في ظل مواجهتها لصعوبات مالية شديدة، أعلنت  إمارة أبوظبي عن اقتراضها 7 مليارات دولار من السوق الدولية، لمواجهة الأزمة التي تعرضت لها بسبب تداعيات فيروس كورونا الجديد على اقتصاد الإمارات.

وكشفت أبوظبي عن القرض الكبير بعد مواجهة الإمارة الغنية بالنفط لركود شديد أصاب مختلف الأنشطة الاقتصادية، بعد تهاوي أسعار النفط الخام في السوق العالمية رغم محاولات إنقاذ الأسعار من السقوط.

والأحد، أعلنت أبوظبي، عن إصدار سندات سيادية (أدوات دين) مقسمة على ثلاث شرائح، الأولى بقيمة ملياري دولار لمدة 5 سنوات، والثانية بقيمة مماثلة لمدة 10 سنوات، والثالثة بـ3 مليارات دولار لمدة 30 عاماً.

وتسبب “كورونا” في تعرض مختلف القطاعات الاقتصادية لضربة مزدوجة بعد انتشاره عالمياً، مع تهاوي عائدات النفط وانهيار أسعار عقود خام برنت العالمي إلى ما دون 28 دولاراً للبرميل، لتفقد نحو ثلثي قيمتها منذ بداية العام الحالي، ما دفع المصرف المركزي إلى طرح حزمة تحفيز بقيمة 256 مليار درهم (69.7 مليار دولار).

ويهدد انهيار أسعار النفط معظم البلدان المنتجة للخام بشكل خطير، لا سيما في الخليج، التي تحتاج إلى أسعار نفط بين 60 و85 دولاراً وربما أكثر، لتحقيق التوازن في ميزانيتها. وتحتاج الإمارات إلى 65 دولاراً للبرميل لتحقيق هذا التوازن.

وحسب وكالة الأنباء الإماراتية “وام” فإن سعر العائد للسندات البالغ أجلها 5 سنوات تحدد بواقع 2.2 في المائة فوق نسبة العائد على سندات الخزينة الأميركية، و2.4 في المائة لأجل 10 سنوات و2.7 في المائة لأجل 30 سنة.

وفي مارس/آذار الماضي، حدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات عند 0.758 في المائة، وفائدة ثلاثين عاما عند 1.4 في المائة.

ويأتي التحاق أبو ظبي بنادي المقترضين من السوق الدولي، والمخاوف من تزايد معدلات الاستدانة حال استمرار تداعيات كورونا وهبوط النفط، ليضفي مصيراً غامضاً حول مستقبل إنقاذ إمارة دبي عالية الاستدانة، والتي تعاني ظروفاً اقتصادية قاسية في ظل تسبب الوباء في شل أركان الإمارة التي تعتمد بشكل رئيسي على السياحة والاستثمار والتجارة.

وفي أوقات سابقة، رجح محللون ومصادر في القطاع المالي أن تلجأ دبي إلى صفقة إنقاذ مماثلة لتلك التي قدمتها لها أبوظبي الغنية بالنفط بعد أزمة مالية في 2009، لكن الآمال في تحقيق ذلك هذه المرة ربما تكون صعبة في ظل تحديات تهاوي عائدات النفط مع الانهيار الحالي للأسعار.

ومددت دبي، يوم الجمعة الماضي، حظر التجوال الشامل على مدار 24 ساعة أسبوعاً جديداً، في إطار برنامج التعقيم الشامل للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، لتتحول إلى إمارة أشباح، بينما لم تهدأ لسنوات طويلة من صخب السياح والمتسوقين من مختلف أنحاء العالم.

وفرضت الإمارات حظر تجول ليلياً على مستوى البلاد منذ 26 مارس بسبب حملة التعقيم، لكن دبي، في الرابع من إبريل/نيسان الجاري، وسعت نطاقه داخل الإمارة ليكون على مدار 24 ساعة لمدة أسبوعين.

وتسبب الوباء في تأجيل معرض “إكسبو” الدولي في دبي لمدة عام، بينما كانت تعول عليه الإمارة بشكل كبير في إنعاش قطاعات حيوية وإخراج أخرى من عثرتها المستمرة منذ بضع سنوات، على رأسها العقارات.

وكانت دبي تأمل في جذب نحو 25 مليون زائر إلى الحدث، الذي كان مقررا في السابق أن يبدأ في 20 أكتوبر/تشرين الأول القادم ويستمر لمدة ستة أشهر.

وأنفقت دبي مليارات الدولارات على البنية التحتية للاستعداد، وكان مسؤولون محليون وآخرون تنفيذيون قد قالوا إن الحدث العالمي سيكون محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي.

وتعتمد دبي على السياحة بشكل كبير، ويزورها نحو 16 مليون شخص سنويا. وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية العالمية قد ذكرت في تقرير لها، في فبراير/شباط الماضي، أن قطاع الضيافة في دبي هو الأكثر تعرّضاً لمخاطر كورونا في منطقة الخليج.

ويزيد تضرر السياحة والطيران والتسوق في الإمارات من مأزق القطاع العقاري، وفق وكالة التصنيف العالمية، التي استبعدت في تقرير آخر نشر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل ظهور فيروس كورونا، أن يُحسن معرض إكسبو 2020 الظروف “القاسية” التي تمرّ بها سوق العقارات في دبي.

ولا تقتصر أضرار تهاوي النفط وكورونا على الإمارات، وإنما تطاول باقي دول الخليج بنسب متفاوتة، في حين أشارت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية، مؤخرا، إلى أن السعودية ستتحمل الضرر الأكبر لأنها تحتاج إلى سعر نفط يبلغ نحو 91 دولاراً للبرميل لتحقيق توازن مالي.

وبدأت السعودية، الأربعاء الماضي، تسويق سندات دولارية على ثلاث شرائح بفائدة أعلى كثيراً من مستويات الفائدة على السندات الأميركية، التي تستثمر فيها المملكة نحو 182.9 مليار دولار حتى نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.

وجاءت السندات لأجل خمس سنوات ونصف، بفائدة 3.15 في المائة فوق الفائدة المحددة على سندات الخزانة الأميركية، وسندات لأجل عشر سنوات ونصف عند نحو 3.25 في المائة، وسندات لأجل أربعين عاماً عند نحو 5.15 في المئة.

ورفعت الرياض سقف الدين إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من مستوى سابق عند 30 في المائة في مارس/آذار، بينما كان بنهاية ديسمبر/كانون الأول من العام 2019 عند 24.1 في المائة.

وتتصاعد نسبة الدين من الناتج المحلي بمستويات قياسية منذ عام 2015، لتبلغ بنهاية العام الماضي 24.1 في المائة، بينما لم تتجاوز 1.6 في المائة في 2014.

وكانت وزارة المالية قد أعلنت، في يناير/كانون الثاني الماضي، إصدار سندات دولية بقيمة خمسة مليارات دولار، كأول طرح خلال 2020 لسد العجز المتوقع في الميزانية العامة.

وكشفت السعودية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن موازنة 2020 بإنفاق 272 مليار دولار (أقل من عام 2019)، مقابل إيرادات بـ222 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 50 مليار دولار، لكن محللين ماليين يتوقعون تضاعف العجز في ظل كورونا وتهاوي النفط.

وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير له، في مارس/ آذار الماضي، من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ “إصلاحات جذرية في سياساتها المالية” التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضاً ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024، ثم سلطنة عُمان في 2029، والكويت في 205

.

اقرأ أيضاً:  تحليل ألماني.. أحلام “دبي” تتحول إلى كوابيس بعد تأجيل “إكسبو 2020”