وقّعت مجموعة السيارات الفرنسية “بي إس آ” ومنافستها الأميركية الإيطالية “فيات-كرايسلر” اتفاق اندماج ينشئ رابع أكبر مصنّع للسيارات في العالم، في وقت يواجه القطاع صعوبات في التحوّل لوسائل نقل أكثر اعتمادا على الطاقة المستدامة وأكثر مراعاة للبيئة.

وجاء في بيان مشترك أن مجموعتي “فيات- كرايسلر للسيارات وبيجو إس آ (مجموعة بي إس آ) وقعتا اليوم اتفاق شراكة ملزما ينص على اندماج متناصف لإنشاء رابع أكبر مصنّع في العالم لمعدات السيارات الأصلية من حيث الحجم، وثالث أكبر مصنّع من حيث العائدات”.

وأضاف البيان أن “الاتفاق لن يؤدي إلى إغلاق أي مصنع”.

وسيعمل في المجموعة المشتركة الجديدة أكثر من 400 ألف شخص، مع عائدات إجمالية تقارب 170 مليار يورو (190 مليار دولار) ومبيعات سنوية بمقدار 8,7 مليون سيارة من طرازات فيات وألفا روميو وكرايسلر ودودج ودي إس وجيب ولانسيا ومازيراتي وأوبل وبيجو وفوكسهول.

وجاء في البيان أن المجموعة المشتركة ستمتلك “الريادة والموارد والقدرة لتكون في طليعة حقبة جديدة في قطاع نقل مستدام”.

وتوقّع البيان أن يستغرق إنجاز عملية الاندماج ما بين 12 و15 شهرا.

وجاء في البيان أن الاندماج الذي كان الطرفان قد وافقا عليه في نهاية تشرين الأول/أكتوبر “سيحقق وفرا سنويا بنحو 3,7 مليارات يورو”.

وستتخذ المجموعة المشتركة من هولندا مقرا لها وستكون مدرجة في بورصات باريس وميلانو ونيويورك.

وسيتولى رئيس مجموعة فيات كرايسلر جون إلكان رئاسة المجموعة الجديدة على أن يكون رئيس مجموعة بي إس آ كارلو تافاريس مديرها التنفيذي.

– “فرصة كبرى” –

وقال تافاريس في بيان إن “اندماجنا يشكل فرصة كبرى لكي نعزز موقعنا في قطاع صناعة السيارات في إطار سعينا لريادة عملية تحوّل نحو عالم أنظف وأكثر أمانا قطاع نقل مستدام”.

واعتبر المدير التنفيذي لفيات كرايسلر مايك مانلي أن الاندماج هو “اتحاد بين شركتين تمتلكان علامات تجارية رائعة وقوى عاملة ماهرة ومتفانية”.

وستصبح المجموعة المشتركة الجديدة رابع أكبر مجموعة سيارات من حيث المبيعات بعد فولكسفاغن، ورينو-نيسان ميتسوبيشي، وتويوتا.

ويُتوقّع أن يؤدي الاندماج إلى وفر كبير في النفقات حيث ستتقاسم الشركتان تكاليف تطوير السيارات الكهربائية التي من المتوقع أن تهيمن على تنقل الأفراد في المستقبل مع المساعي الدولية إلى تقليل انبعاثات الكربون للحد من تغير المناخ.

ويأتي الاندماج بعدما سجّل قطاع صناعة السيارات العام الماضي انكماشا بنسبة 1,7 بالمئة من حيث عدد السيارات المنتجة، بحسب صندوق النقد الدولي.

واعتبر خبراء أن الشركتين لا تزالان تعتمدان بشكل كبير على السوق الأوروبية التي تشهد تراجعا وتفتقدان لحضور قوي في الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم.

وقال جاسبر لولر الخبير في مركز “لندن كابيتال غروب” للتمويل والخدمات الاستثمارية إن “العقبة التالية هي تمرير الاتفاق تشريعيا. نعتقد أنه نظرا للتداعيات السلبية لتراجع قطاعة صناعة السيارات على نمو الاقتصاد الأوروبي وبخاصة الألماني، تحظى هذه الصفقة بفرص جيدة لإقرارها في الاتحاد الأوروبي”.

لكنّه أكد أن “التحدي الأكبر قد يأتي من الولايات المتحدة إذا شعرت إدارة ترامب بعملية تحوّل للعلامة التجارية كرايسلر لتصبح أوروبية”.

ورحّبت الحكومة الفرنسية بتوقيع الاتفاق.

وكانت فرنسا التي تملك حصة في “بي إس آ”، قد عارضت في وقت سابق من هذا العام اندماجا مقترحا بين شركتي رينو وفيات-كرايسلر.

واعتبر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير الإعلان عن توقيع الاتفاق “خبرا سارا للغاية”، واصفا إياه بأنه “مرحلة هامة نحو خلق بطل أوروبي”.

وقال نظيره الإيطالي روبرتو غوالتييري إن الحكومة الإيطالية “ستواصل مراقبة التداعيات على النمو والاستثمار والوظائف”.

وفي الولايات المتحدة قال “اتحاد عمال السيارات” إن “قطاع صناعة السيارات يواجه اليوم تحديات كثيرة ونأمل أن يجذب (الاندماج) فرصا للنمو”.