تزداد معاناة الشعب الليبي مع استمرار الانفصال السياسي والاقتتال الداخلي الذي تحول إلى حرب بالوكالة بسبب دعم أطراف خارجية أطرافا في الأزمة بالسلاح والطائرات.

البعض يرى أن خارطة الطريق الأممية التي طرحها غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا تمثل طوق نجاة لأبناء الدولة الغنية بالنفط والتي تعاني من تبعات الوضع الأمني المتردي وانهيار النظام الصحي والقطاع الاقتصادي، وانعدام الأمن في بعض المناطق وحصار مناطق أخرى.

وتنقسم خارطة الطريق إلى ثلاث مراحل تبدأ بتعديل الاتفاق السياسي المعروف باتفاق الصخيرات، حيث ثمة توافق واسع في الآراء بشأن المسائل التي تتطلب تعديلا عليها بحسب تصريحات المبعوث الأممي خلال اجتماع الأمم المتحدة الأخير بنيويورك.

وانطلقت الثلاثاء الماضي أولى جولات الحوار المباشر في العاصمة التونسية بين وفدين من مجلس الدولة الليبيي ومجلس النواب وتستمر لمدة أسبوع من أجل تعديل بنود الاتفاق السياسي.

فتح الباب

وبحسب خارطة الطريق تبدأ المرحلة الثانية بمجرد الانتهاء من التعديلات، بعقد مؤتمر وطني يهدف إلى فتح الباب أمام الأطراف التي تحجم عن الانضمام إلى العملية السياسية والذين تم استبعادهم في السابق من جولات الحوار.

وبعد المؤتمر يتعين على مجلس النواب وهيئة صياغة مشروع الدستور العمل بصورة متوازية، بحسب الخطة التي توقعت من مجلس النواب إيلاء الأولوية لإصدار تشريع لإجراء استفتاء دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية.

وتشير خارطة الطريق، إلى أنه من المفترض أن تنتهي المرحتلين الأولى والثانية خلال عام، بحسب الوعاء الزمني الموضوع في تلك الخارطة.

كما تشمل برامج الخطة الأممية دعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للمشاركة في تمويل صندوق الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا من أجل توسيع نطاق الخدمات.

وبانتهاء العمل الأول وانتهاء المرحلتين الأولى والثانية بحسب ما هو مدرج في الخطة تبدأ المرحلة الثالثة والنهائية والتي تشمل إجراء استفتاء لاعتماد الدستور”، يليه إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية والوصول إلى هذه النقطة يؤشر إلى “نهاية المرحلة الانتقالية”.

وتهدف مراحل الخطة إلى تهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات تعيد للدولة الليبية حياتها السياسية والمؤسسية التي غابت عنها منذ أعوام.

من جهته، شدد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج على دعم جهود المبعوث الأممي وخريطة الطريق التي طرحها مشيرا إلى أهمية التعامل بحزم من قبل المجتمع الدولي مع “المعرقلين للاتفاق السياسي، مع ضرورة وضع إطار زمني لتنفيذ مراحل الخطة الأممية.

عودة الفلول

ومن أبرز ما ورد في خارطة الطريق عودة فلول القذافي إلى الساحة مرة أخرى بعد أن ألمح المبعوث الأممي إلى إشراكهم في العملية السياسية.

ويرى الناشط الليبي خالد الغول أن الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة تريد بها فرض ما تراه على الجميع وأن يذهب الليبيون إلى الانتخابات بدستور مستفتى عليه غير مهتم بالنتائج.

وأوضح في تصريحات صحفية أن المبعوث الأممي أدخل في المفاوضات طرفا كان مستبعدا في السابق وممثلين عن نظام القذافي وهو الأمر الذي سيمكن الفلول من خوض الانتخابات، مشيرا إلى أن نجاح المدة المطروحة تعتمد على حزم المبعوث الأممي مع تلك العناصر.

ورفض عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، أبوبكر بعيرة، الخارطة، معتبراً، أنها ستبعد المشهد الليبي عن الواقع، وستُدخله في فوضى جديدة، متهما في الوقت نفسه أطرافا دولية بتعقيد الوضع في ليبيا.

ولفت “بعيرة إلى وجود رفض واسع بين الليبيين وجود فلول النظام السابق ضمن المشهد الجديد مشيرا إلى أن نتائج إدخالهم في العملية السياسية ستكون سلبية وستؤدي إلى خلط الأوراق، مطالبا باستبعاد كل من ارتكب خطأ أو جرما أو أوغل في دماء الليبيين أو سرق أموالهم من المشاركة في صناعة مستقبل ليبيا.

تباين في الآراء

بينما أكد عضو مجلس الدولة بطرابلس محمد آدم في تصريحات لموقع العربي الجديد، أن الخريطة بها الكثير من العيوب وعلى رأسها عدم وجود جدول زمني للمراحل الثلاث مشيرا إلى أن الخطأ الأكبر هو رهن الليبيين مصيرهم بالأطراف الخارجية والبعثة الأممية.

وأشار “آدم” إلى أن الليبيين ليس لديهم خيارات أخرى خاصة في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية وبالتالي لا بديل عن القبول بالخارطة.

وفي معرض تصريحاته أوضح أنه الاتفاق السياسي هو الباب الوحيد للخروج من الفترة الانتقالية رغم إعلانه عدم تفاؤله من نتائج خارطة المبعوث الأممي.

وعلى صفحته بموقع “فيس بوك” أشاد عضو مجلس النواب الليبي عبدالسلام نصية بالخطة وقال إنها تحتوي على الخطوط العريضة لمعالجة الأزمة الليبية.

واعتبر “نصيه” ابتعاد الخطة عن الارتكاز على الأشخاص في إعادة بناء هياكل الدولة، خاصة في المرحلة الأولى، يكسب بناء هذه الهياكل أهميتها للوطن وللدولة.

وأوضح أن المؤتمر الوطني أوكل إليه مهمتين رئيسيتين “اختيار أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء وإبداء الملاحظات والاقتراحات حول الدستور” مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى آلية واضحة وشفافة ويعتمد على نجاح اختيار أعضاء المؤتمر ومدى تمثيلهم للواقع الليبي.

إيطاليا تدعم الخارطة

وعلى الصعيد الدولي أعلنت روما دعمها خارطة الطريق الجديدة في ليبيا والتوجه الذي يتبناه المبعوث الأممي غسان سلامة في سبيل إعطاء مزيد من الزخم للحوار السياسي الليبي.

وقالت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي أن أي مبادرة للتعاون الإيطالي ستكون على أساس الاحترام التام لسيادة ليبيا

وأعربت “بينوتي” عن أملها في أن “تتمكن جميع الأطراف من المساهمة بفعالية في هذه الاستراتيجية”، مشددة في الوقت نفسه على استبعاد الحل العسكري.

وتشهد معظم المدن الليبية قتالا بين كيانات مسلحة عديدة منذ أن أطاحت الثورة بالرئيس معمر القذافي في 2011، بالإضافة إلى وجود حكومتين إحداهما في العاصمة طرابلس وهي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج المعترف بها دوليا والأخرى في مدينة البيضاء المنبثقة عن برلمان طبرق وهي حكومة موالية للواء الانقلابي خليفة حفتر المدعوم من حكومة السيسي في مصر وبن زايد في الإمارات.