السلطات المصرية رفضت الإفراج عن مصطفى قاسم رغم حالته الصحية المتأخرة

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية وفاة معتقل أمريكي داخل السجون المصرية الاثنين 13 يناير/كانون الثاني بعد ست سنوات من الاحتجاز التعسفي على خلفية تهم ملفقة، حُكم عليه بسببها بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً، ما دفعه لإعلان إضرابه عن الطعام احتجاجاً على ذلك الحكم.

مصطفى قاسم (54 عاماً)، مواطن أمريكي من أصول مصرية، كان يعيش في نيويورك، وأثناء قضائه إجازته في مصر قُبض عليه بصورة عشوائية أثناء فض اعتصام ميدان رابعة العدوية وسط القاهرة في أغسطس/آب 2013، حيث شهد الاعتصام حملة دموية من قبل القوات الأمنية بعد الانقلاب العسكري على الذي أوصل عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في مصر، حيث كان وزيراً للدفاع والآن أصبح رئيساً لمصر.

عملية احتجاز مصطفى قاسم شابها الكثير من الانتهاكات القانونية والحقوقية، بدءً من عملية اعتقاله، حيث تم الاعتداء عليه بالضرب والسحل من قبل الجنود المصريين، الذين انتزعوا منه جواز سفره الأمريكي، وبعدها احتجز في ظروف قاسية غير آدمية في سجون مصر المختلفة، عانى بداخلها من الإهمال الطبي المتعمد حيث لم تكن إدارات تلك السجون توفر له الأدوية اللازمة له خاصة وهو مصاب بمرض السكري وضعف عضلة القلب.

بعد حوالي خمسة سنوات من الاعتقال حُكم عليه بالسجن 15 عاماً في سبتمبر/أيلول 2018، على خلفية اتهامه في قضية معارضة للسلطات، وهي تهم نفاها قاسم تماماً، حيث أصر طيلة فترة احتجازه أنه لا صلة له بالمعارضة أو العمل السياسي.

الحكم على قاسم دفعه للإضراب عن الطعام، احتجاجاً على المحاكمة الجائرة واستمرار احتجازه “غير الشرعي”.

محمد سلطان، مواطن مصري/أمريكي وأحد المدافعين عن حقوق الإنسان، علق على وفاة مصطفى قاسم، والذي كان قد قضى معه أربعة أشهر بالسجن، قائلاً “لم يكن لمصطفى أي اهتمامات سياسية، لقد اعتقل بصورة عشوائية أثناء تواجده بالصدفة في مكان الفض… من السُخف أنه تُوفي”.

حالة مصطفى قاسم كانت موضع اهتمام من قبل إدارة ترامب، ففي رحلته إلى القاهرة في سبتمبر/أيلول 2018، قام السيد ” مايك بينس”، نائب الرئيس الأمريكي، بمناقشة قضيته مع عبد الفتاح السيسي، وكذلك حالة أمريكي آخر مسجون، وهو أحمد عتيوي.

عبد الفتاح السيسي وعد بالاهتمام بالحالتين بحسب ما صرح به نائب الرئيس الأمريكي، والذي أضاف “لقد أخبرته أننا نود أن نرى هؤلاء المواطنين الأمريكيين مع عائلاتهم وأن يعودوا إلى بلدنا”.

من الجدير بالذكر ان مصر تعتبر ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، حيث تتلقى 1.3 مليار دولار سنويًا، لذلك كان ترامب دائم الإشادة بالسيسي، ووصف أدائه بالرائع، بل وقال عنه ذات مرة أنه “الديكتاتور المفضل لدي”، على الرغم من حملات القمع التي يشرف عليها السيسي ضد حرية الرأي والتعبير، والتنكيل بالمعارضة.

مصطفى قاسم علق آماله على ترامب وعلى جوازه الأمريكي في أن يحموه من القمع المصري، ولكن خيبة الأمل كانت حليفته طوال الوقت. بعد أيام من الحكم عليه في سبتمبر/أيلول 2018، أرسل قاسم طالباً المساعدة من ترامب رسالة بخط يده ]تم تهريبها من السجن[ قال له فيها “مثلك أنا، من نيويورك… بدأت إضراباً عن الطعام رغم علمي جيداً أنه سيشكل خطراً على حياتي… ولكنني أضع حياتي بين يديك”.

أرسل قاسم هذه الرسالة لترامب آملاً أن يهتم به كما اهتم بمواطنة أمريكية من أصول مصرية، وهي آية حجازي، والتي ضغط ترامب على السلطات المصرية في 2017 للإفراج عنها بعد أن اتهمت في قضايا مشابهة في مصر.

الفريق العامل المعني في مصر، وهو مجموعة من خبراء الحزبين الجمهوري والديمقراطي، قاموا بإرسال رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في يونيو/حزيران الماضي، محذرين من خطورة استمرار احتجازه داخل مصر نظراً لكونه مصاباً بمرض السكري، وبضعف عضلة القلب، وهي الرسالة التي رد عليها بومبيو بتأكيده على اهتمامه بالأمر، ولكن دون خطوات فعلية.

ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، علق على وفاة مصطفى قاسم في مؤتمر صحفي عُقد وفاته مباشرة “أشعر بالحزن العميق لوفاة المواطن الأمريكي مصطفى قاسم المسجون في مصر”، وتابع ” موته في الحجز أمر مأساوي كان يمكن تجنبه”.

تم تسليط الضوء على قضية الإهمال الطبي في السجون المصرية في يونيو/حزيران الماضي بعد وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهو أول رئيس مدني منتخب بطريقة ديموقراطية، حيث فقد وعيه داخل قفص زجاجي عازل للصوت خلال جلسة استماع قضائية وتوفي بعدها مباشرة، لتحمل عائلته السيسي ونظامه مسؤولية وفاة مرسي والذي كان يشتكي لسنوات من الإهمال الطبي داخل السجون.

وفاة مرسي دفعت بالعديد من الجهات الحقوقية المعنية في العالم بالضغط على السلطات المصرية لتحسين الأوضاع في السجون، إلا أن شيئاً لم يتغير.

يوم الاثنين، قالت جماعة العمل الوطنية المصرية، وهي جماعة معارضة، إن أكثر من 300 معتقل في سجن العقرب أعلنوا إضرابهم الكلي عن الطعام منذ 5 يناير/كانون الثاني، عقب وفاة زميلهم في السجن محمود صالح (47 عاماً) في الحجز بسبب سوء الرعاية الطبية.

يُذكر أنه منذ تولي السيسي السلطة في مصر عام 2013، والسلطات المصرية تشن حملات اعتقالات مكثفة طالت عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اتهمتهم بتهم سياسية، من بينهم 7 أمريكيين لا زالوا قيد الاحتجاز، وكان قاسم أول هؤلاء الأمريكيين الذين يموتون في السجون المصرية.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا