رغم أن تحركاته جاءت في الأساس لتقديم أوراق اعتماده لدى واشنطن كحاكم مختلف وتاريخي للمملكة، فإن محمد بن سلمان يبدو أنه بات لا يخفي قلقه من الولايات المتحدة، فالأخيرة ليست من أصحاب الدعم الثابت الذي لا يتزعزع للحلفاء، مهما قدموا من تنازلات، وما تجربة التخلي الأمريكي المفاجئ عن حسني مبارك في مصر وبن علي في تونس ببعيدة.

حتى الطريق الذي دخل منه بن سلمان إلى الحظيرة الأمريكية من أوسع أبوابها كان مقلقا من البداية ومكلفا، فأبناء زايد الذين يتعاملون في المنطقة على أنهم الوكلاء الحصريون والمقربون من واشنطن الجديدة التي يحكمها ترامب، نجحوا في اجتذاب بن سلمان، مستغلين طموحه ورغبته الجامحة في السيطرة، فكانت القمة الأمريكية السعودية الإسلامية، والتي اعتبرت بمثابة زلزال في المنطقة، حيث أتبعها إعلان الحصار والمقاطعة من السعودية بتحريض إماراتي، ومعهما البحرين ومصر، ضد قطر.

بن سلمان فى زيارة لواشنطن

أول اختبار

الحصار أول اختبار حقيقي للعبة الولاء بين السعوديين والأمريكيين، لكن النتيجة كانت مخزية، فبعدما شجع ترامب الرياض على الانضواء جنبا إلى جنب مع أبو ظبي لحشر الدوحة في الزاوية، ظهر أنه لا يملك من الأمر الكثير أمام دولة المؤسسات الأمريكية التي رفضت، على ما يبدو، تلك الخطوة المتسرعة، بداية من اتخاذها، وحتى طريقة تنفيذها، فكانت خيبة الأمل واضحة لدى “بن سلمان”.

قمة جبل الجليد بين الجانبين كانت بمطالبة وزير الخارجية الأمريكي صراحة برفع الحصار عن قطر، واستنكار إجراءات دول الحصار، هنا ارتبك المشهد، لا سيما بعد أن بدأت الإمارات تتنصل مما حدث، رغم أنها تعد السبب الرئيسي للأزمة، وباتت السعودية، بموقعها ومكانتها الكبيرة عربيا وإقليميا في موقف لا تحسد عليه، وأصبح “بن سلمان” ظهره إلى الحائط، فالتراجع أمام قطر، سيضاف إلى فشل “عاصفة الحزم” في اليمن، ما يعني أن مستقبله السياسي، بل ووجوده الشخصي، بات على المحك.

ترامب و وزير الخارجية الأمريكي

الأمريكيون مستاءون

تحت عنوان “من يحاول حقا الإطاحة بمحمد بن سلمان؟” كتب المعلق السياسي الأمريكي أندرو كوريبكو تحليلا في موقع “جلوبال سيرش”، اعتبر فيه أن الولايات المتحدة هي من تحاول زعزعة الوضع في المملكة حاليا، وليس قطر أو إيران، بالتزامن مع التغيير المثير للجدل في القيادة بالسعودية والتحول الاقتصادي الذي يقوده “بن سلمان”، بعدما بات الرجل الأمريكي غير راض عن الوضع، لا سيما بعد أن بدأت السعودية في التوجه نحو روسيا والصين، مؤخرا.

وأكد كوريبكو أن التقارب السعودي مع روسيا والصين، لم يأت فقط بسبب القلق من الولايات المتحدة، بل أيضا من الغيرة التي تملكت الرياض بسبب العلاقات المميزة التي تربط كلا من الدوحة وطهران، بموسكو وبكين.

بن سلمان و بوتين