عند تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة العربية السعودية عام 2017 أعلن عن خططه المستقبلية للتطوير والإصلاح فيما أسماها بـ “رؤية 2030″، وكان من بين تلك الخطط، مشروع مدينة ضخمة تُسمى ” مشروع نيوم”، تُبني على ساحل البحر الأحمر، إلا أن هذه الأحلام على وشك الانهيار بعد تصاعد الأصوات المعارضة لها من داخل المملكة على خلفية قيام الشرطة السعودية بقتل أحد المواطنين الرافضين لها.

الأسبوع الماضي قامت الشرطة السعودية بقتل المواطن السعودي عبد الرحيم الحويطي، وهو أحد أبناء قبيلة الحويطات التي تسكن في المنطقة المخطط إقامة المدينة عليها، وكان من أشد الرافضين لقرار الحكومة بإخلائهم منازلهم لإقامة المشروع، وسبق نشر مقاطع فيديو على الإنترنت قال فيها إنه من بين العديد من الأشخاص الذين يرفضون ترك منازلهم لإفساح المجال لمخطط نيوم الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار (788 مليار دولار)، متوقعاً أن يدفع حياته ثمناً لذلك.

وأضاف في أحد المقاطع “كل من يرفض ترك منزله يتم اعتقاله والاعتداء عليه… لقد اقتحمت الشرطة منازل تسعة أشخاص وقامت باعتقالهم حين رفضوا تنفيذ القرار، وسوف يحين دوري قريبًا… هذه نتيجة طبيعية حين يحكمنا أطفال مثل محمد بن سلمان… لا تتفاجأ إذا تم اتهامي بالإرهاب، وإعلان السلطات وجود أسلحة في منزلي بعد وضعها لي”.

الحكومة السعودية أصدرت بياناً بعد مقتل عبد الرحيم الحويطي يوم الأربعاء، قالت فيه “لقد فتح الحويطي النار على الضباط الذين حاولوا اعتقاله”، وأضافت ” تم العثور على مخبأ للأسلحة في منزله”، موضحة أن الحويطي “كان متحصنًا فوق المبنى خلف أكياس رمل ولم يستجب لنداءات رجال الأمن له بالاستسلام”.

بعد مقتل الحويطي خرجت العديد من الأصوات التي بدأت تشكك في مدى جدوى مشروع “نيوم”، بسبب انهيار أسعار النفط الناتج عن الحرب السعودية الروسية، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا الذي قلل الطلب على النفط، الذي يعد المصدر الرئيسي الذي يعتمد عليه اقتصاد السعودي بصورة شبه كلية.

في سياق متصل، سُرِّب تقرير استشاري إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” العام الماضي عن مصير 20 ألف شخص يعيشون في 16 ألف كيلومتر مربع من المنطقة المخصصة لمشروع “نيوم”، وكان رد السلطات بأنه سيتم الإبقاء على من يفيد المشروع فقط، أما البقية فيجب أن يتم ابعادهم.

يُذكر أنه قبل مقتل الحويطي، ويعاني ولي العهد السعودي -البالغ من العمر 34 عاماً- من أزمات متتالية داخل وخارج المملكة، ظهرت بصورة جلية عن قيامه في مارس/آذار المنصرم باعتقال اثنين من كبار أفراد العائلة المالكة، الذين اتهموا بالتخطيط لإسقاط الملك والانقلاب على الحكم.

تُعد “نيوم” جزء من الخطة الكبرى لابن سلمان، التي تهدف إلى تحديث اقتصاد البلاد استعدادًا لعالم تتوقف فيه عائدات النفط عن أن تكون مصدرًا موثوقًا للتمويل الوطني، وقد تم بالفعل بخصخصة شركة النفط الحكومية “أرامكو” جزئياً لجمع الأموال للاستثمار في الصناعات الجديدة، بما فيها مدينة نيوم، كما قام بتشجيع الشركات على استبدال العمال الأجانب بالعاملين المحليين، على الرغم من أن هذه الإجراءات قد فاقمت الأزمة الاقتصادية المباشرة.

ومشروع نيوم، بحسب رؤية ولي العهد، يهدف إلى انعاش السياحة وتطوير أنظمة الحياة المختلفة بالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة مع العيش وسط المساحات الخضراء والسيارات الطائرة والروبوتات.

توقف العمل بالمشروع السعودي السياحي نيوم

على صعيد آخر، أصدر صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء أحدث تقرير له يستفسر عن الأسس المالية لدول الخليج. جاء فيه “إذا ما قيست بالأسعار الحقيقية، فإن أسعار النفط لم تكن منخفضة بهذا الشكل منذ عام 2001”.

حتى قبل تفشي فيروس كورونا، الذي أثر بصورة سلبية على الطلب، كان صندوق النقد الدولي يحذر من أن دول الخليج تنفق أكثر بكثير من أسعار النفط المخفضة المسموح بها، ما يعني أن احتياطياتها النقدية قد تنفد في غضون 15 عامًا.

ورغم ذلك قام ابن سلمان بالدخول في حرب أسعار مع روسيا بعد قراراته الأخيرة حول انتاج النفط وهي القرارات التي انتقدها الكثيرون واعتبروها دليلاً على عدم نضج ابن سلمان، حيث فقد أمر بزيادة الإنتاج لدرجة أنه تجاوز الطلب بمقدار 30 مليون برميل يوميًا في جميع أنحاء العالم.

وبموافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وافق الأمير والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خفض الإنتاج هذا الشهر – ولكن بحلول ذلك الوقت كان ولي العهد قد أثار بالفعل غضب مجموعة من السياسيين والنشطاء، إلى جانب السيد ترامب ، الذي كان من أكبر داعمي ابن سلمان في كافة الأزمات التي مر بها، وخاصة في مسألة مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 داخل السفارة السعودية في تركيا.

من جانبهم، أكد الخبراء المهتمين بالشأن السعودي ان الأزمة الحالية، سواء أزمة النفط أو كورونا ستؤثر في مسار عمل خطط رؤية 2030، حيث قال عبد الله خالد آل سعود، من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية “أعلنت الحكومة بالفعل عن تخفيض بنسبة 5 في المائة من ميزانيتها لعام 2020، وأظن أن هناك مزيد من تدابير التقشف”، مضيفاً أنه “بطبيعة الحال أعتقد أن بعض مشاريع رؤية 2030 الكبرى قد تأخذ مقعدًا خلفيًا لبعض الوقت”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

 

اقرأ أيضاً: صحيفة فرنسية: بعد أقل من عام ونصف .. بن سلمان يقتل خاشقجي جديد!