قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن توترا مكتوما بين القاهرة وباريس، على خلفية ملفات اقتصادية وحقوقية، دفع فرنسا لعدم الاستجابة إلى طلب مصري لشراء فرقاطات من طراز “فريم” لتحديث أسطول القوات البحرية المصرية بها.
وكشفت المصادر أن التوتر بدأ بين الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” ونظيره الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، خلال زيارة الأخير إلى مصر، في يناير/كانون الثاني 2019، ودخولهما في سجال علني حول مسألة حقوق الإنسان وأولويتها في الحكم.
حينها، كرّر “السيسي” تمسكه بأن حقوق الإنسان في مصر تختلف عنها في أوروبا، وأن الاهتمام يجب أن يقتصر على ما يسميه الرئيس المصري “الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، قاصداً بذلك الأجور والمعاشات وصور الضمان الاجتماعي المختلفة والتشغيل والإسكان.
وبعد تلك الواقعة، اعتبرت الإدارة الفرنسية أن “السيسي” اتخذ خطوات اعتبرتها باريس استفزازية ولا تنم عن احترام، أبرزها عدم حلّ مشاكل الحقوقيين الذين اجتمع بهم “ماكرون” خلال زيارته السابقة، وجميعهم تقريباً متهمون في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع الأهلي، وممنوعون من السفر ومن التصرف في أموالهم.
من الممارسات المصرية التي أزعجت فرنسا أيضا، الزج في التحريات الأمنية التي أجريت في بعض القضايا الخاصة بالمنظمات الحقوقية وناشطي العمل الأهلي بأسماء عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين، الحاليين والسابقين، باعتبارهم من الشخصيات صاحبة الأجندات المعادية للنظام المصري، وجاء ذلك لمجرد عقد هؤلاء اجتماعات مع الناشطين في إطار تواصلهم مع المجتمع المدني.
ومن الإشكاليات أيضاً في ملف آخر، تفضيل الحكومة المصرية لعروض أمريكية وأوروبية أخرى على حساب العروض الفرنسية في بعض المناقصات التي أجريت العام الماضي في قطاعات خدمية ومرفقية عديدة، رغم سابقة وعد القاهرة لباريس بترسيتها عليها، وذلك في إطار حرص “السيسي” على استغلال مصادر العلاقات التجارية في روابط المصالح مع العواصم الغربية، بحسب ما نقله موقع “العربي الجديد”.
كل هذا دفع باريس إلى رفض طلب القاهرة الأخير، والذي تقدمت به في 10 من الشهر الجاري لشراء فرقاطات “فرايم” للقوات البحرية، وبدلا من ذلك قال المسؤولون الفرنسيون لنظرائهم المصريين إنهم لن يستطيعوا الوفاء بالطلب المصري على نحو سريع، ووجهوهم لطلب تلك القطع من إيطاليا، حيث تشترك روما مع باريس في برنامج صناعة هذه الفرقاطة.
لكن الإحالة إلى إيطاليا من شأنها أن تضع “السيسي” أمام تحد آخر، وهو التوتر الحاصل في العلاقات مع روما أيضا، على خلفية عدم حدوث تقدم في قضية الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني” الذي عثر عليه مقتولا وعليه آثار تعذيب بمصر، في 2016، وكذلك تجدد التوتر على خلفية اعتقال القاهرة باحث الماجيستير “باتريك جورج” لدى وصوله إلى مصر.
لكن، مع ذلك، يسود تفاؤل حذر في القاهرة بعدم معارضة روما تلك الصفقة، نظرا لضخامتها، حيث ستشمل بيع فرقاطتين “فريم” وطائرات هليكوبتر ومقاتلات من طراز “يوروفايتر تايفون”، بالإضافة إلى أسلحة وتجهيزات أخرى بمبلغ 9 مليارات يورو، وهي الصفقة التي ستكون تاريخية في علاقات البلدين
اضف تعليقا