اعترف الكونغرس الأميركي رسميا الخميس بـ”الإبادة الأرمنية” في تصويت رمزي زاد من توتر تركيا في مرحلة حاسمة لمستقبل العلاقات بين واشنطن وأنقرة.

وبعد تصويت مجلس النواب بأغالبية ساحقة في نهاية تشرين الأول/أكتوبر على القرار، تبنى مجلس الشيوخ الخميس بإجماع أعضائه نصاً “من أجل إحياء ذكرى الإبادة الأرمنية عبر الاعتراف بها رسميا”.

ويدعو النص أيضا إلى “رفض محاولات (…) إشراك الحكومة الأميركية في إنكار الإبادة الأرمنية” في النص الذي روجه لها اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، ومنع حلفاء جمهوريون للرئيس دونالد ترامب إقراره.

وقال السناتور الديموقراطي بوب ميننديز أحد معدَي النص “انا مسرور بتبني هذا القرار في زمن لا يزال هناك ناجون من الابادة”، ثم توقف عن الكلام متأثرا وغلبته الدموع.

وكما حدث في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اعلن رئيس الوزراء الارمني نيكول باشينيان ان تبني مجلس الشيوخ الاميركي الخميس القرار يشكل “انتصارا للعدالة والحقيقة”. وكتب في تغريدة على تويتر “باسم الشعب الارمني، اعبر عن امتناننا للكونغرس الاميركي”.

ورأى أن تصويت الخميس “خطوة شجاعة نحو الحؤول دون حصول عمليات ابادة مستقبلا”.

وكما حدث في تشرين الأول/أكتوبر أيضا دانت تركيا بلا تأخير التصويت مؤكدة أنه “يعرض للخطر” مستقبل العلاقات الأميركية التركية.

دعوة إلى ترامب

مع أن القرارين غير ملزمين، دعا البرلمانيون الرئيس دونالد ترامب إلى أن يحذو حذوهم. وكتب النائب الديموقراطي آدم شيف في تغريدة على تويتر أن “الكونغرس بات موحدا لقول الحقيقة بشأن الإبادة”. وأضاف “حان الوقت ليفعل الرئيس الأمر نفسه”.

وكان ترامب وصف في بداية ولايته المجازر ضد الأرمن في 1915 بأنها “واحدة من أسوأ الفظائع الجماعية في القرن العشرين”، لكنه حرص على الامتناع عن استخدام كلمة “إبادة”.

وتعترف ثلاثون دولة بالابادة الارمنية. وتفيد تقديرات أن ما بين 1,2 و1,5 مليون ارمني قتلوا خلال الحرب العالمية الاولى بأيدي قوات السلطنة العثمانية التي كانت متحالفة آنذاك مع المانيا والنمسا-المجر.

لكن تركيا ترفض استخدام كلمة “إبادة” وتتحدث عن مجازر متبادلة على خلفية حرب أهلية ومجاعة خلفت مئات آلاف الضحايا بين الاتراك والارمن.

ويأتي هذا التصويت في فترة تمر فيها العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، توترا وتبدو في مفترق طرق.

ففي واشنطن، يشعر الجزء الأكبر من الطبقة السياسية بالغضب في مواجهة ما تعتبره تجاوزات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

وهذا الغضب ناجم خصوصا عن شراء الجيش التركي منظومات روسية للدفاعات الجوية في خطوة اعتبرت مخالفة لعضوية أنقرة في الحلف، ثم إطلاق تركيا عملية عسكرية في سوريا ضد القوات الكردية المتحالفة مع الغربيين في الحرب على الجهاديين.

عقوبات مطروحة ضد تركيا

في إشارة إلى قطيعة غير مسبوقة، تبنّت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء اقتراح قانون يدعمه الديموقراطيون والجمهوريون وينص على فرض عقوبات قاسية على تركيا وقادتها.

وفي حال تم تمرير هذا النص، فسيسبب إرباكا للرئيس ترامب، حتى بدرجة أكبر من القرار حول الإبادة الأرمنية.

ويشدد الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة في الواقع على “الصداقة” التي تربطه باردوغان الذي استقبله بحفاوة كبيرة في مكتبه الشهر الماضي.

وواجه ترامب اتهامات حتى من داخل معسكره بـ”التخلي” عن حلفائه الأكراد مما مهد للهجوم التركي في سوريا.

وفي تغريدة على تويتر، كتب مبعوث ترامب السابق لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية بريت ماغورك الخميس أنه بعد شهر على اللقاء المثير للجدل الذي عقد في البيت الأبيض، ابتعد اردوغان بشكل أكبر عن الغربيين ليتقرب من روسيا.

وكتب الرجل الذي اصبح من معارضي السياسة الخارجية لترامب “هذه هي العواقب عندما يرضي ترامب اردوغان من دون أن يطلب مقابلا لذلك”. وأضاف أن “العلاقة بين ترامب واردوغان قوضت كل جهد جدي لدفع تركيا إلى أن تصبح بناءة بدرجة أكبر”.