تعهدت الولايات المتحدة الأربعاء أخذ مخاوف الهند بعين الاعتبار مع تطلعها الى الانسحاب من أفغانستان، وذلك خلال محادثات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين تهدف الى تعزيز التحالف الناشئ بين الديموقراطيين.
وجرت المحادثات بين المسؤولين الاميركيين والهنود في واشنطن على خلفية تظاهرات ضخمة في الهند حول قانون الجنسية الذي يقول منتقدوه إنّه يستهدف المسلمين، لكنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان حذرا في مقاربته لهذه القضية.
وأوضح بومبيو ووزير الدفاع مارك اسبر بعد محادثاتهما التي استمرت ليوم واحد مع نظيريهما الهنديين سوبرامانيام جيشنكار وراجنات سينغ أن استئناف المحادثات الأميركية مع طالبان يهدف الى انهاء احدى أطول الحروب الاميركية.
وقال بومبيو خلال مؤتمر صحافي مشترك “نتفهم مخاوف الهند، والمخاوف المحقة حول الإرهاب الذي ينبثق من باكستان”.
وأضاف “أكدنا لهم أننا سنأخذ هذا بعين الاعتبار”.
وأمل بومبيو أن تؤدي المحادثات مع طالبان التي يقودها مبعوث بلاده زلماي خليل زاي في قطر الى “انخفاض ملحوظ في العنف”، ما يسمح للولايات المتحدة بخفض عدد جنودها هناك.
والهند عدو لدود لطالبان التي تحالف نظامها المتشدد بين عامي 1996 و2001 مع باكستان ورحبت بالإسلاميين المعادين للهند.
كما ان الهند من أهم الداعمين للحكومة الأفغانية المعترف بها دوليا، حيث ضخت ثلاثة مليارات دولار منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بنظام طالبان بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001.
وقال جيشنكار “بالطبع لدينا مخاوف حول مستقبل أفغانستان”.
وأضاف “نعتقد أن عملية المصالحة في أفغانستان يجب أن يقودها الأفغان”، معربا عن امله في ان يتم “الحفاظ” على مكاسب العقدين المنصرمين و”تعزيزها”.
ورفض اسبر التعليق على تقرير بأن الرئيس دونالد ترامب، الذي يرى أن هذه الحرب لا تستحق الأثمان التي تدفع من اجلها، قد يعلن عن سحب 4 آلاف جندي هذا الأسبوع، ما يخفض عدد الجنود الأميركيين هناك الى نحو 8,600 جندي.
– اضطرابات في الهند –
وتابعت واشنطن عن كثب التطورات الجارية في الهند خلال الأشهر الأخيرة.
وقُتل ستة أشخاص على الأقل في التظاهرات الكبيرة التي شهدتها البلاد على خلفية قانون للجنسية دافع عنه مودي، يسرّع إجراءات منح الجنسية فقط لغير المسلمين من دول مجاورة.
ويشير رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أن هدف الإجراء حماية الأقليات المضطهدة لكن منتقديه يعتبرون أنه جزء من مخطط أكبر لتقديم الهند على أنها دولة هندوسية والابتعاد عن أسسها العلمانية.
وحضّت وزارة الخارجية الأميركية نيودلهي على “حماية حقوق أقلياتها الدينية والامتثال إلى دستور الهند وقيمها الديموقراطية”.
لكن مراقبين في البلدين يشيرون إلى أن الإدارة الأميركية تبدو في وضع شائك في ما يتعلق بالتعاطي مع هذا الملف، نظراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه اتّخذ مواقف اعتبرت معادية للمسلمين ووصف المهاجرين المكسيكيين بالمجرمين.
وبالفعل فقد أتى موقف بومبيو من قانون الجنسية في الهند ضبابياً. وقال الوزير الأميركي ردّاً على سؤال بهذا الشأن “نعم، نحن نولي اهتماماً عميقاً ودائماً بحماية الأقليات، وحماية الحقوق الدينية، في كل مكان”,
وأضاف “نحن نحترم الديموقراطية الهندية حيث هناك نقاش قوي جارٍ داخل الهند” حول هذه المسألة.
وشدّد الوزير الأميركي على أنّ بلاده تنتهج سياسات “متجانسة في تعاملها مع هذه القضايا، ليس فقط في الهند، ولكن في جميع أنحاء العالم”.
لكن الانتقادات الأقسى جاءت من دوائر أخرى في الإدارة الأميركية خصوصًا اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية التي دعت إلى التفكير في فرض عقوبات على وزير الداخلية الهندي أميت شاه على خلفية القانون الجديد.
ويدرس الكونغرس الأميركي كذلك مشروع قانون قد يضغط على الهند لوضع حد لجميع القيود على الاتصالات في كشمير والإفراج عن المئات الذين اعتقلوا بعدما ألغى مودي في آب/اغطس الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به الولاية الوحيدة في الهند التي يشكل المسلمون غالبية سكانها.
وبرزت التجارة كذلك كنقطة خلافية أخرى في العلاقات بين البلدين.
وألغى ترامب في وقت سابق هذا العام امتيازات تجارية تفضيلية تتمتع بها الهند وصدّرت من خلالها منتجات بقيمة 5,6 مليار دولار في 2017، في خطوة لم تلق ترحيبًا في الهند حيث يتباطأ النمو الاقتصادي.
ومن المحتمل أن تناقش نيودلهي وواشنطن ملف أفغانستان، التي يأمل ترامب بسحب آلاف الجنود منها وإنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة في تاريخها عبر التفاوض مع طالبان.
وتعد الهند بين أشد داعمي الحكومة الأفغانية المعترف بها دوليًا وساهمت بثلاثة مليارات دولار منذ 2001، بينما كان نظام طالبان سابقًا حليفًا لخصمها باكستان واستقبل شخصيات معادية للهند.
لكن يخيّم كذلك التصويت الذي يجريه مجلس النواب الأربعاء على مسألة عزل ترامب على المحادثات بين الوزراء الأربعة.
-اعفاء من العقوبات الايرانية
ومنحت واشنطن إعفاءا نادرا من نوعه للهند من العقوبات المفروضة على إيران، ما يسمح لنيودلهي بتطوير ميناء تشابهار الإيراني بشكل مشترك.
وتملك الهند علاقات حميمة مع إيران، وهي تتوق الى ايجاد سبيل لتجاوز باكستان بهدف ارسال امدادات الى افغانستان.
وقال جيشنكار إن الهند “تشعر بالامتنان” للدعم الأميركي. وأكد مسؤول أمريكي أن الإدارة ستمدد الإعفاء طالما ان الحرس الثوري الإيراني لا يشارك في أعمال تشابهار.
وقال مسؤول طلب عدم كشف هويته “نحن ندرك أن تشابهار يلعب دورا هاما كشريان حياة لأفغانستان”.
ووافقت الولايات المتحدة والهند أيضا على إعداد برنامج تبادل لتوسيع نطاق البحوث في الفيزياء وتعزيز الاتصالات العسكرية وبدء التدريب المشترك لقوات حفظ السلام الآسيوية.
اضف تعليقا