لا تتوقف خروقات وتجاوزات الإمارات للقرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن والخاصة بحظر التسليح المفروض على عدة دول، وفقا لتقارير أممية.

الإمارات التي ترغب في لعب دور متصاعد على الساحة الإقليمية لتعزيز نفوذها ومكاسبها الاقتصادية وضرب منافسيها الإقليميين، دأبت على القيام بأدوار مشبوهة خلال السنوات الماضية.

استغلت توافر الأموال لديها في تعزيز مصالحها الخاصة بغض النظر عن تأثيرات هذا على المستوى الإقليمي والدولي، والأهم هو التأثيرات السلبية على شعوب الدول التي تتدخل في شؤونها بصورة سرية.

ظنت الإمارات أن أفعالها السرية والخاصة بخرق حظر التسليح المفروض من قبل مجلس الأمن لن تنكشف يوما، إلا أن التقارير الأممية التي تصدر بصفة دورية كشفت جزءا من ممارساتها، وهو ما يتطلب في المقام الأول وقفة دولية أمام مخططات حكام الإمارات.

خرق التسليح بإريتريا

كانت أحدث صفعة تلقتها الإمارات حيال كشف دورها السري في بعض البلدان، ما جاء في تقرير أممي صادر عن فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات المفروضة من مجلس الأمن الدولي على إريتريا.

التقرير اتهم الإمارات صراحة بخرق حظر تصدير الأسلحة في تحدٍّ واضح للقرارات الدولية، قبل أن يستعرض جزءا مفصلا عن دورها في إريتريا.

وذكر التقرير أن الأقمار الصناعية كشفت أن الإمارات واصلت الإنشاءات الخاصة بقاعدتها في منطقة عصب الإريترية، وأن تجهيز منطقة الرسو في الميناء اكتمل تقريبا، بينما يتواصل تشييد مرافق على اليابسة، لاسيما في القاعدة الجوية.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية زيادة كبيرة في نشاط ميناء عصب، مثل تزايد أعداد السفن البحرية، بما فيها سفن الإنزال والهجوم السريع، ومراكب الدوريات، منذ أواخر 2016.

وكان الأمر الغريب توقف السفن الإماراتية عن إرسال الإشارات الخاصة بنظام التعرف الآلي “إيس” منذ منتصف أكتوبر 2016.

وهنا يرتبط دور الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية لها في إريتريا بداية من عام 2015، لاستخدامها في شن هجمات على اليمن، وهذا في حد ذاته خرق لقرارات مجلس الأمن، وقد يعرض إريتريا إلى عقوبات دولية.

كما تمضي الإمارات في مخططهاالتوسعي في دول البحر الأحمر، وهذا في سبيل عمليات التأمين لسفن النفط الإماراتية، فضلا عن منح مزيد من التوسع لشركة موانئ دبي التي باتت تستحوذ على نسبة كبيرة من الموانئ وتعمل في 31 دولة.

دعم الإرهاب

أما في الصومال، فكان خرق قرارات مجلس الأمن لا يتعلق بالسلاح ولكن بحظر شراء الفحم باعتباره أحد مصادر تمويل حركة الشباب، وهي حركة مصنفة على لائحة الإرهاب الدولية.

التقرير الأممي أكد أن الخبراء التابعين لمجلس الأمن أحرزوا تقدما في التحقيق بشأن المستندات المزورة الصادرة من جيبوتي، والتي سهلت وصول شحنات من الفحم الصومالي إلى ميناء الحمرية الإماراتي.

وأظهرت عمليات التحقيق أن كل الوثائق التي تم تقديمها في الميناء الإماراتي على أنها صادرة عن سلطات جيبوتي لتصدير الفحم إلى الإمارات كانت مزورة.

وما يزيد الشكوك حول هذه الشحنة، هو رفض الإمارات الرد على أسئلة فريق الخبراء حيال الوثائق المزورة الخاصة بشحنة الفحم، بما يشي بوجود دعم من الإمارات لحركة الشباب في الصومال،لكن لا يوجد اتهام صريح للإمارات بالتقرير.

