في مطلع أكتوبر الماضي أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني السعودي بمدينة الرياض، عن تنظيمها للمنتدى الدولي للأمن السيبراني في دورته الأولى خلال شهر فبراير/شباط المقبل، تحت رعاية الملك سلمان بن عبد العزيز.

الأمر الذي أثار استغراب كثيرًا من الحقوقيين والنشطاء، بعد نشر تقارير أمريكية عن قيام النظام السعودي بالتجسس على معارضيه في الخارج، باستخدام أحدث تقنيات التجسس والتي تدعى “بيغاسوس”، وتبلغ قيمتها مليار دولار.

حيث قالت مجلة “فوربس” الأمريكية، في تقريرها الصادر أواخر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، إن الحملة التي يقودها النظام السعودي ضد المعارضين المغتربين أصبحت أكثر اتساعًا وانتشارًا، حيث شهدت الحملة سلسلة من الهجمات الرقمية في الأشهر التي سبقت اغتيال الصحافي المعارض “جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في اسطنبول أكتوبر 2018.

وأوضح التقرير أن نظام المملكة اعتمد على برنامج التجسس “بيغاسوس”، الذي يقوم باختراق الهواتف والحواسيب ثم يمكنه جمع المعلومات من خلال دردشات الواتساب ورسائل البريد الإلكتروني، والتجسس على الأشخاص عبر كاميرا الهاتف الذكي والميكروفون.

وبالعودة إلى منتدى الأمن السيبراني، المزمع إقامته بعد نحو شهرين، فإن المملكة ذكرت على لسان وكالتها الرسمية (واس)، أن المنتدى، الذي يستمر لمدة يومين، يهدف إلى «استكشاف آفاق جديدة للتعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني، تتم من خلاله صياغة المبادرات الدولية، وتبادل الخبرات والتجارب بين الدول في هذا المجال بالغ الأهمية».

كما أشارت الوكالة إلى أن المنتدى يهدف أيضاً إلى «تسليط الضوء على جهود تعزيز الأمن السيبراني في المملكة بقيادة الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وبالتعاون مع القطاعات كافة، علاوة على بناء القدرات الوطنية، ونمو قطاع الأمن السيبراني في المملكة، وتشجيع الاستثمار والابتكار فيه».

وهو ما نسفه الكشف عن قيام سعوديين بالتجسس على حسابات معارضين للنظام السعودي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، في شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.

حيث أعلنت وزارة العدل الأميركية، في وقتها، أن محكمة فيدرالية في سان فرانسيسكو، وجّهت اتهامات إلى موظّفَين سابقَين في شركة “تويتر” بالتعاون مع أمريكي، بالتجسّس على حسابات معارضين على “تويتر” وجّهوا انتقادات للعائلة المالكة في السعودية.

وكشفت العدل الأميركية، أن المتّهمين الثلاثة وهم سعوديان وأميركي عملوا معا لصالح الحكومة السعودية وأفراد في العائلة المالكة من أجل الكشف عن هويات أصحاب الحسابات المعارضة للنظام السعودي على تويتر.

ووفقًا للائحة الاتّهام، فإن الأشخاص الثلاثة كانوا ينفّذون توجيهات مسؤول سعودي لم يتم الكشف عن هويته يعمل لصالح شخص أطلق عليه المحققون تسمية “عضو العائلة المالكة-1″، وقد أفادت صحيفة واشنطن بوست بأنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. والمتّهمون هم موظفا تويتر علي الزبارة وأحمد أبو عمو (مواطن أمريكي)، وأحمد المطيري وهو مسؤول تسويق على صلة بالعائلة الملكية، حيث عمل كوسيط بين الموظفين والحكومة السعودية، ووفقًا لوثيقة الادعاء فإنه قدم للرجلين مئات الآلاف من الدولارات بالإضافة إلى ساعة “هابلو” الفارهة.

في الوقت الذي أكدت فيه شركة “تويتر” في بيانها: “نحن ملتزمون بحماية هؤلاء الذين يستخدمون خدماتنا للمطالبة بالمساواة والحريات الشخصية وحقوق الإنسان..”

وحسب تقرير مجلة “فوربس”، فإن محاولات عدة لاختراق هواتف وحواسيب معارضين في الخارج تمت خلال الفترة الماضية تحت رعاية الحكومة السعودية، ومن أبرز النشطاء الذين تحدث عنهم التقرير؛ الناشط السياسي يحيى عسيري، والكوميدي غانم المصارير، والناشط عمر عبد العزيز المقيم في مدينة كيبك الكندية، حيث تعرضوا لمحاولات قرصنة عدة من قبل النظام السعودي.

الأمر الذي زاد من مخاوف العديد من النشطاء السياسيين والمعارضين في الخارج للنظام السعودي، الذين اضطرتهم الظروف للهروب بأنفسهم وعائلاتهم خوفًا من بطش النظام السعودي، الذي يبدو وكأنه يسعى إلى التخلص من معارضيه من خلال تتبع بياناتهم وهواتفهم الذكية ثم العمل على تهديدهم وتصفيتهم كما فعل مع خاشقجي.