في وقت كان ينتظر النشطاء وأعضاء حركة 6 إبريل إخلاء سبيل المنسق العام للحركة عمرو علي من السجن، عقب انتهاء مدة حبسه المقررة بعامين، إذا بالجميع يتفاجأ باستمرار الحبس على ذمة قضية أخرى.

وقررت النيابة العامة المصرية حبس علي لمدة 15 يوما على ذمة قضية الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون وهى القضية المعروفة إعلاميا بـ”دعم الشرعية”، المرتبطة برفض الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم في 2013.

ويبدو أن ثمة رغبة من الأجهزة الأمنية في عرقلة الإفراج عن “علي” خلال الفترة الحالية وغيره من النشطاء، فضلا عن فرض قيود على قيادات حركة 6 أبريل عقب إخلاء سبيله بعد قضاء فترة عقوبتهم.

قضية جديدة

ففي موقف غريب قررت نيابة أمن الدولة حبس عمرو علي 15 يوما، وهو موقف لم يحدث من قبل مع نشطاء سابقين حين تم إخلاء سبيلهم، خاصة وأنه كان داخل السجن خلال العامين الماضيين، ولم يقدم على تنفيذ أي شيء يمكن حسابه عليها.

ولكن الأغرب ما كشفه محمد عيسى، عضو هيئة الدفاع عن منسق 6 أبريل، الذي أكد أن القضية المتهم فيها “علي” تم إخلاء سبيل جميع المتهمين فيها.

وكان القضاء المصري قد أخلى سبيل جميع المتهمين في قضية “دعم الشرعية”، وجميعهم قيادات بأحزاب إسلامية مؤيدة لمرسي، بحسب عيسى.

وما يثير علامات الاستفهام حول كيفية انضمام علي لهذا التحالف المؤيد لمرسي، في حين أنه كان عضوا في حركة 6 أبريل المعارضة لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس الأسبق.

من هو عمرو علي؟

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على علي في سبتمبر 2015، ووجهت النيابة له اتهامات تتعلق بتوزيع منشورات ومقاومة السلطات وإثارة الشغب والدعوة للتظاهر والانضمام لحركة أسست على خلاف القانون، وصدر ضده حكم بالسجن في فبراير 2016 بالسجن 3 سنوات، ولكن تم تخفيف الحكم إلى عامين.

ويبلغ علي من العمر 33 عام، من مواليد مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وكان يعمل مدير مشتريات في إحدى المدارس، حتى فصل منها على خلفية عمله السياسي.

انضم علي لحركة 6 أبريل في 3 أبريل 2008، وفاز بمنصب منسق حركة 6 أبريل، وسبق ذلك توليه مدير العمل الجماهيري منذ سبتمبر 2009 حتى أغسطس 2011، ومنها إلى عضوية المكتب السياسي.

ولعمرو علي تاريخ من الاعتقالات منذ عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، إذ تم اعتقاله عام 2008، ثم في 2010 بسبب دعمه لمحمد البرادعي، وفي 2011.

وكان له دور فاعل في تمدد الحركة إلى محافظات الشرقية، القليوبية، بني سويف، مطروح، السويس.

معتقلو 6 أبريل

لم تتوقف عمليات اعتقال قيادات وشباب 6 أبريل منذ تأسيسها وحتى الآن، وكان آخر المعتقلين شاب يدعى عبد الله يحيى من أمام منزله بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة قبل أيام، دون معرفة أسباب وظروف اعتقاله حتى الآن.

وسبق يحيى بالتأكيد علي ومؤسسي الحركة أحمد ماهر ومحمد عادل، وغيرهم من المعتقلين في تظاهرات بذكرى الثورة وأحداث كبيرة أخرى.

“ماهر وعادل” صدر ضدهما إضافة إلى الناشط أحمد دومه، في ديسمبر 2013، حكما بالحبس 3 سنوات والمراقبة 3 سنوات أخرى، بتهمة تنظيم مظاهرة أمام محكمة عابدين إثر قيام ماهر بتسليم نفسه إلي النيابة بعد ورود اسمه في قائمة المتهمين بخرق قانون التظاهر في الدعوة للمظاهرات ضد محاكمة المدنيين عسكريا أمام مجلس الشورى المصري.

ولم تتوقف حملات الاعتقالات لنشطاء وأعضاء بحركة 6 أبريل، في إطار عمليات ملاحقة المعارضة للنظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي.

ومن بين الأسماء المعتقلين على خلفية قانون التظاهر من حركة 6 أبريل، (شيماء سامح محمد البنا، سارة سامح محمد البنا، عمرو على محمد صالح، فادي مصطفى فرج أحمد، مهاب أحمد اسماعيل أحمد، عماد عبد الحميد، مصطفى محمود صبحى، كريم شلبي طه متولى، عبد الرحمن عبد الناصر).

كما ضمت قائمة المعتقلين من الحركة خلال عام 2014، (محمد أحمد بصلة، إمام فؤاد، علي محمد أبو سنة، فخر الدين أحمد سلمان عادل، محمد شريف السيد متولي حجاب، مصطفى أحمد محمد الشرقاوي، أحمد مجدي، رامي عمر، أحمد فرج، محمد فؤاد، محمود فرحات، سامي عمر، محمد علاء، أحمد عبيد).

ظروف الاعتقالات

توقيت عملية ملاحقة شباب ونشطاء 6 أبريل جاءت جميعها عقب الإطاحة بمرسي من الحكم في 2013، وكانت البداية مع ماهر وعادل ودومه، وهو ما يعكس وجود رغبة انتقامية من النظام ما بعد 3 يوليو تجاه النشطاء الذين ساهموا في ثورة 25 يناير.

وتوالت عمليات القبض على النشطاء بشكل عام وفي القلب منهم شباب 6 أبريل، على خلفية قضايا معروفة وهي “الانضمام لحركة تأسست على خلاف القانون، خرق قانون التظاهر، وتوزيع منشورات، السعي لقلب نظام الحكم، تكدير الأمن والسلم العام”.

وهذه الاتهامات تعرف في الأوساط الحقوقية بـ “المعلبة” وتلفق لأي شخص معارض للنظام الحالي أو يكون مغضوب عليه من الأجهزة الأمنية.

ويتم وضع النشطاء في سجن ليمان طرة، دون وضعهم في سجون شديدة الحراسة، إلا أنهم يعانون من تضييق شديد عليهم وتعرضهم للتأديب كثيرا من خلال وضع بعضهم في زنزانة انفرادية والمنع من التريض.

لماذا التعنت؟

لا يمكن اعتبار ما حدث للنشطاء سواء المفرج عنهم أو الذين لا يزالون في السجن وبالتأكيد على رأسهم عمرو علي، إلا في إطار عملية تعنت وانتقام من قبل النظام الحالي والأجهزة الأمنية، ولكن لماذا هذا التعنت؟.

هناك تخوف من تكرار تجربة ثورة يناير ضد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وهو ما كشف عنه خلال أحد مؤتمرات الشباب حينما حذر من تكرار الثورة لما لها من آثار مدمرة على مصر، ويبقى أن الشباب المحرك لثورة يناير يمكن أن يلعبوا الدور نفسه، وبالتالي هناك حاجة للتضييق عليهم والزج بهم في السجون.

في حالة ماهر وعادل حصلوا على مراقبة لمدة 3 سنوات بعد الإفراج عنهم، ولكن علي لم يحصل على العقوبة نفسها وبالتالي فربما هناك حاجة لاحتجازه لفترة أطول.

كما أن الحركات الشبابية يصعب السيطرة عليها في ظل القدرة على التحكم وإثارة الأزمات والخلافات وإضعاف الأحزاب السياسية التي يفترض أن تمارس دورا في المعارضة للنظام الحالي، ولكنها حتى الآن غير مؤثرة على السيسي.

ويرغب السيسي في هدوء تام قبل انتخابات الرئاسة المقرر لها العام المقبل، وبالتالي فثمة حاجة ماسة إلى التضييق على النشطاء تماما وليس إتاحة الفرصة لقيادات الحراك الشبابي بممارسة حياتهم مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، بما قد يؤثر سلبا على مسيرته لفترة رئاسية ثانية.