وهنا يتضح سبب تهرب الإمارات من الرد على أسئلة فريق الخبراء، وهو عدم وجود ما يؤكد صحة المستندات الخاصة بالشحنة.

تهريب سلاح إلى ليبيا

وكان لليبيا نصيب كبير من الدعم الإماراتي،متمثلا في حليفها قائد القوات الموالية لمعسكر برلمان طبرق خليفة حفتر، حيث تم أيضا خرق حظر تصدير الأسلحة والدعم العسكري المفروض على ليبيا.

الإمارات تنحاز منذ 2014 بشكل واضح وصريح إلى حفتر جنبا إلى جنب مع النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، وكانت بداية خرق قرارات مجلس الأمن في توجيه ضربة جوية على خصوم حفتر.

وفضحت أمريكا في أغسطس 2014 التحركات الإماراتية والمصرية للتدخل العسكري، إذ كشف عن توجيه ضربات جوية على أهداف لكيانات إسلامية من معارضي حفتر.

ولم تكن الإمارات تتوقع كشف الدعم العسكري وخرق قرار مجلس الأمن من قبل أمريكا، لذلك لجأت إلى عمليات تهريب للأسلحة.

وفي مارس 2015، كشف تقرير أممي عن عمليات تهريب سلاح إلى ليبيا لا تشمل نقل الذخائر والسلاح فقط، بل وطائرات مقاتلة، بدعم مصري.

وفي شهر يونيو الماضي، صدر تقرير أممي عن تكرار خروقات الإمارات لحظر التسليح، كما أن مركز “ستراسفور” للأبحاث أشار -في معرض حديثه عن تصاعد دور الإمارات- إلى وجود أصول عسكرية في قاعدة بشرق ليبيا بالقرب من مصر، وتابعة لحفتر.

هل تتوقف؟

لا تشير تحركات الإمارات إلى توقفها عن الممارسات السرية والمشبوهة خلال الفترة المقبلة، في ظل المضي قدما لتنفيذ مخططات توسعية وممارسة نفوذها، وهو أحد أسباب الحملة ضد قطر لتقليل نفوذها الإقليمي.

والسؤال هنا ما الذي يعرقل مواجهة تحركات الإمارات وخرقها قرارات مجلس الأمن؟

وتكمن الإجابة في النقاط التالية:

أولا: استثمارات الإمارات:

وتشكل عائقا لأي تحركات دولية ضد الإمارات؛فضخها استثمارات كبيرة في عدد من الدول الكبرى وحجم التبادل التجاري بينها وبين الدول دائمي العضوية في مجلس الأمن يجعلهم مترددين بشأن موقف معاد لها.

وتعتبر الإمارات الأولى عربيا بحجم الاستثمارات في أمريكا بما يزيد عن 17 مليار دولار، كما يتوقع وصول حجم التبادل التجاري مع الصين بحلول عام 2020 إلى 50 مليار دولار، كما تضخ استثمارات في أوروبا من دون وجود إحصائية بإجمالي الأموال.

ثانيا: العلاقات السياسية:

كما أن العلاقات السياسية والدبلوماسية القوية بين الإمارات وأمريكا تحديدا يمثل عرقلة كبيرة أمام اتخاذ أي إجراءات حيال الإمارات، إذ إن أمريكا تعتبر دول الخليج بشكل عام حليفا استراتيجيا، كما أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع كبرى الدول الغربية.

ثالثا: عدم وجود آليات ردع:

وعلى الرغم من صدور إدانة في التقارير الأممية حيال خرق الإمارات قرارات مجلس الأمن فإنها لا ترتقي إلى الاتهامات الرسمية، إذ إنها تقاريرمن خبراء تقدم إلى مجلس الأمن وهو الذي يحدد كيفية التعامل مع المعلومات الواردة.

ويفتقد مجلس الأمن آليات حقيقية رادعة لممارسات الإمارات، من دون تصعيد الأمور معها في إطار العاملين السابق ذكرهما، ولكن ربما يكون هناك ضغوط عليها لوقف هذا الخرق المتكرر.