قرر الكونغرس الأمريكي منح وكالة الاستخبارات الأمريكية شهراً كمهلة أخيرة لإصدار إعلانها الرسمي حول حقيقة تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل الصحفي السعودي في الواشنطن بوست جمال خاشقجي، وإن كان يتحمل المسؤولية من عدمه.

 

القرار جاء بعد مفاوضات المجلس الأربعاء الماضي حول مشروع قانون الإنفاق العسكري، المعروف باسم قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، والذي أقره أغلبية كبيرة في مجلس النواب، ومن المتوقع أن يوافق عليه مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل قبل أن يوقعه دونالد ترامب.

 

في المفاوضات التي تمت قبل إقرار القانون المُشار إليه، تم حذف المقاطع والبنود التي تنص على ضرورة اتخاذ تدابير عقابية ضد قتلة خاشقجي، وذلك وفقاً لإصرار البيت الأبيض، الذي أصر أيضاً على حذف البنود التي من شأنها أن تقلل الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن.

 

ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، قام صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، ومستشاره، بدور قيادي في تلك المفاوضات نيابة عن البيت الأبيض، وأصر على ضرورة إزالة الأحكام العقابية على المملكة العربية السعودية.

 

لكن النسخة النهائية من مشروع القانون احتفظت بلغة تتطلب من مدير الاستخبارات الوطنية تقديم قرار رسمي خلال 30 يومًا حول من المسؤول عن قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

 

في أبريل/ نيسان، منعت الولايات المتحدة دخول 16 سعوديًا إلى أراضيها، وذلك لدورهم في مؤامرة القتل، بما في ذلك أحد أقرب مساعدي ولي العهد، سعود القحطاني.

وهذا الأسبوع، أضافت وزارة الخارجية القنصل السعودي السابق في اسطنبول، محمد العتيبي، إلى قائمة الممنوعين من الدخول.

 

في مؤتمر صحفي مغلق في ديسمبر/كانون الثاني 2018، أخبرت مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جينا هاسبل، أعضاء مجلس الشيوخ أن الوكالة كانت مقتنعة بأن القتل قد أمر به ولي العهد محمد بن سلمان.

 

في حديثه للغارديان، قال توم مالينوفسكي، عضو الكونغرس الديمقراطي من نيوجيرسي والذي صاغ تشريع المساءلة عن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية: “نحن نعلم أن مجتمع الاستخبارات قد قدر بثقة عالية أن بن سلمان يتحمل على الأقل بعض المسؤولية عن مقتل خاشقجي والتستر الذي أعقب ذلك”، وتابع “لذا إذا أجابوا على السؤال، بصراحة، سيكون بن سلمان ضمن القائمة”.

 

وأضاف مالينوفسكي: “لن أتفاجأ إذا مارس البيت الأبيض بعض الضغوطات على مدير الاستخبارات القومية للتوصل إلى استنتاج مختلف”؛ “لذلك سنراقب هذا باهتمام كبير…. لدينا ميزة معرفة مقدما ما يفكر فيه مجتمع الاستخبارات لأنهم أخبرونا بالفعل في اجتماعات سرية؛ لذلك سيكون من المثير للشبهات إذا أخبرونا بشيء مختلف في إعلانهم المنتظر “.

 

يعتبر المحللون أن مطلب الكونغرس بإصدار إعلان رسمي سيكون بمثابة اختبار لاستقلالية مكتب مدير الاستخبارات القومية الأمريكية، خاصة بعد الإطاحة بدان كوتس من منصبه الصيف الماضي، وتولي نائبه السابق، جوزيف ماجواير، قيادة المنصب منذ أغسطس/آب.

 

من ناحيته قال بروس ريدل، وهو ضابط كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وخبير في الشؤون السعودية، إنه من المحتمل أن يكون هاسبل قد أعطى تقييم الوكالة لدور الأمير محمد في مقتل خاشقجي شفهياً إلى مجلس الشيوخ، مما يترك لمجتمع المخابرات مساحة كافية للمناورة لتسليم قائمة بأسماء المشتبه بهم، والذين حددتهم الولايات المتحدة بالفعل، باستثناء ولي العهد، مشيراً إلى أن إعفاء ولي العهد السعودي من المسؤولية “سيكون خطًا فادحاً ومفضوحاً، لكن لا شك أن هذه الإدارة سوف تدير الأمر”.

وأضاف إن البيت الأبيض كان سيجد أنه من “الإشكالية” إقناع كوتس بإصدار قرار يرضي ترامب.

 

للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا