للحقوق والتنمية: جراند” بالعمل ضد حزب النهضة خلال الانتخابات التونسية، لصالح نداء تونس ورئيسها الباجي قائد السبسي، بعد أن عملت نفس الدور ضد الإخوان المسلمين في مصر.
وأشارت صحيفة ستافانغر إلى أن “سعي الشبكة لتبييض الصفحة الحقوقية للإمارات، بعد تلقيها أموالاً من أبو ظبي غير مبلّغ عنها في النرويج، إضافة إلى مخالفة تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش، والمنظمات الحقوقية التي ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات”.
الخط الزمني لانهيار الديب: (الصورة: لائحة اتهامات النرويج)
في مايو 2012، كشفت صحيفة جيروزاليم بوست، عن وثائق مسربة، أظهرت أن “جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يخطط لاستخدام الشبكة العالمية للحقوق والتنمية كواجهة لأنشطة التجسس”، ووفقًا لمصدر الأخبار النرويجي NRK، “كان الاتفاق على أن الاستخبارات ستمول تأسيس المنظمة”.
ووفقا لـجيروزاليم بوست، تتلخص الخطة، في استخدام GNRD كواجهة لإنشاء “مجموعة دولية فعالة وذات مصداقية لحقوق الإنسان”، مقرها في جنيف، ويكون هدفها الدفاع عن القضايا الفلسطينية “وجمع المعلومات”.. كما كشفت الوثائق المسربة أن ضابط مخابرات فلسطيني كان من الموقعين على وثيقة GNRD الداخلية.
وفي مايو 2015: فتحت الهيئة الوطنية النرويجية، للتحقيق والمقاضاة في الجريمة الاقتصادية والبيئية، تحقيقًا ضد GNRD ومؤسسها لؤي ديب، بسبب “غسل الأموال” بقيمة “أكثر من 100 مليون كرونة نرويجية” حسب تقارير وسائل الإعلام النرويجية، واقتحمت الشرطة، ومكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية، مكتب “الشبكة العالمية للحقوق والتنمية” بالتزامن مع اقتحام منزله، وأوقف “ديب” لمدة 48 ساعة على ذمة التحقيق، وفور إخلاء سبيله، تمكن من الهرب خارج البلاد، تحديدًا إلى مصر ثم إلى دولة الإمارات، وبات الرجل مطلوبًا للعدالة في دولة النرويج، بعدما وجّهت له السلطات القضائية تهمة تبييض الأموال وأعمالًا إجرامية، طبقا للقانون 317 المتعلق بجرائم الاقتصادية والاحتيال.
في سبتمبر 2018، اتُهم لؤي ديب باختلاس وغسل 10 ملايين كرونة نرويجية (1.2 مليون دولار أمريكي) من GNRD.. ووفقًا لتقرير صادر عن هيئة الإذاعة النرويجية، فإن ديب تلقى الدعم من المخابرات الفلسطينية في إدارة GNRD، بما في ذلك جواز السفر الدبلوماسي.
واتُهم ديب أيضًا بإدارة جامعة مزيفة في النرويج، أغلقت تحت تهديد الإجراءات القانونية من جانب السلطات النرويجية.
وبحسب تقارير صحفية؛ فإنَّ قضية “الشبكة العالمية” بَقِيت تحت التحقيق والمراقبة منذ يناير 2015، بعد جدل أثير في أروقة “مجلس حقوق الإنسان”، والأمم المتحدة عمومًا، لإصرار “لؤي ديب” على نيل اعتراف بمنظمته كمنظمة ضغط “لوبي”
وبحسب صحيفة “داك نارينغ ليف”، بلغ مجمل دخل “ديب” حتى مطلع عام 2013، 200 ألف كرونة، في حين ارتفع فجأة مع العام 2013، إلى نحو 4.7 مليون كرونة، فضلًا عن امتلاكه ثلاث شركات في الإمارات العربية المتحدة، والتي ترسل الأموال إلى ستافنغر حيث مقر (GNRD) التي يترأسها.. والشركات هي: Deep Consulting وتعود ملكيتها إلى “لؤي ديب”، وشركتان أخريتان، هماAdvance Security Technology و Lana Interi، ولهما عنوان واحد، ولا يوجد أي معلومات عن ماهيتهما، أو طبيعة الأعمال التجارية التي تقومان بها”.
وبحسب دائرة الضريبة النرويجية، فإنَّ “الشبكة العالمية للحقوق والتنمية” لم تقدّم حساباتها ولم تدفع أجوراً شهرية، سوى راتب سنوي واحد بلغ 140 ألف كرونة (ما يعادل 30 ألف دولار) الأمر الذي وصفته السلطات النروجية بأنه مثير للانتباه؛ إذ لم يكن لتلك المنظمة التي مقرها ستافنغر، أي تسجيل رسمي ولا علاقة بالمنظمات الحقوقية المحلية، ولا الدولية، ولا حتى اتصال بوزارة الخارجية النرويجية.
مصادر:
https://norwaytoday.info/news/human-rights-leader-owes-nok-27-million/
https://www.ngo-monitor.org/ngos/global_network_for_rights_and_development_gnrd_/
اضف تعليقا